من فضلك لا تشتم العرب

محمد رضا عباس
2024 / 5 / 6

كانت فلسطين قضية كل العرب حتى جاءت معاهدة الصلح بين مصر والكيان الصهيوني . الاتفاقية قسمت العرب بين موافق ورافض لها , ولكن الذي رفض الاتفاقية او المعاهدة لم يخلد في باله ان امامه أيام صعبة وربما خسران وظيفته وانهيار بلده .
من رفض التطبيع المصري – الإسرائيلي هم سوريا , العراق, اليمن , ليبيا , والسودان . كل هذه الدول عانت الاضطرابات السياسية وعلى مراحل من الزمن , وهل لها علاقة الواحدة بالأخرى ؟ اترك الجواب الى خبرة القارئ الكريم.
لقد فتح صدام حسين الطريق نحو الربيع العربي عندما احتل دولة الكويت وخرجت قواته مدحورة منها , ومنها اشتعلت الانتفاضة الشعبانية عام 1991 التي غطت الجنوب العراقي وذهب ضحيتها عشرات الالاف من اهل الجنوب , ولكن لم تغطى إعلاميا بالشكل المطلوب كما غطيت احداث الربيع العربي . ولكن بخروج القوات المسلحة العراقية مندحرة من الكويت , تلاشت قدرات الجيش العراقي الى الصفر , واكمل الحصار الاقتصادي العالمي البقية , واعني الفقر والحرمان لشعبه. الشعب العراقي ما زال يناصر القضية الفلسطينية , ولكن الهيمنة الامريكية على حكوماته تمنعها من مناصرة فلسطين في العلن .
السودان خرجت من التحالف العربي ضد إسرائيل , بعد قرار الغرب برفع جميع العقوبات عن البلد مقابل الاعتراف بإسرائيل , وتم ذلك في 23 تشرين الأول 2020. الشعب السوداني ما زال يناصر القضية الفلسطينية , ولكن الحرب الاهلية الجارية الان فيه , جعلت من المواطن السوداني التفكير أولا بتوفير الطعام الى عائلته وامنها.
سوريا ما زالت في موقفها الرافض للكيان الصهيوني , ولكن البلد اصبح مقسم ارضا وشعبا بعد عام 2012 . الشعب السوري ما زال يرفض الكيان الصهيوني ولكن حكومته ليست لها القدرة على مجابهة الكيان . القوى الإسلامية المتطرفة انهكت القوات السورية الوطنية.
ليبيا هي الأخرى خرجت من الصراع العربي – الإسرائيلي بعد انهيار نظام العقيد معمر القذافي , وانقسام البلد بين قوتين متحاربتين , حكومة الوفاق الوطني ومقرها طرابلس والحكومة الليبية المؤقتة ومقرها بنغازي . الشعب الليبي ما زال يناصر القضية الفلسطينية , ولكن وضع البلد السياسي والأمني اخرجها من دائرة الصراع.
اليمن من الدول المناصرة للقضية الفلسطينية , ولكن الحرب الاهلية والتدخل الخارجي منذ عام 2014 قسم البلاد بين انصار الله الحوثيين و المؤتمر الشعبي العام اضر بالوحدة الوطنية , ومع هذا اتخذ الحوثيون موقفا داعما للقضية الفلسطينية على الرغم من قلة امكانياتهم الاقتصادية.
هنا , يجب القول ان قادة الدول المذكورة قبل انهيارها لم يكونوا ملائكة او حكماء , ولو كان لهم نصيب قليل من الحكمة لما وصلت بلدانهم الى هذه الانقسامات . كان من المفروض ان يعرفوا ان الضغط يولد الانفجار وتعرض بلدانهم للتدخل الأجنبي , وهذا ما حدث بعدهم .
على كل حال, ما اريد ذكره , ان الشعوب العربية , من الخليج الى المحيط ,ما زالت وفية للقضية الفلسطينية . ولو اتخذنا استبيان لمعرفة راي هذه الشعوب بما يجري في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية , لكانت نتائج الاستبيان 99% مع الشعب الفلسطيني .
وما اريد قوله انه لا حاجة لوضع اللوم على القادة الحاليين للدول المذكورة أعلاه , لانهم لا حول ولا قوة لهم واصبحوا مثل " بلاع الموس " على قول العراقيين . ان سكتوا عن القضية الفلسطينية غضبت عليهم شعوبهم و ان تحركوا لمناصرة القضية الفلسطينية يجتمع غضب الغرب عليهم وربما انهيار بلدانهم .
ربما لديك الكثير من الاعتراضات على هؤلاء القادة , وانا كذلك , لكن لكل واحد منهم انصار من الداخل والخارج . البلدان العربية الان مخترقة , ولا تستطع دولة عربية صنع قرار مستقل , وبدون موافقة الأطراف المتصارعة في الداخل وموافقة الخارج . بمعنى ان هذه الدول تعاني من التدخلات الداخلية الخارجية ولن ينتهي هذا الانقسام حتى انهاء القضية الفلسطينية بشكل او باخر.
واذا كانت هناك جهة تلام على ما يجري في فلسطين من قتل ودمار غير مسبوق , هي الدول العربية الصديقة للغرب والمطبعة مع إسرائيل . هذه الدول هي الأخرى وقفت موقف المتفرج من المذابح , ولو استخدمت هذه الدول امكانيتها السياسية والاقتصادية لكن الوضع مختلفا تماما .
هذه الدول أصبحت اكثر احراجا امام شعوبها وهي تشاهد القتل في غزة ولا تستطع عمل شيء لوقفه خوفا على مستقبلهم السياسي.
الثورات لا تأتي من فراغ وانما من تراكم الإخفاقات , واعتقد ان هذه الثورات ستظهر عاجلا او اجلا في الدول الصديقة للغرب والمطبعة مع الكيان الصهيوني بسبب السماح للكيان الصهيوني في حرية القتل الجماعي في غزة . وفي الأخير , أقول سوف لن تكون الدول العربية المطبعة مع إسرائيل المسؤولة الأولى عن استمرار المذابح في غزة , وانما سيشمل وعاظ السلاطين أيضا , الذين ظهروا من على المواقع التواصل الاجتماعي وهم يبررون جرائم الكيان الصهيوني . الإسلام هو الاخر سيشاهد ثورة تنظيف من عملاء السلطة . المواطن في هذه الدول سيعزلهم , وهناك سيكون نوعين من رجال الدين : رجال سلطة لا يأخذ بفتواهم ورجال دين احرار يخافون الله ويلتزمون بتعاليمه.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي