مذكرات سمسار أراضٍ صهيوني، يوسف نحماني

مهند طلال الاخرس
2024 / 3 / 19

مذكرات سمسار أراضٍ صهيوني، يوسف نحماني ويقع الكتاب على متن 366 صفحة من القطع الكبير، جمع الكتاب وحرره يوسيف فايتس ونشره بالعبرية في سنة 1969. ثم أعده للترجمة العربية وقدّم له الياس شوفاني وأصدرته دار الحصاد في دمشق سنة2010.

هذا الكتاب هو رسائل يوسف نحماني يومياته ومدوناته التي تركز على طرق الاستيلاء الملتوية على الاراضي بالشراء والخديعة والتغرير، ومن ثم تهجير اصحابها ومرابعيها.

ويوسف نحماني سمسار اراضي وصهيوني من طراز رفيع رهن عمره وحياته وامكانياته لاجل الاستيلاء على اراض الفلسطينيين ومنحها للاستيطان من اجل اقامة كيانهم المزعوم. عمل نحماني في استملاك الاراضي في الجليل وغور الاردن وخاصه في منطقه الحوله ومذكرات تتمحور اساسا حول نشاط في هذا المجال حيث لا يتبرعن الدخول في التفاصيل واراد اسماء الاشخاص الذين تعامل معهم واستخدمهم لاغراضه او اشترى منهم ارضا او اصطدم بهم في مسار عمله.

ان اهميه هذا الكتاب ليس فقط في المعلومة الموثقه التي يوردها عن سلوكه في استملاك الارض ولا في الكشف عن الحقيقة فيما يتعلق بالفئات المحصورة التي باعت الارض والتي نظرت اليها على الناس سلعة وليست وطنا ؛ بل ايضا في اعطاء صورة جلية عن الاساليب الملتوية التي استخدمها عملاء الحركة الصهيونية في انتزاع ملكية الارض من اصحابها او العاملين عليها او المرابعين فيها من سكانها الاصليين.

ويوسف نحماني من خلال هذا الكتاب يسجل انجازات هامة في تحقيق الحلم الصهيوني من خلال تفانيه واخلاصه لفكرته [المزعومة] فهذا الرجل كان سمسارا وعميلا وجاسوسا وعسكريا ويهوديا صهيونيا حتى النخاع وصاحب شبكة علاقات مهمة وظفها كلها لخدمة الفكرة الصهيونية بكل تفاني واخلاص.

هذا الكتاب صدر سابقا بعنوان يوسف نحماني رجل الجليل حرره صديقه ورئيسه في العمل في [الهكيرن هكيميت] يوسيف فايتس وهو الذي جمع المادة وصنفها واعدها للنشر من اوراق الرجل بعد وفاته، فصدر الكتاب في العام 1969 وصدر حينه في اربعة اجزاء.

والرسائل للمتتبع والقاريء في هذا الكتاب يجد ان معظمها موجهة من يوسف نحماني الى صديقه ورئيسه في العمل محرر هذا الكتاب يوسيف فايتس. وهو في معظم هذه الرسائل اما يخبره عن اراض يعمل عليها او يرغب في اسقاط اصحابها او يرغب في اموال لشراء اراضي او اغراء اخرين او انه بحاجة لمصاريف لتوفير الاسباب الضاغطة لشراء الاراضي...

وقد تركز عمله بالذات في الجليل وفي طبرية والحولة وصفد وقراهما مثل المالكية والنقيب وقدس والصبيح والعديسة والقرى الشمالية بالذات من اصبع الجليل.

وهذه الرسائل دائما ما كانت تشير الى انه يشتغل مع المختار الفلاني او الاسم الفلاني او التاجر الفلاني او السمسار الفلاني بغية الاستيلاء على الارض او القطعة الكذا او القطعة الكذا ، والغريب بالامر ان هذه الاسماء مذكورة بالتفصيل وبالاسماء المحددة والمعروفة للمهتمين من مخاتير هذه القرى او الاشخاص المتواطئون من العرب الفلسطينيين المذكرين بالاسماء ، ولم يتوانى يوسف نحماني في زيارة كل من سوريا وبيروت وشرق الاردن لغاية اتمام وسائل الضغط وبغية الاستيلاء على هذه الاراضي واتمام حجج التنازل وتسجيلها في دائرة الطابو، وفي ذلك تفاصيل كثيرة احتوتها الرسائل.

ولم تقف الرسائل عند حدود الاراضي والمتاجرة فيها واخضاعها للسيطرة الصهيونية، بل كانت تتضمن خطابات الى رئيس الدولة او رئيس الكنيست او رئيس الجيش وهو وزير الدفاع واشباههم ورئيس حتى المحكمة وكل من ممكن ان يستخدم يوسف نحمان العلاقة معه لانجاح الفكرة الصهيونية، فهو تارة ينقل معلومات امنية عن تحرك قوات او جيوش او اضطرابات او وجود قوميين او مقاومين عرب او اناس يعادون الفكرة الصهيونية، او انه يرغب بجلب مهاجرين جدد لاستصلاح اراضي واقامة مستوطنة ما في المكان الفلاني مثلا على الحدود السورية او لبنانية في المكان الفلاني عند القرية الفلانية، ويقوم لاجل ذلك بزيارات ودراسات مسحية كاملة، تفيد هذهىالدراسة بمررات استيطان هذا المكان، وان الاراضي حسب دراساته من حيث موقعها لا تخدم الزراعة وحسب بل تخدم الاستيطان ومن اجل خدمة اغراض سياسية وامنية كذلك وهذا هو الاهم ولب المشروع الصهيوني.

هذا الرجل كان يستخدم كل علاقاته فعلا لانجاح الفكرة الصهيونيه بكل تفاني فهو صهيوني حتى النخاع.

وتكمل اهمية هذا الكتاب في انه شهادة من عصره على الممارسات الاستيطانية الصهيونية والاساليب الملتوية التي استخدمتها في استملاك الاراضي واقتلاع الفلاحين العرب منها.

ان هذا الكتاب بما يتضمنه من هذا الرسائل تصلح لعمل دراسه سيكولوجية مستفيضة على الفكر الصهيوني وممارساته العملية اضافة الى دراسة الامراض الاجتماعية المختمرة[كالكذب والمقامرة والرشاوي والتدليس والمراوغة والتهديد والاغراء واختلاق الوقائع ...] اضافة الى كثير من المسلكيات والازمات القابعة في نفوس اليهود واوائل المستوطنين.


في مذكرات يوسف نحماني اليهودي الصهيوني الذي جاء الى الارض المحتلة من بعيد صور عن هذا العمل الدؤوب القائم على الكذب والتزوير وتزييف حقائق التاريخ لصنع تاريخ وهوية على حساب الغير، على حساب العرب الفلسطينيين، وبالمقابل صورة عن هذا الضياع والتضييع للتاريخ والهوية من جانبنا . كما هذا الكتاب يفيد جدا في معرفه ادق التفاصيل من ناحيه عمل واسلوب العدو وادواته ليصار الى الخروج من عتمه الضياع.

هذا الكتاب تلخيص حي لفكرة الراحل احمد حيدر في قوله في الاسرائيليين بانهم لا يملكون لا هويه ولا تاريخ لكنهم يصنعون تاريخا ويعملون على امتلاك هوية اما نحن العرب فنملك تاريخا وهوية ولكننا نعمل على ضياعهما.


هذا الكتاب؛ يعبر بشكل صارخ عن النموذج الاستيطاني اليهودي الذي صاغته الصهيونية بما يتلائم مع اهدافها، وبالتالي فهو شهادة ميدانية صادقة الى حد كبير عن نهج العمل الصهيوني الميداني في فلسطين.

في هذا الكتاب يظهر جليا ان يوسف نحماني لم يكن يعي تماما العلاقة العضوية للمشروع الاستيطاني مع الاستعمار العالمي ، واعتقد جازما كما يبدو من كتاباته التي كثيرا فيها التذمر من تركيز القيادة الصهيونية نشاطها على الساحة الدولية واغفالها الوضع الميداني. حيث كان ينظر ان المسالة تتوقف اساسا على الاستملاك والاستيلاء على الارض و الاستيطان عليها .

لقد دأب على التذمر من عمل السياسيين الذي لم يفهموه تماما، ورأى بعمله ونشاطه هو ورفاقه الركيزة الاساسية في خدمة الوطن والشعب على حد تعبيره.

واذ يهنئ نحماني نفسه على الظفر برؤية اسرائيل تقوم في حياته، فانه لم يلاحظ ان ذلك لم يكن نتاجه نتاجا للعمل في استملاك الاراضي والذي لم يحقق نجاحا كبيرا بل بفعل قرار سياسي دولي قادته الدول الامبريالية وعلى راسها الولايات المتحده الامريكية.

ان هذا الكتاب هو شهادة جرم وادانة بحق الاحتلال، فهذه شهادة من احد صناع الحركة الصهيونية ومن ادواتها الناشطة ميدانيا بل ومن انشطها والمنخرطة في الممارسة اليومية لبناء مستوطنات عنصرية على انقاض تدمير مجتمع قائم في وطنه الاصلي.

ومع التمعن في فصول الكتاب اكثر تظهر حقيقة حول مجمل العوامل التي تضافرت لجعل قيام هذا الكيان ممكنا.

ان اهمية هذا الكتاب ليس فقط في المعلومات الموثقة التي يوردها عن سلوكه نحماني وحركته الصهيونية في استملاك الارض ولا في الكشف عن الحقيقة فيما يتعلق بالفئات المحصورة التي باعت الارض والتي نظرت اليها على انها سلعة وليست وطنا؛ بل ايضا في اعطاء صورة جليه عن الاساليب الملتوية التي استخدمها عملاء الحركة الصهيونية في انتزاع ملكية الارض من اصحابها او العاملين عليها من سكانها الاصليين.

ومن اهم ما يبرز في هذا الكتاب هو الوعي الزائف الذي يميز المستوطنين عامة والصهاينة بوجه خاص حول الانتماء اليهودي الاسترجاعي الى فلسطين وازدواجية المعايير التي ورددها في خطابه الاخلاقي.

ولا غروا انه نحماني لم يتولى منصبا هاما بعد قيام الدولة اسوة ببعض رفاقه وذلك على الرغم من انه لم يفوت فرصة يعرض فيها نفسه لاحتلال مراكز قيادية، وهو لا يتردد في التعبير في رسائله ويومياته ومدوناته عن تطلعاته وصولا الى التشكيك فيمن اعتبرهم ذات مرة من اعز اصدقائه.

صاحب هذه المذكرات نرجسي يرى الكون من خلال ذاته وعمله ويعتبر نفسه معلما مبدعا للجميع، ويستغرب دائما لماذا لا تسمع ارائه ويجري العمل بناء على مقترحاته ونصائحه.

ان هذا الكتاب كما نشر هو مختارات جمعها وحررها رئيسه في العمل وصديقه الشخصي يوسيف فايتس وصدر بجهد مشترك بين عائله الكاتب ودار النشر مساده في رامات جان سنه 1969 ، والاكيد ان هناك رسائل اخرى .

يوسف نحماني صاحب هذا الكتاب مواليد 1891 ومتوفي سنه 1965 ولد في روسيا لعائلة يهودية متدينة عملت في زراعه الخضروات والاشجار وفي اعقاب مشاكل مع الدولة الروسيه هاجر مع اخيه الاكبر موشي الى فلسطين في نهايه العام 1907 وذلك بعد حصولهم على جوازات سفر باسماء مستعارة.

ولدى وصوله الى البلد اشتغل نحماني عاملا زراعيا في كروم العنب في جبال القدس كما في مستوطن الزخروني يعكوف . وفي عام ١٩٠٨ انتقل الى القدس حيث انضم الى مجموعة صغيرة مع هيتسحاق وزوجته لاحقا وبنغوريون وغيرهم . وعمل في مطبعة حيث انضم الى حزب عمال صهيون، ونشط في تنظيم عمال المطبعة اليهود وفي تلك الفترة رافق يتسحاق ورحيل مع انه يصغرهما سنا في تجوالهم للتعرف على المحيط واثاره ومن هنا جائت علاقته الوثيقة بهما والتي دامت لفتره طويلة.

وفي عام 1911 خرج الى الجليل وانضم الى منظمة الحارس هاشمير بقيادة اسرائيل شوحط وزوجته مانيا وعمل بداية في مستوطنة مرحافيه، ثم تنقل في مستوطنة اخرى الشجرة وبيت جن، وظل يعمل في هاشومير الى ان حُلت المنظمة في عام 1920 ، وانتقل بعد ذلك العمل في الشرطة العبرية، واستمر فيها خلال فتره الانتداب البريطاني من عام 1918 الى عام 1948، وظل يتلقى راتبا لفترة طويلة بصفته شرطي خيال.

وفي العام 1921 انتقلت عائله نحمان الى طبرية حيث نشط الرجل في شؤون المدينة بصفه عضوا في المجلس البلدي عن الطائفة اليهودية، وفي نفس الوقت عمل مع شركة بيكا في شراء الاراضي حتى العام 1935.

وشركة بيكا هي الاتحاد الاسطاني اليهودي في فلسطين تاسست عام 1882 على يد الثري اليهودي الفرنسي البارون ادموند دي روتشيلد، وظلت تحت اشرافه المباشر عبر موظفين من قبله الى العام 1900، وعندما نقل ادارته الى شركة ايكا [ اتحاد الاستيطاني اليهودي] التي اسسها عام 1891 البارون اليهودي موريس وفي سنه 1924 تولى الابن الاكبر للبارون روتشيلد جيمس ادارة الشركة حتى موته في عام 1957. وقبل موته بفترة قصيرة كتبت جيمس دي روتشلد رساله الى ديفيد بن غوريون وهب فيه جميع املاك الشركة لدولة اسرائيل مع من حوالة مالية هدية بقيمة ستة ملايين ليرة اسرائيلية لبناء كنيست اسرائيل في القدس، وكان هم البارون اعانة المستوطنين اليهود الاوائل.

وحول هذا المتاب كتب صقر ابو فخر مقالا مطولا جاء فيه:


>> ويورد الكتاب معلومات أولية عن بداية تنظيم «الدفاع» عن المستوطنات في سنة 1920 حين ظهرت شرطة الخيّالة بعدما تعرضت مستعمرات الجليل مثل مشمار هايردن لهجمات الفلاحين العرب (ص 46)، غير أن الكتاب يكشف أن الصدامات الأولى بدأت، لا مع الفلاحين العرب كما هو شائع، بل مع البدو الذين كانوا يستعينون بقبائل حوران للإغارة على المستوطنات في طبرية وجوارها، ولا سيما مستعمرتي دغانيا أودغانيا ب (ص 52). أما كلمة “العرب” فهي ترد في هذه الترجمة بمعنى البدو أحياناً، وكان يجب ترجمتها إلى “الأعراب”، وأحياناً بمعنى المواطنين العرب. ويتحدث الكتاب أيضاً عن بدايات صناعة السلاح في “الييشوف” وكيف حاول الصهيونيون آنذاك ملاءمة الذخيرة التركية مع البنادق الألمانية التي كانوا يمتلكونها. ويرسم الكاتب صورة واقعية غير زاهية للعمل الصهيوني في فلسطين تخالف الكلام التعبوي والأيديولوجي على الطلائع الأولى فيقول: “حياة الرفاق مسمومة. الواحد منهم لا يحتمل رفيقه، والعمل يسير من دون نظام” ( ص 40

>> تمكن نحماني من تأسيس صداقات متشعبة مع الفلسطينيين، لكنه وظف علاقاته كلها في خدمة عمليات شراء الأراضي. ومن الأشخاص الذين ارتبطوا به بعلاقات متشعبة كل من خليل فرنسيس والمطران عقيل (اليد اليمنى للبطريرك الماروني آنذاك) والياس نمور (من بيروت) وعبد الحسين بزي (من بنت جبيل) وعبد الغني مارديني ونعيم شقير (من ميس الجبل) ونسيب غبريل (من حاصبيا) وعلي العبد الله وخليل فرحات وعادل بدير وغيرهم
>>
>> مَن باع الأرض؟
>> في أواخر نيسان 1997 نشرت صحيفة “فصل المقال” التي كانت تصدر في الناصرة قائمة بأسماء بعض الفلسطينيين المشهورين ممن باعوا اليهودَ بعض أراضيهم بين سنة 1918 وسنة 1945. واستندت هذه القائمة إلى وثيقة بريطانية من عهد الانتداب البريطاني. وكان العنوان الذي اختارته “فصل المقال” لقائمتها هو “الآباء القابضون” التي ضمت الأسماء التالية: محمد طاهر الحسيني (والد الحاج أمين) وموسى كاظم الحسيني وموسى العلمي وراغب النشاشيبي وابراهيم الفاهوم ويوسف الفاهوم وتوفيق الفاهوم ويعقوب الغصين، وهؤلاء من أبرز الشخصيات الفلسطينية التي قادت الحياة السياسية في فلسطين قبل النكبة
>> وقامت القيامة ولم تقعد على “فصل المقال ”
>> . (أنظر: جريدة “النهار” 30/5/1997). غير أن هذه الأسماء وغيرها كانت متداولة بين المؤرخين والدارسين إلى حد ما؛ فجاك كانو يذكر في كتابه “مشكلة الأرض” (ص 49)، بعض البائعين العرب أمثال موسى العلمي و الفرد
>> روك وعوني عبد الهادي رئيس حزب الاستقلال الذي يتهمه جاك بأنه كان على صلة ما في قضية بيع أراضي وادي الحوارث (عيمق حيفر)، علاوة على القاضي الدكتور كنعان الذي لم يُحدّد اسمه الأول. ومع ذلك فإن ما يكشفه يوسيف نحماني مشين بجميع المقاييس ولا سيما قصة شرائه جبل الهراوي وأراضي قرية العديسة (600 دونم) وجاحولا والبويزية في سنة 1938، وكذلك أراضي قرى ميس الجبل والمطلة والمنارة وقَدَس والمالكية ومعدر وعولم في سنة 1945. وفي هذا الميدان يورد نحماني أسماء البائعين في المنطقة التي عمل فيها أمثال الياس قطيط الذي باع خربة صبح (6 آلاف دونم) فأقيمت على أراضيها مستوطنتا حانيتا وأيلون. وباع أمير عرب الفاعور في سنة 1939 أراضي قرية الخصاص التي ارتكبت الهاغاناه فيها مذبحة مشهورة في 18/12/194
>> وتمكن نحماني من شراء أراضٍ في الزوية وقَدَس وهونين من آل فرحات في سنة 1944. ويورد أسماء آخرين من بائعي الأراضي أمثال أحمد الأسعد ومحمود الأسعد وصليب صبح (من صفد) وكامل الحسين وأحمد مارديني، وزكي الركابي الذي باع أراضي قرية خيام الوليد. وفي هذه اليوميات لا يترك نحماني أي شك في شأن تعاون كامل الحسين زعيم عرب الغوارنة في الحولة في عمليات بيع كثيرة
>>
>> ثمة ما هو مفاجئ في هذه اليوميات حقاً، فهي تروي أن الأمير خالد شهاب كان متعاوناً مع الكاتب، ويُعدّ أحد المتعاطفين مع اليهود، وأنه زاره بنفسه في بيروت في 31/5/1936 وتلقى منه بعض النصائح (ص 57). لكن القول الشائع عن الأمير خالد شهاب هو أنه “جاعْ وما باعْ” لأنه رفض أن يبيع اليهودَ بعض أملاكه في فلسطين، بات مكشوفاً فيه. فالكتاب يزعم أن الوسيط الياس بشوتي تفاوض مع نحماني على بيع أراضٍ للأمير خالد شهاب مساحتها 4 آلاف دونم في قرية الغابسية بسعر 19 ليرة للدونم.

وحول الاجابة عن سؤال القرن من باع ارض فلسطين، فقد نجد ضالتنا بعرض هذه الارقام:

بلغ مجموع ما امتلكه الصهيونيون من أرض فلسطين عشية الحرب العالمية الأولى 418 ألف دونم. وبلغ مجموع الأراضي التي امتلكها اليهود في سنة 1948 نحو 1734 ألف دونما (ولدى أبو يصير 207000 دونم). وفي جميع الحالات لم تزد ملكية اليهود على 5,7% من أراضي فلسطين حين صدر قرار التقسيم في 29/11/1947.

>> ومع ذلك، من أين حصل اليهود على هذه المساحات الأكثر خصباً في فلسطين؟ لقد حصلوا عليها، عدا البائعين الفلسطينيين، من بعض أفراد العائلات التالية :

>> 1- آل سرسق اللبنانيون (ميشال ويوسف ونجيب وجورج) وهؤلاء باعوا أراضي الفولة ونورس وجنجار ومعلول في سنة 1910، ثم باعوا مرج ابن عامر بين سنة 1921 وسنة 1925، وبلغ مجموع ما باعه أفراد هذه العائلة 400 ألف دونم
>> 2- آل سلام اللبنانيون الذي حصلوا في سنة 1914 على امتياز تجفيف مستنقعات الحولة من الدولة العثمانية، واستثمار الأراضي المستصلحة، لكنهم تنازلوا عنها للوكالة اليهودية. وبلغت المساحة المبيعة 165 ألف دونم
>> 3- آل تيان اللبنانيون (أنطون وميشال) الذين باعوا وادي الحوارث في سنة 1929 ومساحته 308 آلاف دونم
>> 4- آل تويني اللبنانيون الذين باعوا أملاكاً في مرج ابن عامر وقرى بين عكا وحيفا مثل نهاريا وحيدر وانشراح والدار البيضاء. وقام بالبيع ألفرد تويني
>> 5- آل الخوري اللبنانيون الذين باعوا أراضي قرية الخريبة على جبل الكرمل والبالغة مساحتها 3850 دونماً. وقام بالبيع يوسف الخوري
>> 6- آل القباني اللبنانيون الذين باعوا وادي القباني القريب من طولكرم في سنة 1929، وبلغت مساحته 4 آلاف دونم
>> 7- مدام عمران من لبنان التي باعت أرضاً في غور بيسان في سنة 1931 مساحتها 3500 دونم
>> 8- آل الصباغ اللبنانيون الذين باعوا أراضيَ في السهل الساحلي
>> 9- محمد بيهم (من بيروت) الذي باع أرضاً في الحولة
>> 10- أسوأ من ذلك هو أن خير الدين الأحدب (رئيس وزراء) وصفي الدين قدورة وجوزف خديج وميشال سارجي ومراد دانا (يهودي) والياس الحاج أسسوا في بيروت، وبالتحديد في 19/8/1935 شركة لشراء الأراضي في جنوب لبنان وفلسطين وبيعها. وقد فضحت جريدة “ألفباء” الدمشقية هذه الشركة في عددها الصادر في 7/8/1937
>> 11- آل اليوسف السوريون الذين باعوا أراضيهم في البطيحة والزويّة والجولان الى يهوشواع حانكين ممثل شركة تطوير أراضي فلسطين
>> 12- آل المارديني السوريون الذين باعوا أملاكهم في صفد
>> 13- آل القوتلي والجزائرلي والشمعة والعمري السوريون وكانت لهم ملكيات متفرقة باعوها كلها

>> هؤلاء هم مَن وضع مساحات كبيرة من الأراضي بين أيدي الصهيونيين، علاوة على الأراضي التي كانت بين أيديهم أو التي منحتها لهم سلطات الانتداب الإنكليزي مثل امتياز شركة بوتاس البحر الميت (75 ألف دونم)، وامتياز شركة كهرباء فلسطين أو مشروع روتنبرغ (18 ألف دونم)، وقبل ذلك ما نالوه من الدولة العثمانية (650 ألف دونم)… وهكذا. أما الفلاحون الفلسطينيون، ولا أقول المالكين الفلسطينيين الأثرياء الذين باعوا وقبضوا مثل غيرهم من المالكين العرب الغائبين، فقد جرى التحايل عليهم بطرق شتى، فسلبوهم القليل مما كان بين أيديهم من الأرض، وهو يتراوح بين 68 ألف دونم و150 ألف دونم

>> في معمان ثورة 1936 جرى الاقتصاص من بعض بائعي الأرض ومن السماسرة العرب، فاغتيل عدد منهم، وامتنع الباقون عن الاستمرار في هذا العار. لكن الاقتصاص من المُلاّك الغائبين كان من المحال، فلم يقتص منهم أحد، بل باعوا أراضيَ ليست لهم في الأصل، بل آلت إليهم من خلال حق الانتفاع لا من ملكية الرقبة في العهد العثماني. ولعل فضح انحطاط أصحاب تلك الأسماء، وكشف اللثام عما فعلوه في فلسطين، هما نوع من القصاص الرمزي، وهو الأمر الوحيد الممكن في هذا الميدان.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي