عشتار الفصول:14138 الإنسان وجد كفيلسوف قبل أن يكون عاقلاً.

اسحق قومي
2024 / 6 / 6

لانعرف كم من السنين استغرقتها حياة الكائن البشري منذ وجوده الأول حتى المرحلة التي بدأ يشعر بتميزه عن الأشياء والعالم( الذات والموضوع) ؟!!. لكننا نستطيع القول بأنّ الإنسان قبل أن تتكوّن ملكاته الإدراكية عاش المحاكاة والتأمل تلك التي تشبه المنولوج الداخلي. ومجموعة تلك الأسئلة التي كان يطرحها الإنسان على ذاته خاصة عندما كان يرى الوجود والعالم والتحولات التي تطرأ عليه . مثل النهار والليل والظلمة والنور والبرد والمطر .كلّ هذا شكّل البواكير الأولى للفكر الفلسفي.
وبهذا نستطيع أن نقول وجد الإنسان فيلسوفاً قبل أن يكون مفكراً .وذلك من خلال طرحه العديد من الأسئلة على نفسه من خلال ما كان يراه ويسمعه في واقعه.ولهذا شكلّت تلك الأسئلة المحرك الأساسي للعقل وقدراته .سواء أكانت العقلية أو الإدراكية أو التحليلية أو النقدية أو الحسية أو الجمالية أو الإبداعية بشكل عام .
لأنّ أهمية الإبداع الفلسفي تكمن في مجموعة الأسئلة ونوعها وجوهرها تلك التي يطرحها الإنسان الفيلسوف.
وتُشكّل أهم المرحلة العقلية والتي تبدأ كحالة جنينية وتشمل مرحلة الحمل والولادة ووجودها العملي والفعلي وبعد هذا الوجود والواقع والحالة نجد أنفسنا في موقع آخر مغاير عن المرحلة التي سبقت الأسئلة فيستلزم منا التفكير الجدي في أجوبة على تلك الأسئلة. ومهما كانت تلك الأجوبة وحالتها وقربها من ملامسة الحقائق الواقعية إلا أنها تُشكل استجابة واقعية لتلك الأسئلة .
ولهذا فإنّ الأسئلة هي مبتدأ ولادة الفكر الفلسفي .وقد شغلت فلاسفة كُثر أولهم الفيلسوف اليوناني طاليس الذي قال بنوعين من الأسئلة.
سؤال يتعلق بالكائن البشري نفسه أولاً والسؤال الثاني يتكوّن من سؤال أكثر غموضاً من الأول ونعني به السؤال عن أصل العالم، والوجود والتغيرات التي تطرأ على ماهية الوجود ومظاهره؟
واعتبر أن أصل الوجود هو الماء .بينما نرى أفلاطون يقول بوجود وجودين . وجود مفارق ووجود حسي .ويقصد بالوجود المفارق عالم المثل .وأما الوجود الحسي فيقصد به ذاك العالم الذي نعيش فيه .
أما سقراط فيرى بأن أصل الموجودات (ماهيات) أي حقيقتها .وأنّ غاية الوجود وأصله هي التعرف على تلك الماهيات، كما ونراه يُخالف غيره من الفلاسفة الذين بحثوا عن أصل الوجود من خلال عنصر أولي أو السبب الأول، وأُطلق عليه( الأبيرون) وهذا الأبيرون هو عنصر مادي بحت.
فمنهم من قال بأنه الماء كما طاليس ومنهم من قال بأن الأبيرون هو الهواء كما وأنكسميناس .
أما أرسطو مؤسس علم المنطق نراه يميز بين الوجود ومكوناته وعلله وأصوله .
وقال بأن هذه الأمور هي جانب نظري وأما الجانب العملي فهو مجموعة النشاط الذي نقوم به . ويقول: بأننا نصل إلى العلم عن طريق العقل .وبأنّ العام لايوجد إلاّ في الجزئي وندركه بطريقة حسية .وشرط المعرفة هو الاستقراء الذي يتجلى من خلال الإدراك الحسي. كما ميز مابين المادة والصورة .المادة عنده إمكانية سلبية للصيرورة وأما الصورة فهي الماهية ويعني بها ماهية الوجود.
كما قال وميز بأهمية بدء الحركة والغاية التي هي الدافع لفعل شيء ضمن الماهية والوجود.
وأشار إلى موضوع العلل الأولية وغير أولية.والحقيقة لانريد أن نُسهب في تلك التحولات التي تطرأ على المادة والتي تتبادل الأدوار مع الصورة إلا أننا نخلص من تلك الأدوار إلى نشوء المنطق الصوري عند أرسطو حيث نراه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنظرية الوجود وبنظرية المعرفة الابستمولوجيا والتي تعني نظرية العلم أو المعرفة العلمية. كما قال بنظرية الحق وميز بين اليقين الذي يتحقق ومابين اليقين المحتمل .ويرى بأن اللغة هي الرابط الذي يربط مابينهما .
كما ويقول أرسطو بأن (البديهيات العليا ) ليست موجودة في عقولنا لكنها يمكن أن تكون عن طريق التأمل. وغاية العلم عنده هي تعريف الموضوع (الذات والجوهر) ولكنه يشترط في هذا أن يجتمع الاستنباط، والاستقراء.كما ونراه يُنادي بمذهب مركزية الأرض للكون.
ولو تتبعنا هذه الموضوعات لدى الفلاسفة عبر العصور لطال بنا المقام .ولكننا نكتفي بهذه الإشارات عن الوجود الذي يدخل في عالم فكرتنا وكيف نستهلك العالم معرفيا وهذا ما فعله الإنسان الأول ومن تلاه.
من خلال هذه الأمثلة القصيرة نستطيع القول بأنّ الفكر الفلسفي اليوناني انشغل بتفسير الوجود عن طريق كمية كبيرة ومتنوعة من الأسئلة والمدارس التي غدت الأساس الأول للفلسفة اليونانية والعالمية وما تلاها ،وعلينا ألاّ ننسى القول بأنّ الفيلسوف اليوناني تمكن من خلال قدرته على معرفة العالم في تعدد وجوهه وحالاته .وأرجع ذلك التنوع إلى أصل واحد ومن هنا فإن العمليات العقلية بمختلف مستوياتها تعمل ضمن إطار الأسئلة التي تشغل حيزاً يسبق المعالجات عند العقل البشري.
فالوجود يسبق الإنسان والأسئلة تسبق المعرفة الكلية .لابل تُشكل تلك الأسئلة أساس معرفي لوحدة الأشياء ضمن النفس العاقلة .
وبهذا الشكل تتشكل الانساق المعرفية لدينا تلك الخاصة بكل علم من العلوم الإنسانية.
وننتهي بهذه الجزئية إلى رأي يقول . إنّ الفيلسوف مجموعة من المعارف تتشكل من خلال الكيفية التي تقوم عليها أسئلته حول الوجود والعالم والإنسان نفسه ومدى قدرته على الإبداع وتوظيف القدرات العقلية والحسية في إنتاج معرفي يُشارك في التراث الإنساني بشكل عام.
نعتقد بأنّ الفلسفة والمذاهب الفلسفية كانت قد بدأت مع ذاك الإنسان الكثير الأسئلة والمتعددة والمختلفة والذي وضع الأسس الأولية للفكر الفلسفي تلك التي كانت بمثابة منطلقات أساسية لايمكن تجاوزها مهما بلغت بنا قدراتنا على إبداع مذاهب فلسفية جديدة .
إنّ الإنسان هو من أوجد كلّ هذه المحاور عن طريق ملاحظته ومحاكاته واستقرائه واستنباطه وتتابع أفكاره التي غدت عالماً نسميه الفلسفة ،والذي سنراه فيما بعد ينقسم بحسب التصنيف المهني إلى عدة أقسام منها المثالي والمادي والتوفيقي وغير ذلك
وللحديث بقية.
# اسحق قومي.5/6/2024م

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي