لحظة فارقة

فوز حمزة
2024 / 4 / 14

عندما رفعت رأسي عن الكتاب .. وجدته جالسًا قبالتي ينظر إليّ .. ربما هو مسافر مثلي ..
حاولت إشغال التوتر الذي أصابني بالقراءة .. لكني فشلت .. فنظراته كانت مصوبة نحوي بشكل ملفت ويدعو للشك ..
اختلست النظر إليه من تحت النظارة لعليّ أفهم شيئًا .. ماذا أفهم من شخص لا أعرفه؟!
ازداد توتري ونما خوفي حين رأيته يشير إليّ برأسه وابتسامة خفيفة مرسومة على شفتيهِ ..
قررت أن أرافق شجاعتي وأذهب إليه وأسأله .. كعادتها .. تخلت عني شجاعتي في اللحظة الأخيرة ونصحتني بالتزام الصمت .. فلا شيء يدعو للقلق .. امتثلت لأوامرها .. حقًا .. لا شيء يدعو للقلق ..
لِمَ صالة الانتظار فارغة من الناس ؟ أين المسافرون ؟ أين العاملون ؟ الآن فهمت كل شيء ..
هي خطة لقتلي .. لم يجد أفضل من هذا المكان لينفذها .. الآن تذكرته .. رغم محاولته لتضليلي بالملابس الفاخرة والساعة الأنيقة وعطره الذي ملأ المكان ونظارته التي أخفت نصف ملامح وجهه .. كل ذلك لم يمنع ذاكرتي بأن تمارس عملها في تذكره ..
أخبرتني أنه من كان يلاحقني قبل أشهر حين كنت أقود سيارتي ليلًا .. ولم أنج منه إلا بأعجوبة ..
إلهي !! تخلى الجميع عني .. لم يتبقْ إلا أنت .. يبدو أن دعواتي أصابها الشلل .. هاهو ينهض باتجاهي وأنا أسمع صوت خطواته .. ازدادت ضربات قلبي إضطرابًا .. أنهار الدم التي تدفقت إلى رأسي سببت في انتحار قطرات العرق وسقوطها على الكتاب لتعلن نهايتي معها ..
أغمضت عينيّ لأتلقى رصاصة الرحمة ..
لحظة واحدة مرت بيّ تذكرت فيها كلب أخي الذي كان يخاف مني ..
صوت معلمتي وهي توبخني كان حنونًا هذه المرة .. أما وجه أمي .. رغم نظراتها المعاتبة لي .. فلا يوجد أجمل منه ..
أصبح الهواء ثقيلًا .. صوت الخطوات أصبح قريبًا .. لو يعفو عني .. حينها سأخبر زوجي عن المال الذي كنت أسرقه منه .. وأكف عن اختلاق المشاكل معه .. خمد الصوت .. رعشة شفتيّ بدأت تهلوس بكلام لم أفهمه .. اقترب مني .. عطره احتل أنفاسي حتى بت استنشقه .. تحرك الهواء وصوت كأنه أتٍ من العالم الآخر : سيدتي .. جواز مروركِ ملقى على الأرض .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي