|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
علوان حسين
2024 / 4 / 8
هي بثوبها الزاهي الجميل بلون الزمرد أخضر . تسير على أطراف أصابعها كراقصة الباليه على حافة بحيرة خضراء . من ثيابها تفوح رائحة الحبق خضراء ومن عينيها الخضراوين تبدو السماء خضراء وعبير الورد أخضر . في البحيرة قريب من الحافة كان التمساح بلونه الزيتوني أخضر . هي لاهية كأنها في عيد تمشي والماء يغسل لها قدميها والنسيم يداعب شعرها تبدو وحيدةً هي وسعادة صغيرة تدغدغ قلبها لا تعلم مصدرها :
- هل أنا عاشقة ؟
أم عدت يجرفني الحنين لأيام الطفولة
بصوت طالع من القلب خفيض خاطبت نفسها .
لم تعلم بأن خلفها ثمة التمساح متربص بها . كان التمساح يطفو متطامناً مع المياه السوداء يبدو كأنه شم رائحة طعام ٍ لا يفرق التمساح ما بين جسم الأنثى ورائحة الطحلب كيف والأن ترقص الأنوثة وتصدر موسيقى لها جرس عذب قرب الماء ؟ بين أسنان التمساح وفكه الواسع تشم لذة الظفر بطريدة ولحم شهي بين أشداق تمساح ٍ جائع .
على حافة الماء الوردة وحيدة . تبدو كمائدة ٍ هبطت عليه من السماء . ثمة أسنان تصطك من الجوع لتمساح ٍ شره ٍ ينصب شراكه .
التمساح كالعاشق يذرف الدموع ويجلس تحت الماء هادئاً يصغي لوقع أقدام فريسته شاعراً بقشعريرة وهو يقتفي أثر الرائحة . في عينيه جمر وغريزة الصياد تقود رغبته كشهوة ٍ ماكرة .
ماذا تفعل امرأة جميلة بعينين خضراوين وقلب مبتهج قرب بحيرة ٍ يحرسها تمساح ؟
طفل من بعيد يبصر المشهد بعينين يغشاهما النعاس يريد أن يستسلم للنوم لولا هول ما يرى , يلتفت إلى أمه كي يخبرها بما يجري أمامه لكنه يصاب بالخرس إذ يبصر أمه بالذات هي من تسير على حافة الهاوية . لعلها تلعب مع التمساح كما تفعل دوماً مع الحيوانات الأليفة , قال لنفسه .
هذا التمساح لا يبدو أليفاً بأنيابه الطويلة الحادة وفمه المفترس . تناهى له بأنه يسمع صوت أمه وضحكها العذب يصله من بعيد . رعشة الخوف والحنين اللذيذ دبت في صدره بغتة . ود لو يركض يرتمي بين أحضانها في هذه اللحظة . في تلك اللحظة بالضبط حانت منها إلتفاتة مباغتة فأذا هي وجهاً لوجه مع التمساح بينهما مسافة بسيطة كانت كافية لتنبت لها أجنحة تطير بهما هاربة من بين أنياب الموت .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |