منعت اكاديمية التعليم في باريس عرض فيلم رسوم متحركة عن القضية الفلسطينية ؟!

سمير حنا خمورو
2024 / 3 / 22

منعت اكاديمية التعليم في باريس عرض فيلم رسوم متحركة عن القضية الفلسطينية ؟!

كيف تكون شكل الرقابة إذن ؟ بينما تبث قنوات التلفزيون الفرنسية عشرات من الأفلام الوثائقية والروائية عن ما عاناه اليهود قبل واثناء الحرب العالمية الثانية منذ 7 من اكتوبر ، الغت اكاديمية التعليم في باريس خلافاً لنصيحة عدد من المتخصصين في مجال التعليم والسينما وحرية الرأي، عرض فيلم رسوم متحركة (البرج) The Tower أو وردي كما ترجم العنوان خطاءً للفرنسية وفي الواقع ان اسم بطلة الفيلم فتاة فلسطينية صغيرة اسمها ورده. لقد اثار العديد من المعلمين تساؤلات مع إدارة الأكاديمية مؤكدين انها فرصة جيدة ومهمة فيما يتعلق بعرض فيلم الرسوم المتحركة البرج الذي يتناول الصراع الاسرائيلي الفلسطيني".

وصلت الرسالة الإلكترونية الاولى في 12 اكتىبد/ تشرين الاول الى رابطة السينما الباريسية المستقلة CIP التي تنسق اختيار الافلام ضمن البرنامج السنوي السينما في المدارس الإعدادية، وقد كانت قد اختارت فيلم الرسوم المتحركة الروائي الطويل "البرج" لغرض عرضه في الفصل الثاني من هذه السنة 2024 على طلبة صفوف الخامس والسادس الإعدادي في المدارس الباريسية، تخبرهم انها تطلب منعه وسحب الفيلم الذي يتحدث عن طفلة فلسطينية تعيش في مخيم للاجئيين في بيروت ، قرار رئيس أكاديمية باريس التعليمية ، الذي لم يتخذ مثله من قبل منذ ثلاثيين سنة من وجود نظام التعليم بالصورة المتحركة، وهذا يغني حرمان 2 مليون طالب، كما جاء في "جريدة الباريزيان". بينما تبرر الأكاديمية في رسالتها الموجهة للمعلمين " في الظروف المأساوية والتوتر الشديد الذي يمر بها الشرق الأوسط حاليا، قد يكون عرض فيلم البرج واستغلاله التعليمي حساساً للغاية، في سياق الحالي وعواقبه المحتملة على اراضينا ".

اثار هذا القرار دهشة وذهول مئات من المهنيين اللذين يعملون في السينما والتعليم وقاموا بإرسال رسالة احتجاج واعتراض على موقف الأكاديمية، وقد سبق ان اعرب (مرصد حرية الابداع) نهاية تشرين الأول /أكتوبر الماضي.
عن عدم رضاه عن عملية إلغاء البرمجة هذه "دعونا نسمي الأشياء كما هي: انها الرقابة على احد أطراف الصراع بينما نددت الحكومة عدة مرات بدعوات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية والشركات التي تقدم الدعم لحكومة نتنياهو التي اطلقتها الجمعيات التي تدافع عن فلسطين وشعبها وهذا اجراء اخر لقتل الحريات في ارض حقوق الإنسان وهو أمر لا يمكن تفسيره .

يحكي فيلم "البرج" للمخرج النرويجي "ماتس يرورو" Mats Grorud، حكاية طفلة فلسطينية ولدت وتعيش في مخيم برج البراجنة في لبنان. والقصة المؤلمة لجدها الذي طُرد من قريته عام 1948 ولا زال يحتفظ بمفتاح بيته. بالرغم من أن الفيلم عرض في أهم مهرجان سينمائي للرسوم المتحركة في مدينة انسي بفرنسا وفي مهرجانات أوروبية عديدة كما عرض ولمدة محدودة في بعض دور السينما الفرنسية.

وقد صدر بيان صحفي من اكاديمية التعليم الجنوبية في باريس SUD Education Paris، تستنكر إلغاء برمجة فيلم البرج من نظام (السينما في الإعدادية) وتطالب إعادته إلى البرمجة. كما تدين اكاديمية التعليم الجنوبية في باريس جميع المحاولات الرامية إلى إخفاء تاريخ الشعب الفلسطيني واستغلاله والرقابة عليه. لقد فوجئنا بإلغاء برمجة فيلم البرج المبرمج ضمن نظام المدارس في السينما Collège au cinéma بباريس، والذي يتيح لطلاب وطالبات المدارس الإعدادية اكتشاف الأعمال السينمائية والمواضيع التي تتناولها، لتطوير لديهم التفكير النقدي؟ أليس دور المدرسة أيضًا هو أن تكون مكانًا يتم فيه تشجيع التعبير والتبادل؟

وجاء في البيان ايضا "كان من المقرر في البداية عرض فيلم البرج للمخرج "ماتس يرورو" لموسم 2023-2024، ويتتبع مسار فتاة فلسطينية تبلغ من العمر 11 عامًا تعيش في مخيم برج البراجنة للاجئين في بيروت. في كتيب Collège au cinéma يُقدم "كفيلم رسوم متحركة حساس، حيث تثبت شخصيته الرئيسية وردة "بعينيها الواسعتين المفتوحتين على المدينة، وهي نفسها وسيط مثالي لنقل الكلمات والحوادث الحميمة إلى المشاهدين من جميع الآفاق ؛ إن عملية إلغاء البرمجة هذه التي تم اتخاذها في 12 تشرين الأول/ أكتوبر، في الوقت الذي تم فيه إلقاء الشكوك بشكل منهجي على الأصوات التي أثيرت للإبلاغ عن حدوث إبادة جماعية في قطاع غزة، يبدو لنا أنها بمثابة عمل من أعمال الرقابة. ومما يزيد من صعوبة هذه الرقابة أنها تساهم في وصم جزء من طلابنا بالعنصريين، الذين تُسقط عليهم الأحكام المسبقة، كما لو أن هؤلاء الطلاب لا يستطيعون التحدث عن فلسطين وكأن ذلك سيكون بالضرورة مصدرًا للصراع. وبالتالي فإن إلغاء البرمجة هذا هو جزء من سلسلة كاملة من الحظر والاستغلال الذي يغذي معاداة السامية وكراهية الإسلام. وبهذا المعنى، فهو أمر غير مسؤول تماما."

ان الدعاية الكاذبة لليمين المتطرف الاسرائيلي تفرض كل يوم وفي كل الأوقات وفي جميع وسائل الإعلام الفرنسية المكتوبة والمرئية والمسموعة دون ان يسمح لاحد بتكذيبها وبلا اي معارضة. وكل من يحاول تقديم رواية مختلفة يتم ترهيبه بمعاداة السامية, بينما الفيلم الهاديء الذي يقترب من الشعر الذي يسمح للشباب بفهم تاريخ الصراع وحقيقة تهجير الفلسطينيين من ارضهم وبيوتهم يخضع للرقابة ويمنع ، الحرب تدور في القلوب والعقول ويساهم التعليم الوطني مع الأسف في ذلك الى جانب المستوطنيين الإسرائيليين، هذا الفيلم يسهل الوصول الى الحقائق وحساس وغني بالمعلومات . ولكنه يشمل خطرا من وجهة اللوبي الاسرائيلي في فرنسا فهو يضفي طابعا انسانيا على الفلسطينيين والاسوأ من ذلك انه يشير الى حقيقة تاريخية، الفلسطينيون ليسوا وحوش لا هدف اخر لهم سوى قتل الاسرائيليين مجاناٌ . ففي القدس والضفة الغربية يتم هدم بيوت الفلسطينيين وقتلهم وتهجيرهم والآن في غزة يرى العالم بوضوح المجازر التي ترتكبها القوات الصهيونية، المأساة بدأت عام 1948 بتهجير ملايين الفلسطينيين الذين تم ترحيلهم الى سوريا ولبنان والأردن ودول اخرى والذين تمت مصادرة بيوتهم واراضيهم وجرف بساتينهم وسرقتها من قبل المستوطنيين الذين جاءوا من كل بقاع أوروبا. ان فيلم وردة تقدم عنصرا لم تذكره اي وسيلة إعلامية فرنسية :الفيلم يذكر بأصل الصراع والحقائق التي تسمح لنا بفهم الوضع الحالي باختصار انه يهدم رواية الاسرائيلين الذين وصلوا الى ارض فارغة من البشر وكأنٓ الحرب بدأت في 7 اكتوبر 2003 في حين انها وقعت قبل اكثر من 75 سنة. والسؤال لماذا تعمل الدول الأوربية واميركا بإطلاق صفة الإرهاب على نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال في حين يطلق على الحركات الأوربية المسلحة للتخلص من الاحتلال النازي بحركات مقاومة ؟
القنوات الاخبارية الأوربية تضع صور واسماء القتلى والمحتجزين الاسرائيلين في عملية طوفان الأقصى بينما يتجاهلون مقتل 31 الف فلسطيني معظمهم من الاطفال والنساء وكبار السن في غزة ؟!. بالاضافة الى قصف وتجريف المنازل والجامعات والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس. كل ذلك لم يعد تسطيع لا إسرائيل ولا اللوبي الاسرائيلي واليمين الذي يدعم إسرائيل في أوروبا واميركا إخفاءه في زمن الكاميرا المجودة في التلفون المحمول ومواقع الاتصال الاجتماعي.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي