![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
حاتم بن رجيبة
2024 / 6 / 9
لو تأملت في مصير الشعوب في التاريخ الحديث لأدركت أن البشر في تحرك مستمر، بطيء أحيانا وسريع أحيانا أخرى.
لكن هذه الهجرة المستمرة للملايين من الأفراد والأسر رغم تنوعها وتوزعها على كامل العالم و في كل الحقب فإنها تصنف إلى نوعين رئيسيين .
النوع الأول وهو من ألطاف الله السائد فهو الهجرة السلسة التي من خلالها يغزو شعب ما شعبا آخر إما ليقاسمه خيرات موطنه أو يستعبده ويستغله ويسيطر عليه لكن دون أن يبيده أو يطرده بالكامل ويستحوذ تماما على الموطن الجديد وهذا ينطبق على جل الهجرات البشرية والحركات الإستعمارية قديماوحديثا: مثل هجرة أبناء العالم الثالث إلى الدول الغربية المصنعة أو التوسع الإمبريالي الإستعماري العربي والروماني والإغريقي والفارسي والجرماني و الياباني والفرنسي والإسباني والعثماني وحتى الغزو النازي والفاشي الإيطالي . فالغازي والمستعمر والشعب المهاجر يبقى قلة مقارنة بالمواطنين الأصليين، في حال الإستعمار يمثل الدخلاء النخبة المسيطرة يستغلون العباد والثروات وفي حال هجرة اليد العاملة يكونون مواطنين من الدرجة الثانية يقدمون خدمات للشعب المظيف مقابل عيش رغد مقارنة بالموطن الأصلي.
لكن النوع الثاني من تحرك الشعوب فهو عنيف جدا وفظيع ووحشي وقمة في الدموية والإبادة والعنصرية . الشعب الدخيل ينزع منذ أن صمم غزو الشعب الآخر أن يبيده ويمحقه عن بكرة أبيه!! هو لا ينوي أبدا استعباده واستغلاله كما في جل الهجمات الإمبريالية الإستعمارية بل يريد تطهير الوطن الجديد من سكانه بالكامل . يريد الكل ولوحده. فللشعب الفيروسي الغائر خياران إما أن يقتل ويبيد جسديا الشعب الأصلي أو يطرده إلى شعوب الجوار أو يستعمل المنهجان الإثنان معا: الإبادة الجسدية والطرد. المهم أن لا يبقى أحد من السكان الأصليين.
هذا المثال الفيروسي الوحشي من الإستيطان طبقه بنجاح هائل الأوروبيون في الولايات المتحدة الأمريكية بإبادتهم الجسدية الكلية للهنود الحمر: قتل وسفك وذبح وتجويع وفيروسات وسموم مثل الكحول والموبقات كما نجح نجاحا ،،باهرا،، في أستراليا ونيوزيلاندا.
فلم يبق من السكان الأصليين إلى قلة تعد على الأصابع يقبعون في سجون: مستعمرات!! يموتون ببطء من جراء الكحول والمخدرات و العزلة .
لكنهم فشلوا في الجزائر والهند و جنوب إفريقيا.
هل سينجحون في فلسطين أم سيفشلون؟؟؟؟ هل سيتمكن البيض القادمون من أوكرانيا وروسيا وبولونيا وكل أطراف أوروبا من إبادة عرب فلسطين عن بكرة أبيهم ليبقى عدد ضئيل يعيش في مستعمرات(سجون) كما صار للهنود الحمر. أم سيفشلون كما فشلوا في جنوب إفريقيا لينتفض الفلسطينيون ويسترجعوا أرضهم وسيادتهم كما نجح إخوانهم في الجزائر والهند؟؟
حتى نعي احتمال نجاح الصهاينة في توطيد ولايات متحدة جديدة في الشرق الأوسط أو فشلهم علينا التأمل فيما صار في الجزائر والهند وجنوب إفريقيا وما الذي أنقذ تلك الشعوب من الإندثار و المحق.
لو تمعنت مليا لأدركت أن عنصرا وحيدا ورئيسيا هو الذي يفضي إلى الإبادة أو النجاة . هذا العنصر هو الديموغرافيا!!!
حتى ينجح الشعب المستوطن الفيروسي الغاشم عليه أن يبيد على الأقل 90 % من السكان الأصليين: بالقتل أو بالطرد أو معا !!
كلما بقي جزء مهم من الشعب الأصلي قابعا في موطنه أكثر من 30 % كلما كان مصير مشروع الإبادة والتصفية الفشل و الهزيمة .
لم ينجح الفرنسيون والأوروبيون في قتل وطرد جل الجزائريين فبقوا قلة فانهزموا وطردوا كما طرد الإنجليز من الهند والأوروبيون من جنوب إفريقيا.
الصهانية فشلوا بعد قرن من الإبادة والقتل والطرد والذبح في تحقيق نسبة ديمغرافيا تقارب ال-90 % في كل فلسطين.
الفلسطينيون يمثلون قرابة نصف السكان في وطنهم: كل فلسطين، وما داموا بتلك النسبة فسيربحون وسيطردون الصهاينة والأوروبيين إن آجلا أم عاجلا!!
هاذا ما يفسر كم المآزرة العملاقة للأوروبيين للصهاينة في سعيهم لإبادة العرب: لأنهم إخوانهم، لأنهم هم، من عرقهم: أوروبيوون ! الأمريكيون والفرنسيون والإنجليز والألمان والإيطاليون والروس لا يساعدون غرباء، لا يآزرون شعبا آخر كما ظننا على الإستحواذ على أرض الغير بل يساعدون أنفسهم!!!
بيض الغرب من أمريكا إلى سيبيريا كلهم يبيدون سويا عرب فلسطين!! الصهيوني هو أوروبي أبيض، هو فرنسي و إنجليزي وبولوني وأوكراني وروسي . ليس الصهاينة من يبيد العرب بمساعدة أمريكا وأوروبا بل الأوروبيون كلهم موزعين على العالم يبيدون في مشروع استيطاني استعماري الفلسطينيين .
حتى ينجح الصهاينة عليهم طرد وإبادة 90 % من السكان الأصليين أي 7 ملايين نفس بشرية !!! وهذا ما يقومون به دون هوادة منذ قرن تقريبا !!
على العرب و كل مجتمعات العالم الغير غربي الإتحاد والتصدي المميت لمشروع الإبادة وبكل الوسائل: الحرب المسلحة والدعائية والدبلماسية والإقتصادية... الفلسطينيون لا يتحاربون ضد إسرائيل كما ظننا بل ضد أوروبا شرقها وغربها والولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلاندا: الغرب!!
لن ينجح إخواننا الفلسطينيون أمام هذا العدو الجبار دون مساعدة دول الشرق الأوسط أولا: من أفغانستان شرقا حتى المغرب غربا وكل الدول الغير غربية: إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية...
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |