|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
حسن أحراث
2024 / 3 / 23
محطة نضالية فارقة في الحياة السياسية المغربية..
عرفت الحياة السياسية المغربية منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي عدة محطات نضالية، قدمت من خلالها أوسع الجماهير الشعبية تضحيات بطولية في مواجهة الاغتيالات والاعتقالات والنفي والتشريد والعاهات الجسدية والنفسية...
وكانت كل هذه المحطات مناهضة للنظام القائم والاستعمار ومؤامراتهما ومن أجل تحرر الشعب المغربي وانعتاقه. وما يحسب لغير صالح المناضلين هو عدم إعطاء ما يكفي من الأهمية لهذه التجارب وغيرها، وخاصة تجربتي المقاومة المسلحة وجيش التحرير. وحتى الآن، نغمض أعيننا عن مختلف الأشكال النضالية من انتفاضات شعبية وإضرابات ومسيرات...الخ. وبالتالي يغيب في صفوف المناضلين التواصل القائم على النقد البناء والنقد الذاتي والمحاسبة والتقييم..
لا أتحدث هنا عن اليسار بهلاميته أو ما يطلق عليه اليسار وهو ليس كذلك، الأمر حقا يهم المناضلين الذين يتبنون شعار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية.
وأريد أن أحيل هنا على انتفاضة 23 مارس 1965، وأعتبرها علامة فارقة في الحياة السياسية. لقد فضحت الأحزاب السياسية الإصلاحية حينذاك ورموزها المهادنة، وخاصة حزبي التحرر والاشتراكية (الحزب الشيوعي سابقا) والاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وساهمت بشكل كبير في ميلاد الحركة الماركسية اللينينية المغربية (الحملم) بمنظمتيها "أ" (الى الأمام) و"ب" (23 مارس) ومنظمة لنخدم الشعب فيما بعد.
طبعا، ليست الانتفاضة العامل الوحيد الذي كان وراء تأسيس الحملم، لكنها كعامل داخلي أسقطت أوهام البورجوازية الصغيرة والرهان على القوى السياسية الإصلاحية ذات السقف السياسي المحدود، وعرت انتهازيتها وتخاذلها وأيضا تواطؤها مع النظام. ولم يبق أمام المناضلين الثوريين المنحدرين من حزبي التحرر والاشتراكية والاتحاد الوطني للقوات الشعبية غير "الطلاق"؛ وليس هذا الأخير فقط، بل الانخراط في دينامية جديدة لتأسيس تجربة ثورية في مستوى تطلعات الجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء.
وبالفعل، كان لتأسيس الحملم ما بعده. لقد زعزعت الأرض تحت أقدام النظام والقوى الرجعية والإصلاحية. وهو ما حدا به الى اعتماد كافة الأساليب الإجرامية لاستئصالها (الاغتيال والاعتقال والتعذيب...)، وهو ما عُرف بسنوات الرصاص أو سنوات الحديد والنار، خاصة والارتباك الذي عاشه إثر التجربتين العسكريتين الانقلابيتين.
ورغم ما لهذه التجربة الرائدة وما عليها وما تولّد عنها، ستبقى بوصلة للمناضلين المقتنعين بضرورة إنجاز مهام التغيير الجذري. ولأنها كذلك، أي بوصلة تقي من التيه السياسي، فلم تتوقف التضحيات والنضالات في مختلف القطاعات، وقافلة الشهداء والمعتقلين السياسيين تفضح الانتهازيين ودعاة التصالح..
لكن، أليس هناك ما يستدعي بعد كل الانتفاضات الشعبية اللاحقة "طلاقا" جديدا والانخراط في دينامية متجددة تعزز المبادرات المشتتة الحالية، وخاصة على مستوى التنظيم؟
إن أجمل تخليد الآن لانتفاضة 23 مارس 1965 (الذكرى 59) هو استيعاب دروسها، وأهم دروسها الاشتغال على بناء التنظيم الثوري، والوفاء لشهدائها وتطلعاتهم، علما أن الصراع الطبقي يزداد حدة والنظام من جانبه لا يتوانى في تنزيل مخططاته الطبقية التفقيرية المستمدة من توصيات الامبريالية ومؤسساتها المالية، بالإضافة الى توفيره كل شروط التغلغل الصهيوني ببلادنا المؤطر بجريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني..
المجد والخلود لشهداء انتفاضة 23 مارس 1965 ولكافة شهداء شعبنا؛
لنناضل ضد المخططات الطبقية للنظام ومن أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين؛
النصر للشعب الفلسطيني البطل...