|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
محمد رضا عباس
2024 / 5 / 24
عندما تكون الموارد المالية للحكومة اقل من مصاريفها , تضطر الحكومات الاقتراض الداخلي او الخارجي او كلاهما من اجل سد العجز في الميزانية . هذا هو ابسط تعريف للعجز المالي للحكومات وهو زيادة المصاريف الحكومية السنوية على إيراداتها السنوية .
الاقتراض اصبح ليس عيبا هذه الأيام , حيث ان جميع الدول الصناعية تعاني من نقص الإيرادات مما يضطرها الى الاقتراض.
ولكن ما المشكلة في الاقتراض ؟
فيه مشاكل كثيرة , ومنها
دفع فوائد على مبلغ الاقتراض , وبذلك يؤدي الى تقليص قدرة الدولة على الانفاق على المشاريع التنموية.
وطالما وان المال موجود عند الأغنياء وليس الفقراء , فان الاقتراض الحكومي يزيد من ثروة الأغنياء.
وعند دخول الدولة سوق الاقتراض , فان سعر الفائدة سوف يرتفع مما يجعل كلفة اقتراض الافراد مرتفعا , وفي الأخير تطرد الاستثمارات الاهلية . المواطن سوف لن يقترض اذ كان سعر الفائدة 15% او 20%.
العجز المالي يقلص قدرة الحكومة على محاربة الركود الاقتصادي , فمن المعلوم ان احد أدوات محاربة الركود الاقتصادي هو زيادة مصاريف الدولة على المشاريع الاستثمارية و التشغيلية .
وفي حالة الاقتراض الخارجي , فان الفوائد على القروض سوف تدفع للخارج , وبذلك سيخسر البلد فرصة صرفها على المشاريع الداخلية .
من العادة يحب المشرعون والقيادات العليا في الدولة زيادة المصاريف حتى يتخلصوا من الانتقادات الشعبية , وبذلك فان المجتمعات من العادة تفرح في زيادة المصاريف الحكومية وبنفس الوقت ترفض زيادة الضرائب على الدخول والتي تعد المصدر الرئيسي للدول, وهنا تقع الواقعة . زيادة المصاريف على الإيرادات تؤدي الى تضخم حجم القروض ويصبح مثلبة كبيرة على السياسيين الذين سمحوا بالانتفاخ في حجم العجز, الى درجة شرعت قوانين بعدم السماح للحكومات بتجاوز نسبة معينة من اجمالي الإنتاج المحلي للديون. على سبيل المثال , القانون لا يسمح بتجاوز الديون نسبة 80% من الإنتاج المحلي السنوي , ولا يتم زيادته الا بتشريع اخر.
السياسي لا يهمه زادت نسبة الديون او قلت , كل ما يريده هو الفوز في الانتخابات والباقي على الله , حسب المثل العراقي. ولكن من يتحمل وزر أخطاء السياسيون هم الاقتصاديين , لانهم هم المسؤولون الحقيقيون عن إدارة شؤون البلد الاقتصادية وهم من تؤشر اليهم أصابع الفشل , هؤلاء شرعوا عدد من القواعد لتجنب الديون والعجز المالي , وهي:
تشريع قانون عدم السماح بالاقتراض . أي اذا كانت إيرادات الدولة السنوية مليار دولار , يجب ان تكون المصاريف السنوية لها أيضا مليار دولار.
السماح بالعجز المالي في أيام الركود الاقتصادي وسد هذا العجز في أيام الانتعاش الاقتصادي .
عدم الاكتراث بحجم الديون طالما وان هذه الديون توفر العمل للطبقة العاملة في البلاد .
هذه المعتقدات الثلاثة لها محاسنها و مثالبها . على سبيل المثال , المقترح الأول يكبل يد الحكومة بزيادة الصرف في أوقات الركود الاقتصادي , مما يطيل فترة الركود .
الحل الثاني هو الاخر صعب تحقيقه , لان الركود قد يكون طويلا وفترة الانتعاش قصيرة مما لا يسمح للحكومة سد القروض.
اما الراي الأخير فهو مشكلة المشاكل , وهو الذي يحبه السياسيون. هذا الرأي يقول دع العجز يكبر طالما وان هذا العجز يزيد من عدد العاملين في البلاد ويزيد الاستثمارات و يدعم التنمية الاقتصادية , وفي الأخير سوف يستطع الاقتصاد الوطني من دفع القروض . سيصبح البلد غنيا ومن الثروة التي يجنيها من النمو الاقتصادي سوف يدفع جميع الديون . كلمة حق يراد منها باطل , وهذا ما يردده السياسيون الغربيون وارجوا ان لا يسمع لهم العراقيون.
اليابان من الدول المتقدمة صناعيا , ولكنها لم تستطع دفع ديونها وما زالت تدفع فوائد ضخمة كل عام لهذه القروض.
أمريكا وصلت الديون الداخلية والخارجية عندها الى اكثر من 35 ترليون دولار , ولم تستطع إطفاء جزء منها على الرغم من ان البلد مزدهر اقتصاديا منذ حوالي 15 عاما .
المشكلة هنا , من شب على شيء شاب عليه , المجتمع الأمريكي لا يمكنه التراجع عن مستواه المعيشي الذي يتصاعد عاما بعد عام , فيما ان تسديد الديون يؤدي الى تقليص المصاريف الحكومية على المشاريع الداخلية والاعانات , وهذا ما لا يقبله المجتمع الأمريكي . ماذا يجري في أمريكا الان هو إطفاء الديون عن طريق استقبال ديون أخرى , وفي الأخير انتفخت الديون وأصبحت حديث العالم.
وصيتي هو ان القروض الداخلية والخارجية ضرورية لبناء المجتمع , ولكن يجب ان تكون هذه الديون سهلة الإدارة , أي غطي بقدر اللحاف , لا تكون مثل حال الديون الخارجية على مصر والتي وصلت الى 165.36 مليار دولار , وميزانية بلد لا تتجاوز 135.4 مليار دولار, بنسبة 122% , و ديون مستحقة هذا العام تمثل 22% من الميزانية , أي قدرة الحكومة على الصرف الداخلي ليست 135.4 مليار دولار وانما 106.2 مليار دولار.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |