|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
محمد رضا عباس
2024 / 6 / 4
عند John Mueller و Karl Mueller , فان أسلحة الدمار الشامل ( أسلحة كيمياوية وبأيدولوجية و صواريخ بعيدة المدى) الذي اتهم الغرب صدام حسين على امتلاكها في سنوات ما قبل التغيير , لم تكن بالفعل إسحله دمار شامل , وانما العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة بالضغط من امريكا وبريطانيا كانت هي بالحقيقة سلاح دمار شامل والتي دمرت العراق والعراقيين . الزوجين توصلوا الى حقيقة مفادها ان استخدام العقوبات الاقتصادية بعد الحرب الباردة والتي استخدمت من قبل دول كبار أدت الى موت اكثر ما قتلت أسلحة الدمار الشامل في جميع العصور.
طبعا لو بقى العالم على توازنه (قوتين مهيمنتين بدلا من قوة واحدة) لما كانت العقوبات الاقتصادية مدمرة , كما أصبحت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. قبل الانهيار كان تأثير الحصار الاقتصادي محدودا لأنه عندما تفرض دولة معينة حصارا اقتصاديا على دولة أخرى , يقوم الطرف الاخر بمحاولة تقليل اثارها . على سبيل المثال , فان الحصار الأمريكي على كوبا كان غير مجديا بسبب المساعدات السوفيتية السخية لها . ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي , أصبحت المقاطعات الاقتصادية للوصول الى تحقيق هدفا سياسيا اكثر فعالية واكثر موجعة .و أصبحت العقوبات اكثر ضرر خاصة عندما تتشارك اكثر من دولة لديها أسلحة متقدمة تستخدم ضد منافسيها بدون كلفة كبيرة. بكلام اخر , بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أصبح فرض العقوبات سهلا ميسورا واقل كلفة على من يفرضها او على الاقتصاد العالمي.
لقد كان تأثير المقاطعة واضحا جدا على العراق , لان اقتصاد البلد كان يعتمد على الصادرات النفطية , ورغبة قادة البلد في استخدام تأثيرات المقاطعة المدمرة على الشعب العراقي لأغراض الدعاية بدلا من التنازل عن السلطة .
في ذلك الوقت لم يكن من الممكن معرفة عدد ضحايا الحصار بالدقة لان الحكومة العراقية لم تسمح للوكالات الدولية المستقلة من احصائها , ولكن عدد من الوكالات التابعة للأمم المتحدة استطاعت ان تتوصل الى تخمينات أولية مفادها , ان الحصار الاقتصادي كان السبب بموات مئات الالاف من العراقيين.
بوصول عام 1998 , كانت وفيات الأطفال الرضع مقارنة بما قبل حرب الخليج والتي كانت 3.7 % الى 12%. قلة الطعام والدواء , وانهيار شبكات المجاري و الطاقة الكهربائية , أدى الى وفاة 40,000 في السنة الواحدة من الأطفال تحت عمر 5 سنوات , و50,000 وفاة سنوية لكبار العمر.
حتى السماح باستيراد بعض المواد المهمة لحياة المواطنين كانت في اغلب أحيان تتأخر بدخول العراق بحجة استعمالها المزدوج , احتمالية استخدامها في انتاج سلاح الدمار الشامل. فقد منعوا من دخول السرنجة (syringes) خوفا من استخدامها في انتاج سم (anthrax) . ومنعت مادة الكلورين والتي نستخدم لتعقيم مياه الشرب خوفا من استخدامها في انتاج غاز كلورين والذي استخدم في الحرب العلمية الأولى , وحرم على العراق من استيراد مكائن تشخيص الامراض والتي كانت متوفرة قبل الحصار , ومنع أيضا أكياس حفظ الدم المستخدم في الحالات الطارئة .
الزوجان , توصلا الى استنتاج مفاده بان الحصار الاقتصادي على العراق أدى الى موت من العراقيين يفوق عدد قتلى جميع ضحايا أسلحة الدمار الشامل عبر التاريخ . لقد كان عدد ضحايا القنبلة الذرية على هيروشيما و نيكازاكي هو 100,000 ضحية , والموت عن طريق الأسلحة الكيمياوية هو 80,000 في الحرب العالمية الاولى . واذا اضيف عدد ضحايا استخدام الأسلحة الكيمياوية واستخدام السلاح البيولوجي و الصواريخ البعيدة المدى بعد الحرب العالمية الأولى , يكون عدد الضحايا هو ما يقارب 400,000 ضحية , وهو عدد اقل بكثير من اعداد ضحايا العراق من الحصار الاقتصادي.
الكاتبين اقترحوا , انه طالما وان الحصار الاقتصادي لم يستطع اسقاط النظام وطالما وان الحصار اصبح أداة قتل للشعب العراقي , فمن الاحسن استخدام أدوات أخرى , ومنها هو فرض حصار على استيرادات العراق من الأسلحة , منع صادرات التكنلوجيا المتقدمة له , تسهيل بعض القيود على استيراد بعض السلع التي تخفف من اوجاع الشعب العراقي , وتقديم جميع أنواع المساعدات الى المعارضة العراقية اذا كانت لها القدرة والإصرار على اسقاط النظام. الغرب كان باستطاعته ابلاغ القيادة العراقية بان استخدام أسلحة دمار شامل في أي معركة قادمة يعني اسقاطها حتى ولو كان عن طريق الاحتلال . وطالما وان صدام يريد البقاء على راس السلطة , وليس الانتحار, فان استخدام سلاح دمار شامل من قبل حكام بغداد يصبح في حكم المستحيل .
John Mueller and Karl Mueller, Sanction of Mass Destruction, Foreign Affairs, Volume 78, No.3, 1999.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |