محمد عباد: رفيق من زمن مضى..

حسن أحراث
2024 / 3 / 11

صدقاً رفيقي الغالي عباد، تعمّدتُ "نسيانك" حيث لا يجب النسيان..
نعم، لا يجب النسيان..
نقولها بأفواهنا فقط. لكن الواقع يُكذّبنا..
إنها تجربة/مُزحة بسيطة، من تذكّرك رفيقي عباد في ذكرى رحيلك؟
ومن تذكّرك من قبل أو من بعد؟
من تذكّرك مرجعاً أو موقفاً؟
من يتذكر الرفاق، أحياءً أو أمواتاً؟
بدوري، سأُنسى كموقف وتجربة، بل وتضحية..
تم نسياني حاضراً، فكيف لا أُنسى غائباً..
بل تم ذبحي ألف مرة..
لا عجب والزمن غراب..
نصيحتي الرفاقية، إن أخطر "النّسّائين" (أي من ينسى) المُقرّبون..
وأخطر "النكّارين" (أي من ينكُر "الخير") المستفيدون..
فكيف ينساك اليوم من تقاسم معك الليل البارحة؟
وهل تثق بعد الآن في "رفيق" مٌتقلّب بين ليلٍ ونهار؟
الرفيق عباد،
"أُكلت" يوم أُكل رفاقٌ قبلك وبعدك..
أعرف أن مصيري مصيرك رفيقي..
"قدرُنا" واحدٌ، غائبون أم حاضرون..
زمننا سيء، بل أسوأ..
رفيقي عباد، لم أجد الكلمات اليوم لأحييك..
تقبل كلماتي البارحة، فلم تتقادم بعد..

"الفقيد محمد عباد، رفيق من ذهب..

هل الفرسان ترحل مُبكرا (1 مارس 2007)..؟!
محمد عباد واحدٌ من فرسان مجموعة مراكش 1984 (44 معتقلا سياسيا). عرفته عن قرب داخل السجن، خاصة وأن قيد 15 سنة قد أكل من معصمينا معاً ورسم نتوءاته على أجسادنا البضّة..
عباد كان حكيما حقاً، فرغم تباعد رُؤانا السياسية والإيديولوجية وتضارب تقديراتنا للظرفية السياسية إثر انتفاضة يناير الشعبية لنفس السنة، ورغم نقاشاتنا الحادّة والمشحونة داخل السجن، حافظ على مسافة الود/الأمان فيما بيننا..
كان مُنظّراً "صامتاً" بكلية الحقوق بمراكش قبل اعتقاله..
كان الفقيد هادئاً، والهدوء عنوان الحكمة..
كان يمتلك حسّ، بل ذكاء الفكاهة الحميمية والهادفة..
لم يُضرب عن الطعام، لكنه كان يتعاطف معنا نحن المضربين ويسأل عن حالنا باستمرار؛ وكم مرة في فترات توقف إضراباتنا، زوّدنا خلسة بالجبنة (FROMAGE) ونحن وجها لوجه مع بشاعة "البيضانْسي"؛ أي خُبز السجن، ليس الحافي فقط، بل العريان...
أبوح بسرّ، بل شهادة للعموم ولأول مرة في الذكرى 16 لرحيل الفقيد (المنسي، وكم من فقيد منسي...).. سُدّت في وجهي سُبل التواصل مع الخارج، أي خارج سجن اسفي سنة 1985، بسبب تباعد فترات زيارة العائلة إلى السجن ووجود رفاق إضراب 4 يوليوز 1984 بالمستشفى بمراكش وبسجن الصويرة بعد استشهاد رفيقينا بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري، ولم أجد أمامي سوى الفقيدة أم رفيقي الفقيد عباد (الى جانب زوار آخرين) في إحدى الزيارات بسجن اسفي، فتوجّهت إليها طالباً وبخجل "تهريب" بيان/رسالة باسمي إلى مناضلين معينين. ولكم أن تتصوروا ترحيبها بالطلب مُبتسمةً وبثقةٍ عالية في النفس، وهي تعلم تبعات ذلك وأعين الحراس جاحظة..!! ولكم أيضا أن تسألوا أو أن تتساءلوا لماذا هي بالضبط..!!
تعلمون أن تهريب بيان أو رسالة من المعتقل أخطر من تهريب المخدرات.. حصل ذلك بعبقرية بنات وأبناء شعبنا المكافح من داخل تزمامارت ودرب م. الشريف وقلعة مكونة ودهاليز ابن رشد وغير ذلك من المعتقلات السرية الرهيبة..
بالفعل، أدّت الفقيدة، رفيقة كل الأمهات والعائلات المُهمّة النضالية بنجاح..
كان بيتها بباب دكالة بمراكش (قرب المحطة الطرقية) مفتوحاً دائما..
إنهن الأمهات المُبهرات، أمهات الشهداء والمعتقلين السياسيين والمناضلين..
إنهن أمهات من ذهب..
إن مجموعة مراكش تختزن الجواهر والدّرر، لكنها لم ترَ النور بعد..
ومن بين هذه الدّرر حكاية مزهرية الرفيق محمد عباد..
إنها هدية من الفقيد عباد إلى الرفيق كمال سقيتي (SKITI)..
لقد تابع الرفيق كمال إبداع الفقيد منذ الوهلة الأولى حتى الصيغة النهائية، علما أن الفقيد أواخر أيام حياته ورغم المرض وتبعاته المُتعبة، وحتى قبل ذلك، لم يكن يفارق الرفيق كمال وأسرته..
وفي زيارةٍ مؤخراً لمنزل الرفيق كمال قدّم لي المزهرية الذهبية وحكايتها..
معذرة، قدّم لي عباد الذهبي..
صدقاً، الفقيد عباد رفيقٌ من ذهب..."

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي