|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
حسن أحراث
2024 / 3 / 16
لا نخفي أننا نفتقر الى الدراسات الاقتصادية التي تؤهلنا لتفكيك الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا بالدفة العلمية المطلوبة، حيث نكتفي في جل الأحيان بالشعارات السياسية العامة. ويرجع ذلك الى ضعف تكويننا العلمي بهذا الصدد من جهة، ومن جهة أخرى الى غياب المعلومة الصحيحة وكذلك المصادر الموثوقة. فلا يكفي امتلاك آلية التحليل العلمي (نظريا) إذا غابت المعلومة الدقيقة، لأنه رغم الكم الهائل من المعطيات بوسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها فوضى توجه الرأي العام وتخفي الحقيقة في كثير من الأحيان وتمارس التعتيم الممنهج.
وكمثال على ذلك، هل تعتبر الأرقام الواردة بوثيقة الميزانية العامة التي تعدها الحكومة سنويا مرجعا لتحليل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا؟ بدون شك، لا. لأن الأرقام الفعلية لا توضع رهن إشارة العموم، ولا تغادر جدران وأبواب مطبخ النظام إلا نادرا أو بفعل فاعل لحاجة في نفسه..
وهذا لا يعني أن نبقى مكتوفي الأيدي أو أن نستسلم الى الواقع الذي يفرضه النظام. إن مسؤوليتنا كبيرة فيما يتعلق بالبحث عن سبل الحصول عن المعلومة الصحيحة. وحتى المعلومات المسربة يمكن التعاطي معها بذكاء ويفرض الأمر استيعابها في سياقاتها.
ومناسبة هذه التوطئة صدور تقرير حديث للمجلس الأعلى للحسابات (دجنبر 2023) حول "تدقيق حسابات الأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم العمومي للسنة المالية 2022". ويتضمن هذا التقرير العديد من الملاحظات حتى لا نقول اتهامات للعديد من الأحزاب المستفيدة من المال العام (الريع).
وكما ورد في التوطئة أعلاه، لا نتعاطى مع ما ورد في التقرير كحقيقة مطلقة. ولا محالة ستخرج الأحزاب المعنية لتشنف أسماعنا بأسطوانة "المؤامرة" وخلفية "تصفية الحسابات السياسية". وذلك ما قامت به حواري حزب الاتحاد الاشتراكي باعتبار هذا الأخير معنيا بتهم المجلس. وهناك أيضا من امتطى متن التقرير لمهاجمة قيادة الحزب..
بالنسبة الينا، لم ننتظر تقرير المجلس لنقف على هذه الوضعية المشينة. فلا دخان بدون نار، وكيف في غياب الشفافية المالية والمحاسبة المستمرة وغياب الديمقراطية الداخلية أن تسود النزاهة، سواء في صفوف الأحزاب السياسية أو النقابات أو الجمعيات؟ إن هذه الفضائح وأخرى تمثل العصا والجزرة التي يستخدمها النظام من أجل إخضاع الأحزاب والقيادات النقابية والجمعوية..
وستمكن قراءة نقدية للجزء الخاص من التقرير بحزب الاتحاد الاشتراكي وحتى بأحزاب أخرى استخلاص ما يفيد في تعزيز المواقف السياسية السديدة (شهد شاهد من أهلها)، علما أن ما خفي أخطر وأعظم..
ملاحظة: نص التقرير كاملا منشور بالموقع الإلكتروني الرسمي للمجلس الأعلى للحسابات.