تونس بعد 25 جويلية، صمت وخمود!!

حاتم بن رجيبة
2024 / 5 / 29

لا أحد يفهم بالظبط ماذا يجري في تونس بعد 25 جويلية حين أسقط قيس سعيد منظومة ما بعد 2011 ودستور 2014 وإنهاء الشرعية الإنتخابية لأحزاب البرلمان والسلطة التنفيذية.

ما حصل يوم 25 جويلية هو بمثابة قنبلة ذرية نسفت الحياة السياسية بالكامل، قوضتها عن بكرة أبيها، حصدتها ولم تترك سنبلة واحدة قائمة . سوت الأرض وبطحتها.

بعد 25 جويلية ساد السكون وانخفضت الأصوات وزال الضجيج وهدأ التوتر و سكتت الحناجر.

ولكن لماذا؟؟ ما ذا حصل؟؟

أين المعارضة؟؟؟ أين المظاهرات والإعتصامات؟؟ أين التنديد والعويل والصخب والنقاش و السب والثلب والتقريع؟؟؟

لماذا سكت اتحاد الشغل و بقية المنظمات من اتحاد الأعراف و أنا يقظ والأحزاب والمنابر الأعلامية والصحف السياسية : مكونات المجتمع المدني ؟؟؟

أين اختفى الظلاميون والإرهابيون والإخوان و المدافعون عن الشريعة الإسلامية ؟ أين انزوى جند الخلافة وجنود القاعدة وداعش والشيوعيون واليساريون والعلمانيون والقوميون ألخ؟؟؟؟

غريب والله وعجيب ما يحصل في تونس!!! من هوجاء ولغو وضجيج يصم الآذان وحلبة يتصارع فيها الكل ضد الكل إلى سكون شامل وهدوء عجيب!

بركان وخمد، زلزال ومر ، عاصفة هوجاء وانسحبت، كابوس وزال!!

وكأن المهدي المنتظر نزل من السماء، وكأن جمال عبد الناصر خرج من قبره ونفخت في جثته روح جديدة وعاد في شخص قيس سعيد.

نعم هاذا بالظبط ماذا حدث في تونس!!

ما حدث في تونس مع قيس سعيد بعد 25 جويلية هو مشابه إلى درجة كبيرة ما حدث في مصر مع اعتلاء جمال عبد الناصر سدة الحكم.

قيس سعيد كما جمال عبد الناصر جسدا انتظارات الجماهير والشعب. أرويا عطشه إلى العدل و المساواة والإنصاف .

كم لهف الشعب التونسي إلى سلطة تحترمه وتلبي مطالبه . المقصود بالشعب هم الفقراء والمعدمون والمعذبون. كم انتظروا رئيسا ينصفهم ويحميهم من طبقة الأثرياء الأفاقين ومصاصي الدماء. رئيسا مثل عبد الناصر يهديهم لأول مرة في التاريخ الأمل في رغد العيش والهروب من الجوع والحرمان والعبودية والذل والإستغلال والجهل والعراء والهوان.

كم عانينا منذ زمن البايات والإستعمار العثماني من حرمان وظلم وذل ونهب وتعسف. تغير الحكام لكن الوضع بقي كما هو لدى سواد الشعب. لذلك كانت النفوس تغلي وتثور زمن الإستعمار الفرنسي وزمن بورقيبة وبن علي والإخوان المسلمين و نداء تونس. لأن الظلم والإستبداد بقيا واستمرا إلى أن أتى قيس سعيد ، فهو مثل عبد الناصر من الشعب ولصالح الشعب. لذلك خمدت الأصوات و لم يعارض إلا الأثرياء مصاصي الدماء، إلا اللصوص و المجرمون في الإدارة والأمن والإقتصاد. لم يبق ناشطا إلا العائلات الثرية المسيطرة على الإقتصاد التونسي: لوبيات الإقتصاد الريعي و الفساد والإحتكار والخانقة لكل الطاقات المنافسة و التقدمية.

أما الشعب فقد وجد ضالته في قيس سعيد كما وجدها الشعب المصري في جمال عبد الناصر.

لذلك لم يثر الشعب التونسي حين اختفت المواد الأساسية من السوق مثل البنزين والسكر والقهوة والطحين. سكت وتجلد وصبر لعلمه أن قيس سعيد بريء ويعاني مثلهم من المجرمين من العائلات المتنفذة والمالكة للإقتصاد والمال والذمم في الإدارة والديوانة والوزارات والأمن والقوات الحاملة للسلاح.

تجلدت وآزرته وسندت عوده تحميه من الغربان و مصاصي دماء الشعب.

كلنا يعلم أن الغرب: فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وغيرها ترصد الفرصة للإنقضاض عليه، كما فعلت مع عبد الناصر و مع لومومبا و كاسترو والثورة البلشفية و اليسار الإسباني وكل القوى التحررية.

كلنا يعلم أن قوى الظلام في قطر والسعودية والإمارات تتربص بقيس سعيد لأنهم يخافون من كل من يساند الفقير المحتاج وينحاز إلى سواد الشعب الجائع.

كل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني التونسية تعي مدى تعلق الجماهير بقيس سعيد. لذلك هي ساكتة وجامدة.

لن يعارض إلا الأفاق و المتعاضد مع لوبيات الإحتكار والإقتصاد الريعي وقوى الجهل والتزمت.

لكن يجب حماية تونس بعد قيس سعيد. حتى لا نعود إلى زمن الظلمات كما صار للشعب المصري إثر وفاة عبد الناصر أو للشعب الفرنسي حين اعتلى نابليون سدة الحكم ليقضي على مبادئ الثورة الفرنسية.

على قيس سعيد الإعتبار من أخطاء جمال عبد الناصر والثورة الفرنسية. عليه دعم منظمات المجتمع المدني و القضاء كليا على العائلات المستحوذة على الثروة، بترو و ثبات . عليه خلق طبقة متوسطة كثيفة يسود فيها مبدأ المنافسة الحرة. الكل يطمح إلى الثراء لذلك يتآزرون ضد كل من يريد أن يحتكر النفوذ والثروة.

على قيس سعيد أن يؤسس مجتمعا ديمقراطيا صلبا يحمي نفسه ضد قوى الظلام والإستبداد والدكتاتورية.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي