فوز بوتين ..

أحمد فاروق عباس
2024 / 3 / 19

أعلنت اليوم نتيجة الانتخابات الرئاسية في روسيا ، وكما كان متوقعا فاز فلاديمير بوتين باكتساح ، وحصل علي أكثر من ٨٧% من الأصوات ..

وكان أمام بوتين في الإنتخابات مرشح الحزب الشيوعي الروسي ومرشح الحزب الليبرالي ومرشح آخر ..

الغرب وصحافته ووسائل إعلامه تجاهل الموضوع كله ، وحاول التقليل من شأنه ، ولم تعترف دول رئيسية في الغرب بالنتائج !!

لم تعجب الانتخابات الروسية وفوز بوتين بها أمريكا ، لذا عدتها إنتخابات غير ديموقراطية !!

لقد أممت الولايات المتحدة الأمريكية الديموقراطية حول العالم لمصلحتها هي فقط ، فالانتخابات التي يفوز بها من تريده تصفها فورا بالانتخابات الديموقراطية ، في حين ان الانتخابات التي تسفر عن رجال أو اتجاهات لا تتوافق بنسبة كاملة مع السياسة الأمريكية تصفها فورا بالانتخابات غير الديموقراطية ..

لقد وصل مصدق لرئاسة الوزارة في إيران بصورة ديموقراطية ، ومع ذلك حاربته أمريكا وبريطانيا بضراوة ، وتحالفت مع رجال الدين المتعصبين في إيران ، ومولت قيام مظاهرات تنادي بإسقاط مصدق .. وتم إسقاط محمد مصدق بالفعل .. وهو حاكم منتخب ديموقراطيا ..

وكانت جريمة محمد مصدق أنه حاول تأميم البترول الإيراني ، وإرجاع مصدر الثروة الرئيسي في إيران إلي شعبها ..

وما فعلته أمريكا مع مصدق في أوائل الخمسينات فعلت مثله مع سلفادور الليندي في أوائل السبعينات ..

وصل سلفادور الليندي إلي رئاسة الوزارة في شيلي بصورة ديموقراطية ، وكانت كل مشكلة الليندي أنه رجل وطني يميل إلى الأفكار اليسارية ..

وفورا اتهمته وسائل الإعلام الأمريكية بأنه شيوعي خطر ، يمثل مصالح موسكو في منطقة تعدها أمريكا الباب الخلفي - أو الحديقة الخلفية - لها .. وهي قارة أمريكا اللاتينية ..

وازيح سلفادور الليندي من رئاسة الوزارة ... وقُتل !!

وازاحت شارل ديجول من رئاسة فرنسا بثورة ملونة ..

وازحت - بوسائل ناعمة - جيروهارد شرودر مستشار ألمانيا وجاك شيراك رئيس فرنسا عندما تحدياها قبل واثناء حرب العراق عام ٢٠٠٣ ، علي الرغم من توبتهما وندمهما بعد ذلك !!

لا يهم الولايات المتحدة وجود ديموقراطية او عدم وجودها في أي منطقة في العالم ، ما يهمها حقيقة عدم وجود رجال مستقلي الرأي في مواقع السلطة فى أي دولة ..

ولا ترضي أمريكا - الديموقراطية - بأي مظهر من مظاهر الاستقلال لتابعيها .. والذين تصفهم عندئذ - وعندما يسمعون الكلام - بالديموقراطيين ..

مع ان الديموقراطية في أمريكا ذاتها عليها ألف ملاحظة ، وهناك من يراها لعبة كراسي موسيقية أكبر من أن تكون تعبيرا عن الاتجاهات العميقة في الشعب الأمريكى ..

وفلاديمير بوتين حاكم وطني ، وهو رجل عاقل ، ويعرف حدود قوة بلاده ، ويفهم جيدا أن أمريكا - برغم كل شي - مازالت أقوي دولة في العالم ، وهو يريد التفاهم معها ولا يريد التصادم ..

وهذا الحاكم الوطني العاقل لا يعجب أمريكا ، فبوتين رجل مستقل الرأي ، وهمه الأول مصالح روسيا بلاده ، ومن هنا استحق غضب أمريكا عليه ، ووضع الشوك في طريقه ..

فدبرت له حربا مع جارته أوكرانيا ، وفرضت عليه وعلي بلاده عقوبات - بالألاف - اقتصادية وسياسية وعلمية وتكنولوجية .. بل ورياضية !!

لم يخضع فلاديمير بوتين للغضب الأمريكي وبطشه ، وما زال في ساحة التحدي .. يقاتل ويناور ، ويتصرف بذكاء معتاد ومشهور عنه ..

ومازالت أمريكا غاضبة عليه ، مثلما كانت دائما غاضبة على أي حاكم وطني يضع مصالح بلاده في المقدمة ، ومثلما ستظل غاضبة علي أي حاكم في أي مكان لا يسمع كلامها وينفذ أوامرها بنسبة مائة في المائة ..

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي