أمريكا تعلن الحرب على محكمة الجنايات الدولية

محمد رضا عباس
2024 / 5 / 12

الضغوطات الامريكية على محكمة الجنايات الدولية المتكررة وهي تؤدي واجبها الذي تأسست من اجله يشكل خطرا على السلام العالمي و خطورة جديه على الدول الضعيفة . الضغوطات الامريكية بكل صراحة تقول للعالم نحن لا نكترث باي قرار دولي لا يتماشى مع المصلحة الامريكية , مصلحة أمريكا فوق القانون الدولي , ولا قوة قانونية تسطيع الوقوف بوجه الهيمنة الامريكية . المسؤولون الامريكيون الكبار قالوها بصراحة عندما ارادت المحكمة مقاضاة عدد من عناصر الجيش الأمريكي بسبب اتهامات بانتهاكات لحقوق معتقلين في أفغانستان . ففي وقتها وقف مستشار الامن القومي الأمريكي جون بولتون قائلا " سنقوم بفعل كل شيء لحماية مواطنينا". وأضاف " اننا لن نقف مكتوفي الايدي اذا أصرت المحكمة الدولية على قرارها".
بولتون هدد القضاة بمنعهم دخول الولايات المتحدة , تجميد ارصدتهم البنكية في الولايات المتحدة , و محاكمة القضاة و أي دولة او هيئة او مؤسسة " تعاون المحكمة في محاكمة مواطنين أمريكيين".
تكررت التهديدات الامريكية مرة ثانية , ولكن هذه المرة في قضية مجازر غزة . التهديدات هذه خرجت من اعلى سلطة تشريعية في الولايات المتحدة الامريكية , أعضاء من مجلس الشيوخ. المجلس كتب رسالة تهديد ووعيد الى رئيس المحكمة يقول فيها " نكتب بخصوص التقارير التي تفيد بان المحكمة الجنائية الدولية قد تفكر في اصدار أوامر اعتقال دولية ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو و مسؤولين إسرائيليين تعتبر مثل هذه الإجراءات غير شرعية و تفتقر الى أساس قانوني , واذا تم تنفيذها فسوف تؤدي الى فرض عقوبات شديدة عليك وعلى مؤسستك". وانهى الأعضاء رسالتهم بالقول " لن تتسامح الولايات المتحدة مع الهجمات المسيسة التي تشنها المحكمة الجنائية الدولية على حلفائنا . استهدفوا إسرائيل و سنستهدفكم " .
التهديدات الامريكية تضمنت انهاء كل الدعم الأمريكي للمحكمة و معاقبة موظفي المحكمة وعوائلهم .
التهديدات الامريكية لمحكمة الجنايات الدولية تذكرني بتهديدات داعش للحكام في العراق الامر الذي أدى بالحكومة العراقية جمع الحكام وعوائلهم في أماكن معينة ومراقبتها من قبل القوى الأمنية لحمايتهم من القتل , ولكن في قضية الجنائية فان لا قوة تسطيع حماية الحكام من القبضة الامريكية , الامر الذي يسمح للمجرمين الدوليين انجاز كل ما يريدونه .
طبعا , الإدارة الامريكية لا تنظر الى الاعمال العدوانية التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد أبناء غزة بانها اعمال إجرامية وانما هي اعمال مبررة وانها عمليات ردع عدوان !
الإدارة الامريكية تنظر بان الإجراءات الإسرائيلية مشروعة هدفها الدفاع عن النفس , عدم وجود تكافؤ أخلاقي بين إرهاب حماس والرد المبرر من جانب إسرائيل , إسرائيل والولايات المتحدة ليسوا أعضاء في المحكمة الجنائية , وكان الأحرى اصدار أوامر اعتقال بحق المرشد الإيراني علي خامنئي و الرئيس السوري بشار الأسد و وزعيم حماس و الرئيس الصيني . هؤلاء عند الولايات المتحدة من يخرق القانون الدولي ويجب معاقبتهم .
بالحقيقة , الإدارة الامريكية تعتبر نفسها هي المتفضلة على الفلسطينيين بتهديد المحكمة الدولية , لان السكوت على إجراءات المحكمة الدولية يعد حجر عثرة امام الجهود الدبلوماسية الجارية لتحقيق وقف اطلاق النار في غزة , و منع إسرائيل الانتقام من السلطة الفلسطينية باعتبارها صاحبة الدعوى.
ولكن كل من واكب حرب غزه سوف يكتشف وبدون معاناة ان الكلام الأمريكي لا يطابق الواقع . أمريكا وقفت مع الكيان الصهيوني منذ البداية ومازالت تدعمه بالمال والسلاح والاعلام . حتى البارحة ( 11 أيار) أمريكا تقول ان إسرائيل لم تخرق القانون الدولي ولا القانون الأمريكي في غزة. 35 الف شهيد اغلبهم من الأطفال والنساء ضربتهم السماء وليس إسرائيل !
الولايات المتحدة تعرف جيدا ان المحكمة الجنائية لها الولاية القانونية للنظر في أي جريمة ترتكب على الأراضي الفلسطينية المحتلة أيا كانت جنسية مرتكبها . وان الولايات المتحدة الامريكية تعرف ان حجم القتل والدمار في قطاع غزة لا يناسب فرضية الدفاع عن النفس , وان الشعب الفلسطيني قد انتفض لان ارضه قد سلبت واصبحوا سجناء في بلدهم . أمريكا تقاتل الروس في أوكرانيا دفاعا عن امنها القومي وهم على بعد الاف الاميال , ولا تسمح للفلسطينيين الدفاع عن انفسهم وعلى ارضهم .
لا يمكن خط القوانين الدولية بمواصفات أمريكية . هذه الطريقة تنتج عنها علاقات تجارية متوترة , حرمان المرضى من الرعاية الصحية التي توفرها المؤسسات الدولية للدول الفقيرة , تدمير البيئة , ودخول في حروب غير مبررة . جميع الحروب التي شاهدتها منطقة الشرق الأوسط كان من الممكن تجنبها لو استخدمت الولايات المتحدة الامريكية الحكمة والعدالة .
محكمة الجنايات الدولية اخر ملجئ يلتجئ اليه الضعفاء , وعندما تغلق الأبواب بوجوههم حسب الإرادة الامريكية , فان هؤلاء الضعفاء سوف يضطرون الى التجمع حول المتحدي الأكبر لأمريكا , وبذلك سوف يرجع العالم مرة ثانية الى شرق وغرب . يضاف الى ذلك فان عدم احترام المحكمة وقراراتها من قبل القوى العظمى سوف لن يبقى للدول الا تحويل ثرواتهم والتي من المفروض صرفها على شعوبهم الى شراء السلاح , وهنا سيكون التفاهم ليس في قاعات المؤتمرات وانما على سواتر القتال.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي