|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
مهند طلال الاخرس
2024 / 4 / 1
النقد والنقد الذاتي؛ كتاب ليحيى عبد السلام حبش (صخر حبش) أبو نزار.، والكتاب بطبعته الرابعة سنة 1998 الصادر عن مكتب الشؤون الفكرية والدراسات في حركة فتح يقع على متن 308 صفحات من القطع المتوسط.
هذا الكتاب تجميع لعدد وفير من الادبيات التنظيمية التي تم اعتمادها وتداولها في الاطر التنظيمية على اختلاف انواعها ومسمياتها ومستوياتها...
هذا الكتاب يتناول باسهاب موضوعين اساسيين: النقد والنقد الذاتي بتفرعاته، ثم قواعد المسلكية الثورية في المجالات المختلفة.
مواد هذا الكتاب وفصوله كانت قد نشرت سابقا في نشرة فتح ونشرة الثورة طريقنا الى الحرية منذ عام ١٩٧١ وحتى عام ١٩٧٤.
مواد الكتاب ومواضيعه جائت زاخرة وحافلة بالتفاصيل والمباديء والاسس التنظيمية والتي ترسم الخط السياسي وتحدد خط الجماهير وهيكل التنظيم، وهذا الكتاب بزخم معلوته قدم مدرسة تنظيمية بزبدة تجارب خالصة ممكن الاستفادة والافادة منها على الدوام ولو بنسب متفاوتة، فجل المواضيع والدروس والتجارب التنظيمية المطروحة لازالت صالحة للان وممكن الاستفادة منها حتى الحد الاقصى، هذا طبعا ان توافرت النيات القيادية السليمة لخلق بيئة تنظيمية قوية ومتراصة ومتناغمة تحمل اعباء المرحلة وتكمل مشروع التحرير بعيدا عن التحوير والتخريف والاستزلام والتبعية وما دون ذلك ستبقى اطرنا التنظيمية والحركية[ وبالذات فتح] في مهب الريح يستفيد منها المرتزق وينتفع بها الانتهازي ويدفع المناضل الحقيقي من دمه وسني عمره ثمن التراخي في غياب الاطار التنظيمي المنضبط والملتزم والذي يمارس النقد والنقد الذاتي ضمن الاصول والاطر الحركية والقواعد الموضوعية للنقد.
مقتطفات من الكتاب :
ان الحاجة الى الوقفة مع الذات وتجسيد رؤية المستقبل على حقيقته تؤكد ان الدرع الذي يمكن ان يحققه لنا مبدا النقد والنقد الذاتي وقواعد المسلكية الثورية في المجالات المختلفة يشكل مجمل اطواق السلام الوطنية في مرحلة خطيرة من تاريخ قضيتنا ص٧.
ان ذروه الحماية الذاتية للحركات الثورية تتحقق من خلال تفعيل حياة داخلية لابناء التنظيم، وبما تشكله هذه الحياة السليمة من انعكاس على حياة المجتمع من خلال تفعيل الحياة الداخلية للمؤسسات والمنظمات الشعبية والنقابية من خلال مؤتمراتها الدوري وممارساتها اليومية ص٨.
ان تجربة النقد والنقد الذاتي التي سادت داخل البناء الحزبي في الصين ساهمت في حماية البنية التنظيمية من الانهيار الذي اصاب الاتحاد السوفيتي؛ حيث سادت البيروقراطية الحزبية والتسلط وغاب النقد الذي هو المقدمة الطبيعية للانهيار . فالنقد والنقد الذاتي يعني استمرار الاصلاح وسد ثغرات الضعف والحفاظ على التوازن النفسي والروحي والجسدي والفكري عند الانسان المسؤول؛ بحيث تشكل مسلكيته دعامة ورافعة للتطور الايجابي، وتسد في نفس الوقت الطريق امام نزعات التخريب ص٨.
انما يلفت النظر في ساحة النضال العربية عامة والفلسطينية خاصة هو التطرف في الاحكام علي رفاق المسيرة والسلاح نتيجة اي اختلاف، وتصعيد المواقف بين اطراف حركة التحرر العربية او الاطراف المناضلة في الثورة الفلسطينية الى درجة الاتهام بالخيانة والقذف بكل انواع الاسلحة الجارحة التي تصل في بعض الحالات الى العنف المسلح ص٩.
لقد اعطت كافة الحركات التحررية والاحزاب والقوى التقدمية اهتماما بالغا بمسالة النقد والنقد الذاتي، واصبح هذا المبدا يشكل احد الاسس التي يقوم عليها التركيب التنظيمي للحركة او الحزب، وليس هنالك من نظام داخلي لحركة او حزب تقدميين الاّ واحتل مبدا النقد الذاتي مكانه فيها كاحد اهم القواعد الاساسية للتنظيم الثوري ص٩.
ان الذين يقللون من اهمية النقد والنقد الذاتي وينزعون الى ممارسات الظلم والانتقام والاستبداد داخل صفوف الثورة، هم انفسهم الذين يطربون للمنافقين والمتملقين الذين يهمسون ويدسون من اجل تحقيق مكاسب شخصية، وهكذا فان غياب النقد والنقد الذاتي من الحياة الحركية الثورية يعني خلق المناخ الملائم ليرتع فيها الانتهازيون والمتسلقون ص١٠.
لهذا فان ممارسة النقد والنقد الذاتي في الحركات الثورية تعتمد على منطلقات اساسية تشكل في مجموعها نظرية العمل للحركة الثوريه، وهذه المنطلقات هي خط الجماهير والخط السياسي والخط التنظيمي والخط العسكري للحركة الثورية ص١٧.
[النقد وخط الجماهير] تنطلق الحركات الثورية التقدمية لتحقيق مصلحه الجماهير ولتخليصها من الواقع الذي تعاني فيه من سيطرة الفئات المستغلة الظالمة. فعندما تكون الجماهير مسلوبة الارادة ضعيفة ومغتصبة مغلوبة على امرها ، مستعبدة فوق ارضها، او مشردة عنها ، نتيجة ظلم اجتماعي طبقي او استعماري استيطاني عدواني، فانها تفرز من بين صفوفها الطلائع التي تتحسس الظلم دربا وحيدا هو درب الثورة. وتكون مهمة هذه الطلائع هي قيادة الجماهير ومساعدتهم لتقوم بتحرير نفسها بنفسها، ولتعمل على طرد اعدائها المغتصبين لارضها ص ١٧.
ان خط الجماهير مسالة اساسية في عمل الحركات الثورية خصوصا في مرحلة التحرر الوطني من الاستعمار الاستيطاني ، حيث تكون الحركة الثورية مطالبة بتجميع اكبر قاعدة جماهيرية كمنطلق لها . والجماهير لا تجتمع على اهداف لا ترى امكانية تحقيقها، او التي ترى ان تحقيقها يتعارض مع مصالحها، ولهذا فان الطلائع الثورية ان تركز على الشعارات التي تجمع حولها قطاعات واسعة من الجماهير، وان تتجنب الخوض في التفاصيل التي تغرق الجماهير في نقاشات قد يؤدي الى بعثرتها وفشل وحدتها ص٢٢ .
ان على الطلاق ان تطرح دائما شعارات مرحلية هي مشاعل الطريق لتحقيق الهدف النهائي الذي يجب ان يكون هدفا جماهيريا مؤكدا لخط الجماهير ص٢٢.
اذا كانت الجماهير تعاني من وضع استغلالي بواسطة طبقة مستغلة داخلية فان العدالة الاجتماعية تكون هدفا محددا، ويصبح الصراع ذو سمة طبقية وتكون الثورة الاجتماعية. اما اذا كانت الجماهير الغفيرة تعاني من استعمار خارجي، فان اول ما يهمها هو طرد الاستعمار من ارضها، ولكي تحقق هذا الهدف فان الحركة الثورية تجد نفسها في وضع يفرض عليها خلق التحالفات مع كافة الطبقات في المجتمع والتي لها مصلحه في طرد الاستعمار، وان تفاوتت درجه هذه المصلحة بين طبقة واخرى، ولكن الحركة الثورية تعزل بقوة كل الفئات التي ترتبط بالقوة المستعمرة والتي لها مصلحة في استمرار الواقع، وفي هذه الحالة تتداخل الثورة الاجتماعية ومرحلة التحرر الوطني بدرجات متفاوتة في اطار مرحله الثورة الوطنية الديمقراطية ص٣٠.
ان الانحراف اليمين والانحراف اليساري الطفولي هو خروج عن الالتزام الثوري بنظرية الحركة، ولهذا فان اعضاء الحركة الثورييون مطالبون من خلال تمسكهم بقواعد المسلكية الثورية، ان يكشفوا الانحرافات ايا كان شكلها ومصدرها، ويعملون على تصحيح الافكار الخاطئة، حتى يظل الخط الثوري الصحيح هودليل العمل لمجمل اعضاء الحركة ص٨٦.
ان الانحراف اليميني الذي يقع في خطأ التفريط بالاهداف الاستراتيجية، والخط الصحيح في سبيل تحقيق مكاسب انية، ينبع في الاصل من فقدان الثقة بالجماهير وبقدرتها على استمرار النضال ص٨٦.
ان الانحرافات اليمنية تكرس داخل الحركهة الثورية مجموعة من الامراض، كي تضمن سهولة تحقيقها لاغراضها الذاتية، فهي تعمل على تسيب التنظيم وتكرس فيه ظواهر مرضيه كالشللية والاستزلام والوظائفية والبيروقراطية الى جانب تكريسها الامراض ذاتها داخل القوات المسلحة مما يجعلها اداة قمع للجماهير ص ٨٦.
ان الانحراف اليميني يحطم خط الجماهير والخط التنظيمي والخط العسكري، وهو عاجلا او اجلا يحطم الثورة ويقودها الى الاستسلام للعدو، اما الانحراف اليساري الطفولي الذي يتميز باصوات مجلجلة فاقدة للمنهجية العلمية فيوقعها اسيره اهوائها وطموحاتها الذاتية ويقذفها في مباريات الجمل الطنانة والمزايدات المفضوحة، ويجعلها تغوص في تحليلات ابعد ما تكون عن الموضوعية تتركز في جانب واحد من القضية يفرط بكل مكتسباتها الانية في سبيل ما تظنه الفئات الطفولية اليسارية مكاسب استراتيجية، وتكون تحليلات الفئات المنحرفة للقوى المتصارعة مبالغ فيها بالسلب او الايجاب ، ولا تقوم على اي اسس سليمة من المنطق والمعرفة ص٨٧.
ان الحركة الثورية تحمي نفسها من الانحرافات اليمينية واليسارية والطفولية بتاكيد الممارسة على اساس مفهوم قواعد المسلكية الثورية في كافة المجالات وخصوصا في المجال السياسي ص 87.
اني مفهوم الامن الثوري هو الذي يجعل من الثورة هرما متراصا متماسكا، قادرا على مواجهة كل الصعوبات من جهة، قادرا على الفعل الثوري وتحقيق الانتصارات الدائمة من جهه اخرى. وعندما تكون الدوافع الثورية الاصيلة وهي الايمان بحتمية النصر والاستعداد للتضحية في سبيل الوطن هي الدافع للقيام بالواجب تصبح الممارسة الفعلية لمواجهة المهام الصعبة هي المحك الحقيقي لاصالة الالتزام الثوري، ويصبح من الصعب على اعداء الثورة الوصول الى اهدافهم في التسلل الى صفوفها واختراق مراتبها التنظيمية المسؤولة. اما اذا كان الدافع للقيام بالواجب ماديا فان الثورة اعجز من ان تجاري وتباري اعدائها في الانفاق الباهض وتامين الاغراءات، التي لا يستطيع مقاومتها الا الثوري الواعي الملتزم ص ٢٩٦.
ان دور النقد والنقد الذاتي في محاربة المسلكيات الخاطئة وغير المسؤولة هو ضمان اكيد لتحقيق الحماية الداخلية لحياة الحركة الثورية. ان دور النقد والنقد الذاتي في تاكيد المسلكية الثورية في كافة المجالات هو ضمانة لتصعيد قدرات الحركة الثورية على مواجهة مهامها النضالية وانجازها بفعالية قصوى، الى جانب ان المسلكية الثورية هي التي تعري استمرار كل المسلكيات الخاطئة داخل الحركه ص 302.
ان النقد والنقد الذاتي الصريح للاخطاء يظهر القوة العظيمة التي تتمتع بها الحركة الثورية، مما يعمق فيها مفهوم الامن الثوري، ويؤكد النقاء السياسي، والدقة التنظيمية والكفاءة القتالية، وهذه كلها طريق الضمانة للنصر ص 306.
هذا الكتاب بصفحاته 308 يقع على امتداد 10 فصول.
الفصل الاول: يتحدث عن منطلقات النقد والنقد الذاتي في الحركات الثورية.
الفصل الثاني: يتكلم عن مقاييس النقد في الحركات الثورية. الفصل الثالث: ويتناول قواعد المسلكية الثورية في المجال الجماهيري.
الفصل الرابع: قواعد المسلكية الثورية في المجال السياسي.
الفصل الخامس: قواعد المسلكية الثورية في المجال التنظيمي.
الفصل السادس: قواعد المسلكية الثورية في المجال العسكري.
الفصل السابع: قواعد المسلكية الثورية للكوادر.
الفصل الثامن: ويتناول
ا/ النقد والنقد الذاتي في الحركات الثورية.
ب/ثم النقد والنقد الذاتي في حركة فتح .
ج/ثم النقد والنقد الذاتي في الحزب الشيوعي الصيني.
د/ ثم النقد والنقد الذاتي في الحزب الشيوعي السوفياتي.
ه/ ثم النقد والنقد الذاتي في الحزب الشيوعي للهند الصينية.
الفصل التاسع: ويتناول النقد والنقد الذاتي.
الفصل العاشر: ويتناول النقد والامن الثوري.
كاتب ومؤلف هذا الكتاب هو قائد ورمز من رموز حركة فتح الذين يشار اليهم بالبنان، والذي تبوأ مفوض الشؤون الفكرية والدراسات فكان له جهد دؤوب واعمال ونشرات تحمل في طياتها سيرة وتاريخ وارث الحركة، وربما يكون في هذا الكتاب تأكيد على مكانة وقامة هذه الشخصية التي استطاعت ان تقرن السلوك بالعمل وان تقدم نموذجا ثوريا يعتد ويقتدى به، وفي هذا الكتاب كثير مما يطمح له كل انسان ثوري ملتزم بقضية مبدأية قضية فلسطين ويؤمن بالعمل التنظيمي كطريق لهذه الغاية النبيلة ذات الهدف السامي.
صاحب هذا الكتاب او ما نحب ان نسميها الادبيات التنظيمية هو صخر حبش وفي سيرته الذاتية كثير من المحطات النضالية وفي جعبته الكثير ايضا من التجارب الثورية التي تحفزنا اولا: للاطلاع على الكتاب اكثر واكثر، وتدعونا لمعرفة سيرته الذاتية ثانيا والتي تشير الى انه ولد عام 1939 في بيت دجن قضاء يافا، ثم عاش اللجوء وعائلته بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948. وحصل على شهادة الماجستير في الهندسة الجيولوجية من جامعة أريزونا في الولايات المتحدة الأميركية عام 1962، وعمل مسؤولاً لسلطة مصادر الطبيعة في الأردن، وكان من المؤسسين الأوائل لحركة ‘فتح’.
أسس حبش عام 1967 مؤسسة الأشبال والزهرات وكان عضواً في لجنة إقليم الأردن، وشارك في تأسيس إذاعة صوت فلسطين بالأردن.
انتقل بعد أحداث أيلول عام 1970 إلى لبنان وتقلد مواقع قيادية أبرزها معتمداً لإقليم لبنان وكذلك كان مساعداً للرئيس الراحل ياسر عرفات، وانتخب عضواً في المجلس الثوري لحركة ‘فتح’ في المؤتمر الرابع، وانتخب عام 1980 أميناً لسر المجلس، ثم انتخب في المؤتمر الخامس لحركة ‘فتح’ عضواً في اللجنة المركزية للحركة وتسلم مفوضية الشؤون الفكرية والدراسات.
كان الشهيد حبش متعدد المواهب والقدرات، درس الهندسة وكان ينظم الشعر ويبحر في الأدب والعلوم والفنون، وكان شغوفاً لحياة تتكامل فيها مكونات قدراته وشخصيته، يصقل ذاته بما يليق بلاجئ يبحث عن وطن.
اختير بعد انتخابه في اللجنة المركزية، خلال المؤتمر العام الخامس لحركة ‘فتح’ مفوضاً للتعبئة الفكرية، لتكون رحلته في عالم البحث وتوثيق تاريخ الثورة الفلسطينية و’فتح’.
امثال صخر حبش يعرفون جيدا حجم المهمة الملقاة على اعتاقهم؛ لكن الاهم انهم وعوا مسبقا دورهم بالتاريخ فكتبوه وساروه بكل انفة وعزم واصرار، فطوبى وطيب لاخينا الكبير صخر حبش ولامثاله من الرواد الاوائل.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |