|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
أحمد صبحى منصور
2024 / 4 / 12
مقدمة :
1 ـ تخصّص الباب الثالث من هذا الكتاب فى ( لمحة عن رمضان فى التاريخ ) خلال فصلين : الأول : عن أهم الأحداث فى شهر رمضان جمعناها من بين سطور التاريخ ، والثانى : عن يوميات شهر رمضان ، من اليوم الأول فيه الى اليوم الثلاثين خلال القرون الماضية المسجلة فى كتب الحوليات التاريخية . وفى نهاية هذا الفصل قلنا : ( رمضان ـ شهر التقوى ـ هل خلا من الظلم وسفك الدماء فى تاريخ السابقين ؟ وهل يخلو الآن من الظلم وسفك الدماء ؟ هل نعم فيه المستضعفون الأمن والعدل ؟ . مات أكابر المجرمين الماضون ولم يتعظ أكابر المجرمين اللاحقون . ).
2 ـ نعطى لمحة هنا عن رمضان هذا العام 1445 هجرية .
المحنة الكبرى :
1 ـ مذابح الفلسطينيين المستمرة من سبعة أشهر ، ولم تتوقف .ومتوقع أن تحدث مذابح أكثر عندما تهاجم إسرائيل رفح الفلسطينية والتى تكدّس فيها الهاربون من قطاع غزّة .
2 ـ حماس والجهاد يرفعون راية الاسلام دون معرفة به ، ودون معرفة بتشريعات الجهاد فى الاسلام ، والتى لا تفرض القتال الدفاعى إلا عند القدرة عليه . عند الضعف يكون الأمر الإلاهى بكفّ اليد . مخالفة هذا التشريع يعنى أن تحارب عدوا قويا يستأصلك ، كما يعنى أن تقوم بعمليات إنتقامية من المدنيين ، أو ما يُعرف بالارهاب . وهذا ما بدأته منظمة التحرير الفلسطينية بخطف الطائرات المدنية و القتل العشوائى فى الشوارع ووسائل المواصلات .
3 ـ حماس إنفصلت عن منظمة التحرير وتحكمت فى قطاع غزّة . وبسببها عانى أهل غزة من حصار ، والأسوأ ، هو أنهم إتخذوا أهل غزة دروعا بشرية لهم ، يضربون الضربة ثم يستخفون فى التكاثف السكانى فيها . ثم حفروا أنفاقا ومنها قاموا بالهجوم على مستوطنات غلاف غزة ، وخطفوا مئات من المستوطنين . وتركوا أهل غزة فى العراء تبيدهم إسرائيل . وتمكنت إسرائيل من تدمير معظم الأنفاق والقضاء على معظم مقاتلى حماس .
4 ـ قالت منظمة الأونروا بتاريخ 13 مارس 2024 إن عدد الأطفال الفلسطيين الذين قُتلوا في 4 أشهر بغزة أكبر من الذين سقطوا في 4 سنوات من الحروب حول العالم . المؤسف أن حرب روسيا فى أوكرانيا تدور من سنوات ، والضحايا المدنيين فى أوكرانيا لا شىء مقارنة بأمثالهم فى غزة ، لأن هناك ملاجىء لهم يحتمون بها من الهجوم الروسى الوحشى . وفّرت حماس والجهاد ملاجىء آمنة لهم ، وتركت الأطفال والنساء والعجائز والمستضعفين تلتهمهم إسرائيل بلا رحمة ، وبلا توقف مع تدمير غزة وغيرها وتجويع أهلها . ثم لا إنتصار لحماس والجهاد . وحتى لو حدث إنتصار مؤقت فهل يستمر مع الآلة الاسرائيلية الحربية ؟، والسلاح الذى يتوالى لإسرائيل من أمريكا والغرب ؟، والدعم الغذائى الآتى لها من بعض الأنظمة العربية ؟. وهل لو حدث إنتصار مؤقت فهل يساوى قتل عشرات الألوف من النساء والأطفال وتدمير القطاع وبُنيته التحتية . شهوة السُّلطة والحكم والتحكم لدى حماس والجهاد جعلتهم يختارون طريق الحرب ـ غير المتكافئة ـ مع إسرائيل للحصول على شرعية وتحقيق شعارهم الخيالى بالقضاء التام على إسرائيل .
5 ـ لا يعرفون أن الذى يقضى على إسرائيل فعلا ليس الحرب ، ولكنّ السلام .
هذا ما جاء فى القرآن الكريم الذى لا يؤمن به المحمديون ، وفى مقدمتهم الذين يرفعون لواء الاسلام وهم أعدى أعدائه . إن الله جل وعلا يقول عن اليهود : ( لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) (14) الحشر ).
التعبير هنا بالفعل المضارع ، أى ليس حالة ماضوية بل تنطبق على الحاضرأيضا ، وبإسلوب القصر والحصر : ( لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ ) . الذى يجعلهم ( جميعا ) هو الخوف ، وهى عقدة كانت ولا تزال فى الشخصية اليهودية ، وهى السائدة والمتحكّمة فى المتطرفين الإسرائيليين اليوم والتى تحثُّهم على إستئصال الفلسطينيين ، وخصوصا الأطفال والنساء ليشعروا بالأمن . وفى نفس الوقت فإن هذا الخوف هو الذين يجعلهم يتخذون أسلوبا حربيا ـ كان ولا يزال ـ وهو ( التّترُّس ) والاحتماء بالقرى المحصّنة ( الكيبوتز والمستوطنات ) والأسوار العالية ( من خط بارليف الى الجدران العالية ) . وصدق الله العظيم : ( لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ ) . تراهم هكذا فتحسبهم مجتمعين متحدين على قلب رجل واحد . ولكن الواقع كما قال رب العزة جل وعلا : ( بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) . هذا البأس الشديد بينهم وهذه القلوب ال ( شتّى ) تظهر عند إستتباب السلام . هناك مثل سائد فى إسرائيل يقول : إذا إجتمع إسرائيليان كونوا ثلاثة أحزاب ، لكل واحد حزب ، ثم حزب مشترك . الانقسامات الدينية والسياسية كثيرة فى المجتمع الاسرائيلى ، وتطُلُّ برأسها فى كل حين ، ولكن يغطيها رُعبهم من حالة الاستنفار ضدهم ، وهم يعايشون هذا بإستمرار من عام 1948 ، وحتى قبل هذا . ويغذيه أن القضية الفلسطينية تحولت الى مزاد للإستثمار السياسى بين الفلسطينيين والمستبدين العرب ، وهم قوم يقولون ما لايفعلون ، وهم لا يحاربون إلا وينهزمون . ولكن هذه المزايدة تؤجّج وهج الرُّعب لدى الاسرائيليين ، وتجعلهم يرتكبون المذابح التى يعتبرونها دفاعا عن النفس من ( جيش الدفاع الاسرائيلى ). وحاليا وبعد مغامرة حماس والجهاد فى 7 اكتوبر الماضى لا تجد إسرائيل سوى أطفال غزة ونسائها وعجائزها لتقتلهم.
6 ـ واليوم 11 أبريل 2024 قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن أكثر من 13 ألف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض، أو قتلى في مقابر جماعية عشوائية، أو أخفوا قسرا في سجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية. وجاء فى أخبار الأمس : ( تواصل دولة الاحتلال الصهيوني إعمال الإبادة الإجرامية لليوم الـ138 على التواصل بحق أبرياء غزة. ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي 9 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها 103 شهداء و142 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية، حيث ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 29195 شهيدا و69170 إصابة، على ما أفادت وزارة الصحة بغزة، الثلاثاء) . يوم الثلاثاء هو آخر يوم فى رمضان .. هذا هو السىء، والأسوأ قادم طالما ظل الدين السنى والشيعى سائدا يقود المواجهة ضد إسرائيل .
المستبد العربى :
1 ـ مهما بلغت وحشية إسرائيل فوحشية المستبد العربى بشعبه أقوى وأشدّ . إسرائيل تحارب عدوا لها ، إغتصبت أرضه وتخشى إنتقامه ، ولكن ما هو مبرّر المستبد العربى فى قتل شعبه وقهره وتعذيبه وإفقاره وسلب ثرواته ؟ لو حكمت إسرائيل مصر بشعبها الخانع لكانت أقل وحشية من السيسى . ولو حكمت إسرائيل السودان ما فعلت بها ما فعله بالسودان البشير ثم عبد الفتاح البرهان وميليشيات الدعم السريع . آلاف القتلى والسلب والنهب والاغتصاب والطرد والتجويع ، وقبله تقسيم السودان ، وتضييع ثرواته وهو أغنى بلد ( عربى ) بثرواته .
2 ـ المحمديون فى العالم يتجاوز عددهم بليون ونصف البليون ، ولكن الذين يمثلونهم هو عدد المستبدين الذين يمتلكون هذه الشعوب . أى إن المحمديين أقلية مقارنة بعدد سكان إسرائيل ، والتى تنتصر لأن أولئك المستبدين خدم لاسرائيل .
أخيرا
لم يعرف المحمديون إحترام شهر رمضان ، ولم يعرفوا إحترام الأشهر الحُرُم . بل تناسوها أصلا.
وتعجبون من سقمى ؟ صحتى هى العجب .