من أكاذيب المدافعين عن أنبوب نفط -البصرة العقبة-

علاء اللامي
2024 / 6 / 6

خلال بحثي عن مصادر حول مشروع أنبوب البصرة العقبة المشبوه، قرأت مصادفة تقريرين إخباريين الأول في موقع صحيفة "العربي الجديد" اللندنية والثاني في موقع صحيفة إلكترونية هي "عراق إلترا" وكلاهما يعود إلى سنة 2022، وقد دهشت لكمية المغالطات والأكاذيب الفاقعة وغير المعقولة التي احتوياها. ومنها: "إن هذا الأنبوب سيخلص ثلاثين بالمائة من النفط العراقي من قبضة إيران التي تسيطر على مضيق هرمز في الخليج العربي ويجعله أقرب إلى السوق الأوروبية، لأن ما يمر عبر تركيا لا يتجاوز 100 ألف برميل يوميا، وإن من يعارضون هذا الأنبوب هم الإسلاميون الشيعة من حلفاء إيران. هذه الكمشة من الأكاذيب المخجلة والمعيبة ينسبها التقريران إلى متخصصين وخبراء يذكر منهم منار العبيدي ونبيل المرسومي وهي تقفز على الحقائق والأرقام المعروفة والشائعة وهذه ردود على بعضها:
1-رداً على قولهم إنَّ حلفاء إيران السياسيين الشيعة هم الذين يرفضون ويعادون مشروع أنبوب البصرة العقبة مستشهدين ببيان للمالكي وتصريحات لساسة من الأحزاب الشيعية نقول إنَّ الحكومات التي بدأت بالترويج والتعاقد والتنفيذ لهذا المشروع هي حكومات تقودها الأحزاب الإسلامية الشيعية الحليفة إيران وآخرها حكومة السوداني التي شكلها ويدعمها الإطار التنسيقي. وكان أكثرهم تحمسا للمشروع هما نوري المالكي وعادل عبد المهدي. ولا علاقة مباشرة لإيران بهذا الموضوع بل هي معادلة وافق عليها الساسة الشيعة العراقيون وقدمها الاحتلال الأميركي يوافق بموجبها على تسليمهم قيادة الحكم بالشراكة مع الساسة الكرد مقابل تدمير العراق وقتله سريرياً وتنفيذ مجموعة خطيرة من المشاريع التي أعدتها مجموعة كروكر الاستخباراتية ومنها مشروع أنبوب البصرة العقبة.
أما قول المدافعين إن هذا المشروع واجه "موجة اعتراضات وشبهات" أثارتها جهات سياسية مقرّبة من إيران"، فهي كذبة أخرى تريد الشطب على الأصوات الوطنية والاستقلالية واليسارية التي رفضت هذا المشروع وبينت عيوبه أمام الرأي العام ومن هؤلاء الأساتذة الخبراء في اقتصادات النفط والمال:
-حمزة الجواهري
-أحمد موسى جياد
-د. عبد علي عوض
-فؤاد قاسم الأمير
-ماجد علاوي
-المهندس والوزير السابق المستقل عامر عبد الجبار
مقابل هذه الأسماء المعروفة لا نكاد نجد خبيرا أو متخصصا نفطيا أو ماليا واحدا يحسب على أحزاب الإسلاميين الشيعة أو السنة! أما الذين أصدروا بعض المواقف والبيانات ضده في عهد حكومة الكاظمي فقد فعلوا ذلك لأسباب سياسية انتهازية لأنهم سرعان ما سكتوا وابتلعوا ألسنتهم حين بدأت حكومتهم برئاسة السوداني تنفيذ المشروع، أستثني من هؤلاء النائب البصري مصطفى جبار سند الذي واصل بشجاعة معارضته للمشروع!
2- وردا على قولهم إنَّ أنبوب "البصرة العقبة" يجعل النفط العراقي قريبا من السوق الأوروبية نقول إنَّ هذا الأنبوب لا يؤدي إلى أوروبا بل إلى ميناء إيلات الإسرائيلي في فلسطين المحتلة الذي يقع مقابل ميناء العقبة البحر الأحمر/ انظر الصورة المرفقة، وهذه حقيقة يعرفها حتى تلاميذ الابتدائية.
3-مَن يريد أن يقترب فعلا من أسواق أوروبا عليه أن يدعو إلى إعادة تأهيل خطين بريين إلى البحر المتوسط عبر سوريا؛ الأول قديم بطاقة 2.2 مليون برميل يومياً ويحتاج إلى إعادة تأهيل مكثفة وينقل نفط كركوك إلى كل من حمص وميناء بانياس، والثاني جديد ينقل النفط الثقيل من الحقول الشمالية إلى طرطوس وبطاقة 1.5 برميل يومياً؛ وبذلك يمكن أن تتوفر طاقة تصديرية من خلال المنفذ السوري تفوق أنبوب البصرة - العقبة في حالة إكمال مدّ كلا الأنبوبين أو أيٍّ منهما. فلماذا يسكت هؤلاء المدافعون عن خط البصرة العقبة عن هذا الخيار سكوت المقابر؟
*وفي الواقع فأحدهم - نبيل المرسومي - لم يسكت أو يتنسى هذا البديل السوري بل تكلم بصراحة عنه وكرر المواقف الأميركية المعادية لسوريا لكونها أصبحت منطقة نفوذ روسية، وقال كما يقتبس عنه التقرير الإخباري المذكور إن "أنبوب "البصرة ـ عقبة" هو الحل الوحيد لكونه الخط الوحيد المتاح أمام العراق، لأن الخط العراقي السوري (بانياس) تحيطه مشاكل سياسية عديدة إضافة إلى الوضع السياسي غير المستقر بفعل النفوذ الروسي الكبير في سوريا".
4- ثم أن الخليج العربي ممر بحري دولي وليس صحيحا ما يقوله العبيدي من "إن "96% من شحنات النفط العراقية لا تمر إلا بموافقة إيران ما يجعل الاقتصاد العراقي مرهونًا بيد مضيق هرمز ومن يسيطر على المضيق"، فلا سلطة لإيران على هذا الممر المائي الدولي وليس العراق فقط هو الذي يصدر معظم نفطه عبر الخليج العربي، بل جميع الدول الخليجية المنتجة للنفط والغاز، بل إن بعضها كالكويت ليس لديها خيارات برية أخرى مثلما لدى العراق. علما أن تكاليف نقل برميل النفط عبر خط البصرة العقبة يصل إلى تسعة دولارات بينما لا يكلف عبر موانئ البصرة أكثر من ستين سنتا أي نصف دولار تقريبا.
5- يقولون إن خط أنبوب العراق تركيا لا يصدر أكثر من مائة ألف برميل يوميا. هذه معلومة كاذبة فالكمية المصدرة عبر هذا الخط (بالأحرى هما خطان) هي ما بين نصف مليون ومليون برميل يوميا. و"تبلغ السعة التصميمية لخط كركوك جيهان العراقي التركي ما بين 500,000 إلى 1,100,000 برميل/ الموسوعة الحرة ويكيبيديا". أما وجود مشاكل إدارية وسياسية وقضائية بين تركيا والعراق في الوقت الحاضر فلا يعني القضاء على هذا الخط وإلغاءه أو التقليل من طاقته الاستيعابية لترويج الخط المشبوه "البصرة العقبة".

حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت