|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
محمد رضا عباس
2024 / 4 / 27
كم سنة يحتاج البقال او الحداد او القصاب او النجار لشراء شقة سكنية في العراق ؟ لا يوجد إحصاء للدخل السنوي لهذه الطبقة في العراق نستطع استخدامها كمؤشر لقدرتهم على شراء عقار للسكن , ولذلك سوف اضطر الى استخدام معدل دخل المواطن الشهري في العراق و هو 544 دولار او 6500 دولار سنويا حسب إحصاء عام 2023 . وطالما وانا من بغداد العاصمة , فاني سوف استخدمها كنموذج لبقية المدن العراقية .
الكاظمية : شقة سكنية من ثلاثة غرف نوم وحمامين وبمساحة 140 متر مربع , سعرها 197.4 مليون دينار او 150.7 الف دولار.
حي العدل : شقة سكنية من ثلاثة غرف نوم وحمامين وبمساحة 187 متر مربع , سعرها 327.6 مليون دينار او 250 الف دولار.
السيدية : شقة سكنية من ثلاثة غرف نوم و3 حمامات وبمساحة 145 متر مربع , سعرها 285.0 مليون دينار او 217.6 الف دولار.
الكرادة : شقة سكنية من ثلاثة غرف نوم وحمامين و بمساحة 110 متر مربع , سعرها 230.0 مليون دينار او 175.6 الف دولار.
حي زيونه : شقة سكنية من ثلاثة غرف نوم و ثلاث حمامات وبمساحة 175 متر مربع , سعرها 525.0 مليون دينار او 400.7 الف دولار.
وبذلك , فان الراغب لشراء شقة سكنية من الفئة أعلاه في احد احياء بغداد عليه الانتظار على اقل 100 عام , أي حتى تبلى عظامه !
تذكر ان معدل دخل سنوي مقداره 6500 دولار لا يكاد ان يكفي لعائلة تتكون من 5 الى 6 افراد , وهو معدل حجم الاسرة العراقية هذه الأيام . ولكن حتى لو افترضنا ان هذه الفئة تستطع ادخار 1000 دولارا سنويا , فعليهم الانتظار 400 سنة لشراء شقة في حي زيونه !
هذه الفئة ربما تشكل 80% من سكان البلاد اذا ادخلنا معهم شريحة صغار الموظفين في الدولة العراقية . على سبيل المثال , بلغ معدل الدخل السنوي لمعلم مدرسة ابتدائية 17.4 مليون دينار او 13,282 دولار. ولو استطاع هذا المعلم من ادخار 3 الاف دولار سنويا طيلة خدمته البالغة 30 عام , مرة أخرى لا يستطع توفير شراء شقة في الكاظمية او السيدية او حي العدل .
وحتى معلم المدرسة الثانوية والأستاذ الجامعي لا يستطيعوا الاقتراب من قرار شراء شقة في بغداد . معدل الراتب السنوي لموظف في مجال التعليم ( الثانوية والجامعية ) هو 23.040 مليون دينار او 17,587 دولار عام 2024 .
في العراق يجب ان يكون المشتري طبيبا لكي يستطع شراء شقة سكنية في بغداد خلال فترة معقولة , ولكن ليس كل طبيب . فقط من يكون اختصاصه امراض قلب او امراض جلدية او تخدير وان تكون خدمته بين 5 و10 سنوات حيث ان معدل دخل هذه الفئة السنوي عام 2024 يساوي 86.4 مليون دينار او 66 الف دولار.
ما ذكرناه أعلاه ينطبق على جميع المحافظات العراقية . قلة في عرض الوحدات السكنية يقابله زيادة كبيرة في الطلب عليها .
الأرقام أعلاه تقودنا بالقول ان قضية توفير السكن للمواطنين في العراق أصبحت مهمة عاجلة لأي حكومة , لان العدد المطلوب يفوق 2.5 مليون وحدة سكنية , في وسط ارتفاع أسعارها ارتفاعا غير معقول الى درجة لا يستطع موظف حكومي نزيه التفكير ببيت او شقة سكنية تخلصه من الايجار , والذي هو الاخر اصبح عبء ماليا لكل من ليس له دار .
البعض يفسر زيادة الطلب على العقارات السكنية الى النمو السكاني , سهولة الاقتراض من المصارف الحكومية , وغسيل الأموال . هذا التفسير غير مقنع , والحقيقة ان قطاع البناء ترك من قبل الحكومات المتعاقبة . ازمة السكن ليست البارحة او السنة الماضية وانما ظهرت منذ حكم الاخوين عارف (1964) وازدادت شحتها في ظل نظام حزب البعث , ولكن لم يكن احد يجرئ الكشف عنها و يقول ان البلد يحتاج الى كذا مليون وحدة سكنية والا تقطع عنقه . أصحاب البيوت اضطروا الى تحويل حدائق بيوتهم الى شقق تأوي أولادهم بعد الزواج.
انتهى نظام صدام حسين وأصبحت هناك مساحة واسعة للتحدث عن المشاكل التي يعاني منها الناس في العراق , وبدون شك مشكلة السكن كانت وما زالت على راس مطالبهم . اعتقد ان الدولة اخذت الطريق الصحيح لمحاربة شحة السكن وهو السماح ببناء مدن جديدة في ارجاء العراق .
ولكن كما يقول المثل العراقي " الشك كبيره والرقعة صغيره" أي الحاجة اكثر من الموجود , الامر الذي يقودنا الى القول ان تجعل الحكومة الحالية والقادمة مهمة انهاء مشكلة السكن مثل سياسة انهاء داعش في البلاد. القضاء على داعش أولا , وانهاء مشكلة السكن ثانية .
والحقيقة ان القضاء على ازمة السكن هو طريق مهم من طرق التنمية الاقتصادية . فكما ان ازدهار قطاع الصادرات يؤدي الى ازدهار الاقتصاد الوطني , فان التركيز على قطاع البناء هو الاخر يعزز التنمية الاقتصادية في البلاد. قطاع البناء يحفز 63 نوع من التخصص كلها موجودة في العراق , وان هذا القطاع يستخدم اكثر من 80% من المواد المحلية المتوفرة . انه القطاع الذي يستوعب كل الاختصاصات ويقضي على مشكلة البطالة في البلد الان وفي السنوات 25 القادمة .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |