|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
حسن مدبولى
2024 / 4 / 2
لا يعرف أحد لماذا لا يحتفل التنويريون ولا محافل النساء ولوبياتهن المتعددة فى مصر والعالم العربى ولا الجهات الرسمية المتخصصة ، بالفيلسوفة المصرية القديمة هيباتشيا ؟ولا نفهم لماذا لم يتم وضع مجسم عملاق لها بمدخل الإسكندرية، أو إطلاق إسمها على أحد الميادين الكبرى هناك ، كما نستغرب أيضا عدم إقامة تمثال كبير لها بالعاصمة الإدارية الجديدة يماثل تمثال الحرية الأمريكى ، كتكريم وتعويض عما نالها، وكتعريف عظيم و صادق يليق بتاريخها ، وليس كمجرد تمثال نمطى روتينى مثل تمثالها المتواضع الذى أقيم بطريقة خجولة بساحة محدودة بالماسة كابيتال ، ثم تهميش الاهتمام الإعلامى به بعد ضغوط مجهولة، مع إنه كان يمكن إعتبار سيرتها أفضل عنوان للجمهورية الجديدة،واضافة تلك السيرة إلى المناهج التعليمية كمدخل للتوعية الحقيقية غير المغرضة ؟
فهيباتشيا تعتبر رمزا تنويريا شديد الروعة ودليل دامغ على أصالة المرأة المصرية القديمة وعلمها ، كما أن ما حدث لها يثبت أن أضطهاد المتدينين للمرأة المتفوقة كان جزءا من التدين القديم ولم يكن مرادفا لهبوط الوحي الإسلامى ؟
نبذة عن هيباتيا أو هيباتشيا :
كانت هيباتشيا فيلسوفة مصرية سكندرية رائعة الفكر والجمال، تخصصت في الفلسفة الأفلاطونية المحدثة، وهي تعد أول امرأة في التاريخ يلمع اسمها كعالمة رياضيات أيضا، كما لمعت في تدريس الفلسفة وعلم الفلك.وكانت لها ندوات وأنشطة فلسفية بمكتبة الإسكندرية القديمة ،كما كان لها العديد من المؤمنين بأفكارها والعاشقين لجمالها وحسن منطقها والذين كانوا يحجون إلى مكتبة الإسكندرية من أجلها،
وهيباتشيا لم تكن مجرد أنثى مجتهدة فى الفكر ورائعة الجمال فقط ، لكنها كانت أفضل محاضرة وفيلسوفة فى تاريخ مصر السابق واللاحق ، وكانت تهزم كل من يحاورها من أقرانها وتثبت كذب إدعاءاتهم ، وهو الأمر الذى كان يزيد من أتباعها ويحد من الدعوات الأخرى المناقضة لأفكارها، وباتت تقترب من أن تكون فى منزلة الأنبياء لدى ملايين البشر ،لذا كرهها رجال الدين المتزمتين الذين تسللوا إلى مصر فى ذلك الوقت، حيث باتت هيباتشيا عدوتهم الأولى وإن لم يفصحوا (لم يكن الدين الإسلامى قد وجد بعد) ،
إتبعت هيباتشيا النهج الرياضي لأكاديمية أفلاطون في أثينا، التي مثّلها إيودوكيوس الكنيدوسي،كما تأثرت بفكر أفلوطين الذي عاش في القرن الثالث الميلادي، والذي كان يفضّل الدراسة المنطقية والرياضية بدلاً من المعرفة النظرية، وهو ما زاد من علمية منطقها وقوة برهانها ، وعرى جهل أعدائها ،
وظلت الفيلسوفة العبقرية تعيش حياة فكرية وفلسفية رائعة في حقبة مصر الرومانية، حتى إستقر وتوسع حكم المتدينين الجدد فى ذلك الوقت، حيث منحتهم( روما ) دعمها الكامل ، كما أن أذنت لهم فى معاونتها فى إحتلال وحكم العباد والبلاد ، وعندما ازداد نفوذ عملاء روما فى مصر وتغولوا تذكر هؤلاء المتطرفون خطورة فلسفة هيباتشيا وعلمها وخزيهم الدائم أمام منطقها ، فدبروا لها وحرضوا العامة عليها وطالبوا بعقابها ، ثم بادروا فذهبوا إلى مقرها بمكتبة الإسكندرية ، وحاصروها بقيادة حشد من رجال الدين المتطرفين ،الذين إتهموها بممارسة السحر والإلحاد والتسبب في اضطرابات دينية ،ثم قام بعض رجال الدين الرسميين ومعهم آلاف من التابعين الغوغاء(المتدينين) بسحلها وجرها عارية فى الطرقات، وظلوا على ذلك الحال حتى انسلخ جلدها وتشوه وجهها ،ثم أحرقوها بكل وحشية ؟
و بعد قتل هذه الفيلسوفة العظيمة بهذه الطريقة الهمجية عام 415 م عن عمر يقارب الخمسة والأربعين عاما ، قام نفس هؤلاء المتطرفون بإحراق مكتبة الإسكندرية القديمة التى كانت تعتبر مقرا علميا وثقافيا عظيم الشأن ، وأهدرت بسبب ذلك الحريق الوحشى نفائس علمية و ثقافية وتاريخية لا تقدر بثمن ، كلها راحت كما راحت راعيتها ومنبع كنوزها ؟
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |