|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
اسحق قومي
2024 / 3 / 7
وأسئلتنا كيف نفهم وجودنا ؟! اسحق قومي.
وهذا الرد لنا هو على مداخلة الأخ الشاعر فؤاد زاديكي والتي كانت على القسم الثاني من أسئلتنا المتضمنة القول كيف نفهم وجودنا؟!!
مداخلتك تُحسب لك ياصاحِ. وأهلا بك في رحاب الفكر والفلسفة ومع أسئلة أطرحها حتى أثير بعضاً من المناكفات الفكرية والأسئلة والاجابات المنطقية حولها .ولا أزعم أَني بصدد تشكيل مدرسة فلسفية تعتمد عناصرها على الفكر والعلم والمنطق وتقرأ المتغيرات العالمية في كل المناحي الفكرية والسياسية والاقتصادية والتربوية والتغيرات المورفولوجية ،لما لهذه المفردات من علاقة جوهرية ومؤثرة بمحمولات سيرورة وصيرورة المجتمعات البشرية وما يحيط بنموها الفكري والثقافي والفلسفي والوجداني وحتى تلك الأفكار الدينية التي هي بحالة متهالكة كما أعتقد .وسأبقى مستمراً في طرح تلك الأسئلة الفلسفية حتى أجد من يُناكفني بشكل منطقي ويكون من شروط وجوده توفر عنصر الثقافة الواسعة لديه والتي يقدمها على أساس الفائدة وتقوم العلاقة بيننا بحوار جاد ومفيد وأن يتساوى فيه إلى حد كبير ثقافة المتحاورين عندها يمكن أن أغير رأيي في أن أعتمد على فتح أبواب تلك المدرسة وسأبين المنهجية التي تعتمدها ومجموعة الأفكار التي يمكن أن تطرحها في سياقات أبحاث قصيرة أو طويلة والمهم أنها تؤدي الغرض المرجو منها .
وحتى لايتفاجىء بعض الأحبة الذي لا يعرفونني في هذا الجانب بل عرفوني في جان الشعر والأدب والبحث التاريخي .لهذا أنا مضطر لشرح بعض محطات معاقرتي للفكر الفلسفي منذ حداثتي فأقول إن معاشرتي للفكر الفلسفي ليس حديثاً ولم يطرأ مع أيام غربتي القسرية وضياعنا عن أرض وطن ٍ خدمناه مدة تزين عن عشرين عاماً في التعليم والتدريس والمنظمات وغيرها .
وإنما يعود ذلك الاهتمام إلى عام 1967م. وهناك بعض من أترابي في المرحلة الثانوية يعرفون ما كان يقوم بيني وبين المدرّس شوقي الخوري مدرس الفلسفة في ثانوية أبي ذر الغفاري والأب افرام شهرستان من مناكفات فلسفية وفكرية ودينية .
كما وأنّ مجموعة الكتب التي قرأتها عن الحضارات القديمة وخاصة السومرية والبابلية والأشورية والحضارة الفينيقية والكنعانية وحضارة مصر القديمة واليونان والصين والهند وغيرها فقد زودتني تلك الأناجيل للحضارات القديمة بحصاد فكري أعتقد كان المداميك الأولى لتبني مدرسة فكرية بعدما عشت متنقلاً بين عدة مدارس أهمها المنهج الديني الذي بنيتُ عليه مجموعة أفكار رأيتها في حينها أنها تحمل خلاصاً روحياً ولازلتُ أتمسك برسالة أزعم أنها الأروع بين رسائل الديانات السماوية وغير السماوية وأتحفظ على جانبها الميتافيزيقي طبعاً لأن القضية تدخل في مفهوم الايمان بالغيبيات . ومع هذا فقد كان الفكر الديني يُشكل حتى نهاية القرن التاسع عشر باعتقادي المرجعية الأولى لدى الباحثين والعلماء والمنقبين في التراث الروحي للعالم وحضاراته على الرغم من أنه بدأ يتهالك اليوم أمام القراءات للمنتج الحضاري في سومر خاصة ذاك الذي شكل الأرضية التي استقت منها جميع الديانات السماوية على وجه الخصوص أفكارها وقصصها ومروياتها والتي لولا القراءات الحديثة للفكر الديني لحضارات بلاد ما بين النهرين لكانت مشاهد القصص الدينية تبهرنا كما كنا ننبهر بالأفلام الهندية ( شامي كابور وغيره)ولكن جاءت مرحلة السبعينات من القرن العشرين وطالعنا ما كتبه كُتّاب أمثال فراس سواح وغيره والذي كان المحطة الأولى لتغيير مسار عربة قطارنا نحو الصحو من ذاك الحلم ودعم لدينا هذه الحالة الدكتور في جامعة دمشق طيب تيزيني الذي تتلمذتُ على يديه مدة أربع سنوات وكان من حظي أن يكون مرشدي ومعلمي ومرتب مجموعة أفكار أمتلكها فقد تمكنتُ من الولوج إلى رحاب الماركسية اللينينية بأناجيلها (المادية التاريخية والمادية الديالكتيكية وكتاب رأس المال )ومجموعة الفكر الذي شكل الثورة البلشفية في روسيا القيصرية أعني هنا الفكر الديالكتيكي الهيجلي والفلسفة المثالية الفرنسية وقراءاتي للاقتصاد البريطاني وبعد هذا ما قدمته لنا التجربة الاشتراكية السوفيتية . نعم وبلى وأجل كانت قراءاتنا قراءات جادة بعيداً عن التنظيم أو الانخراط في حزب ما بل كنا نقرأ معاً مدى أهميتها في تنظيم أفكارنا ووضعها في سياقات حركة المجتمعات وما سينتج عن التطور في المجتمع السوري كما ولا أنسى هنا كيف كان عليه أن يوقفني عندما كنتُ أنسى ابن رشد وحتى ابن خلدون وجماعة فلسفة علم الكلام وأقصد هنا المعتزلة .
ولكي لن أطيل وأنسى فكل هذه الأفكار هي كمقدمة (لوضع الحصان أمام العربية) في الشأن الديني أولاً الذي طرحته كأحد الإجابات وجئت على عدة مدارس دينية سماوية ووضعية فأقول : علينا ألا نرفض المدارس الدينية بجرة قلم بل أعتبرها أنها امتداد للأسطورة كونها تمثل إرثاً فكرياً بشرياً كان لنا المعين على تحديد شخصيتنا الداخلية والماورائية وربما لبى أغلب أسئلتنا المحيرة على وجودنا وغاية وجودنا . قد لا أكون مع جميع الأفكار الدينية ولكن ليس لي الحق في رفضها أو تسفيهها بل أرى أن تُدرس كأحد المدارس الفكرية التي مرت على الأسرة العالمية وتركت انطباعات تختلف من شخص لآخر فمؤثراتها بالحقيقة لاتزال على أوج قوتها خاصة لدى الجماعات التي ترفض إدخال النص الديني إلى مشرحة النقد ولكن على الرغم من القراءات التي يقدمها الدكتور خزعل الماجدي كأحد من كتبَ بالعربية قراءات جادة بعد الأستاذ فراس سواح وكتبه وأهمها مغامرة العقل الأولى ليأتي الدكتور خزعل الماجدي ويفضح عرض اللصوص الذين سرقوا أفكار غيرهم ولن أكمل في هذه الجزئية لكنني على ثقة أن الدكتور الماجدي ومجموعة من المتنورين في مصر والمغرب العربي والمشرق قد وضعوا يدهم على أنفاس أولئك الذين تمكنوا من إيهامنا لآلاف السنين وعشنا على مخدرات لايمكن أن نفلت من ربقتها كما نظن ورغم هذا فكل مدرسة دينية تقدم تعليلاتها وتحللاتها على أسئلتنا
كيف نفهم وجودنا؟
ونحن نعلم إن نفي ما تقره الديانات السماوية والموروث الديني برمته مسألة ليست بالسهلة كوننا لا نملك دراسات رصينة بشأن الموجود ، الكائن بذاته من عدمه ففي الفلسفة رأي يقول ( إن نكران شيء ما يعني الاعتراف بوجوده ضمناً ) وفي اللغة العربية يقول إنّ ( نفي النفي اثبات ) من هنا نرى أن نُبقي الباب مشرّع على نتائج دراسات علمية جديدة تُطالعنا كل يوم وللحقيقة فمن الضحالة أن نتمسك بأفكار لم تعد تثبت أمام المكتشفات والمخترعات التي نراها بأم أعيننا وإذا ما تابعتُ في هذه الجزئية فإنني أقف مع المدرسة الفلسفية التوفيقية أو التوافقية ما بين المادية والمثالية لأن الأفكار المثالية هي جزء من كينونة الفكر البشري ولا يمكن أن أقبل رغم كل شيء بقصة أدم وحواء كما وردت في التوراة على أنهم يشكلون الأسرة الأولى للبشرية .
وهنا أورد قصة حقيقية سمعتها وأنا في المرحلة الإعدادية فكان لدي عم كبير اسمه سعيد يوسف قومي يُنادوه سعيدو وهو بالحقيقة يكون ابن أخيه لجدي ججي قومي ملكو كتنه الداراوي وكان يسكن حي الناصرة بالحسكة وممن يقرأ الانجيل ويفسره كونه درس في مأتم البروتستنت في ماردين فترة من الزمن وخدم في الجيش الفرنسي بمدينة القامشلي وكان يرافقه كل يوم أحد إلى كنيسة القديس جرجس بالحسكة شخص ضرير اسمه جرجسات جلّو وكانا يتوقفان عندنا كون بيتنا كان يُشكل تقريباً نصف المسافة من الناصرة إلى كنيسة مارجرجس للسريان وكنا نتناقش في أمور كثيرة حتى موضوع كيف تشكل الجنس البشري وما يقدمه الراوي التوراتي بالنسبة لآدم وحواء وزواج الأبناء من بعضهم وكنت أؤكد على أننا نتاج زنا فكانا يضحكان على أقوالي ثم كنت أسأل من يؤكد لي بأن هذه الرواية صحيحة . أي نعم علينا أن نؤمن حتى لو كان الايمان أعمى وأنا أتبنى الإيمان العقلي كقراءة سليمة ومن ثم في نهاية الستينات جاءنا طلاب من قرية السيكر الفوقاني التابعة للدرباسية في الجزيرة السورية وكان من حظنا أن أحفاد المختار ججو عنتر ( فواز ورياض ) أولاد السيد عنتر ججو عنتر يستأجرا عندنا في حوشنا بالحسكة وحدث أن جاء السيد المختارججو عنتر مريضاً وكان عليه أن يبقى ثلاثة أسابيع للمعالجة وكان يزوره الوجهاء والشيوخ وحتى المطران قرياقس زاره أكثر من مرة لمعرفة قديمة بينهما وفي إحدى ليالي الشتاء رأى أنني مهتم بالشأن الديني فسألته قائلاً _ ياجدنا ججو أنا متعب من هذا آدم ...) فضحك وقال أفصح قليلاً قلت له إن آدم أعتقد قصته ليست منطقية بدليل وجود بشرية تمتد على جميع القارات الباقية وحتى أمريكا فلم توجد أيام السيد المسيح لكن كان عليها شعوب المايا والأنكا والهنود الحمر وغيرهم فماذا تقول أنت؟ وقف برهة وهو ينظر إليّ قائلاً أخاف عليك أن يتزعزع إيمانك قلت له ثق لن يتزعزع لأنني واثق ما أفكر به فقال ( إن آدم التوراتي هذا ربما كان ـآخر الأوادم الذين جاءت منهم البشرية) تذكرني أنني أشاركك الرأي يا بني وأنت تفكر بغير عاطفة تسوقك مرحى لك .
لقد أوردت هذه القصص للتأكيد على أن الرواية التوراتية غير مكتملة وناقصة وتستلزم منا البحث والتنقيب ورغم هذا فأنا أتحفظ على إبداء رأياً كليا حول هذه المرويات لكن كل ما أستطيع قوله وبسؤال بسيط ما المانع أن نتمسك برسالة ملك السلام التي تدعو إلى المحبة والسلام ونتابع ثقتنا بالعلم والمنتج العقلي لمسيرة البشرية ومن هنا قلتُ في الجزئية الأولى:
وغاية وجودنا تتجلى بفعل كينونة المنتج لعقلنا تلك التي تعلو عن الواقع لتدخل حيز الماوراء وكلمة الماوراء ليست إلا دليل عالم ٍ يبعد عنا سواء ما أشارت له الدراسات البابلية والأكادية والأشورية من تحديد الكواكب والمجرات إلى عالم ٍ ترسمه لنا السفن الفضائية كل سنة وتُطالعنا بغرائب الأمور وعجائب العجائب حتى آخرها الثقب الذي يبتلع قارات بكاملها في لحظات ما هذا وأين نحن ممن يُحيرنا ولكن تعالوا نختتم هذه الجزئية ببعض من أبيات قصيدة طويلة كتبتها في التسعينات :.
وقد نشرتها في الحوار المتمدن وكتبت في المقدمة:
الاكتشاف الأخير الذي التقطه (تلسكوب جيمي ويب) وما قالته وأعلنته وكالة الفضاء الأمريكية( ناسا )من أنّ العلماء تمكنوا من التقاط صور لأعماق أعماق الكون وتبين بأن هناك مجرات وعوالم يُقدر عمرها ب 13 مليار سنة ضوئية وتلك العوالم عبارة عن مجموعتين من الأجرام السماوية ويُعد حقاً هذا الاكتشاف من أحدث الاكتشافات التي تبين لنا مدى ضحالة التفكير البشري منذ أن دوّن الإنسان مداركه وأنتج مفهوم علاقة الذات العاقلة بالموضوعات وخاصة تلك المتعلقة بالفلك والكون والوجود.
ربما لستُ بحاجة أن أُشغل بالي وفكري بهذه المنجزات المدهشة لكوني منذ ما قبل التسعينات كنتُ أؤمن واثق بأن الحسابات التي جاءتنا عبر الرؤية الدينية ليست دقيقة وعلمية أولا ً.ثم هي تمثل القدرات العقلية قبل ثلاثة آلاف عام . إنما في قصيدة لي أسئلة لها جواب ما يشفع لي من ادعاء ٍ أقوله بأنني لا أؤمن بأن الكون هو هذا الذي وصلنا عن طريق الفكر الديني على الإطلاق ولهذا كتبتني قصيدة وهي بعنوان ( أسئلة لها جواب) أقول فيها.
أسكرينا الكأسُ قدْ فاضتْ ونادتْ /// وارتوى من خمرها دنُّ الشبابْ
وامنحينا العهد َ أن نروي شفاهاً /// من نهودٍ هنَّ خمرٌ ورضـابْ
قدْ يكونُ الهجرُ في ليلٍ نديمٍ /// ماذا يبقى في الهنا يومَ الحسابْ؟
ماذا بعدَ الموتِ هلْ عُمرٌ جميلٌ /// أمْ حكايةْ من حكايات ِ الغُراب؟!
هلْ لنا أنْ نقرأََ فيها البقايـا /// النهـايةْ والظلامُ والغيابْ؟!
أشربيني أُختَ عهدي واستريحي /// فعذابي قدْ طغى كلَّ عذاب
أنا موجٌ هائجٌ دونَ سكون ٍ /// أنا وحيٌّ زانهُ الفكرُ المُهـابْ
أنا ريحٌ ، عاصفاتٌ وغيومٌ /// وجبالٌ عاليـاتٌ وضبابْ
أنا وجدٌ ، ذكرياتٌ حالمات ٌ /// ونساءٌ حُبلى منْ رشفِ العنابْ
قالتِ: الكتبُ القديمةُ ُهو كونٌ /// هو أرضٌ وسماءٌ وســحابْ
ونجومٌ لستُ أدري أينَ تغدو؟ /// وارتيابٌ، والمجرّاتُ العِجابْ
هو صمتٌ وسكونٌ ودويٌّ /// وارتطامُ الموجِ ِفي صخر ِالإيابْ
كمْ هوتْ نفسيَّ علماً في الوجودِ؟ /// وسؤالاً حائراً دون َ جوابْ
والصحونُ الطائراتُ ماذا تعني ؟ /// إنْ عوالمْ ، غيرَ عالمنا شبابْ
منذ ُجلجامشْ وسومرْ فهي تأتي /// وتزورُ الأرضَ والأرضُ اغترابْ
فسّروها عرباتٍ لملاكٍ /// (حزقيالُ) يوصفُ وصف َاقترابْ
ووجودُ عالم ٍ يعلو الفضاء َ /// فهو عندي كيقين ٍ في كتابْ
خذْ مثالاً تلك َ أمريكا قديماً /// والهنودُ الحمرُ قد بان َ النِقابْ
هذه الأرضُ صديقي من زمان ٍ /// من عهودٍ قبلَ آدمْ والصِّحابْ
والخليقة ُ كُلها نظمٌ وعلمٌ /// واتزانٌ في وظائفِها غِرابْ
والبحارُ الساجياتُ في هدوءٍ /// والأعاصيرُ العنيفة ُفي الضبابْ
والجبال ُ العالياتُ الراهبات ُ /// والسهولُ الغانيات ُ والسرابْ
إشربيني أخت َعهدي واستريحي /// فعذابي قدْ طغى كلَّ عذابْ
وتعالي أنتِ عُمري لا تضنّي /// قدْ نذرتُ الروح َوحياً وارتقابْ
طالما الليلُ جفاني وكواني /// وسقاني خمرةَ القهر ِ المُذابْ
وسؤالي من زمان ٍ هو قَولي /// : كيفَ ماتَ الصبحُ في لونِ ِالغيابْ؟
أينَ راحتْ، تلك شمسٌ ،هذي شمسٌ؟ /// وشقاءُ الفقراءِ ِ والخرابْ
كيفَ ينمو القهرُ فينا ولماذا؟! // / كيفَ ينمو الفكرُ في عمرِ الخُضابْ؟
ولماذا قدْ ولدْنا في العذابِ؟ /// ولماذا قدْ نشأنا من تُرابْ؟
ولماذا العينُ تعشـقْ وجمالٌ؟ /// قدْ ذوى هلاَّ يعود ُ في مآبْ؟!!
ولِمَ الحسناء ُفي الغنج ِ تبارتْ /// ولِمَ الشمطاءُ في العمرِ اصطخاب؟
ولِمَ الأنهارُ تجري دون َ تدري /// أنَّ في الأرضِ ِ اشتياقٌ للشرابْ؟
ولِمَ جديَّ ماتَ قبل َ عُمري /// ولِمَ الأحفاد ُ كالزرعِ ِ ذهابْ؟!
ولماذا لا أُحيطُ فيما راحَ /// ولماذا لا يكونُ ما سيأتي من ثوابْ؟!
ولماذا لا أكونُ مثلُّ طيرٍ /// في شروق ِالشمس ِفي الكأس ِالمُذابْ؟
ولماذا الرحلةُ ُالعرجا عذاباً /// ولماذا الجنسُ في الناس ِ مُعابْ؟
ولماذا يُخطىءُ كلُّ حفيدٍ /// إنْ هو نسغٌ لآدمْ ما الجوابْ؟!
ولماذا نجري في الأرضِ ِونبني /// ونعيدُّ ما تهدّمْ من هِضــابْ؟!
ولماذا ماتَ أجدادي تباعاً ؟ /// وارتوى من دمهـمْ صيف ُ الشِعَابْ
ولماذا نينوى تبقى خراباً؟ /// ولماذا العاهرات ُ في الكتابْ؟
ولماذا (لوطُ )قد صار َ مثالاً؟ /// أَهو سـرٌّ أم جنونٌ أم ْ مُصابْ؟
ولِمَ الأحكامُ تُبنى من جحودٍ؟ /// منْ دماء ِ الشـرفاء ِ باحتجابْ
صدفةً ً كُنتُ أُغني فاكتشفتُ /// أنَّ صوتي فيهِ حُزنٌ واغترابْ
عشقتني الليالي في هواها /// عندما قبلتُ ثغراً في اكتئـابْ
وشـرابي خمرةُ الدهر ِالمعنّى /// وشبابي ضاعَ في بحث ِ الصوابْ
ورأيتُ أننا طيفٌ ولُقيا /// ووجودٌ وشـقاءٌ وغيـابْ
ثمَّ ماذا بعدُ هذا يا صديقي /// الفنـاءُ والرحيلُ والعتابْ؟!
والوجودُ مثلُّ حلم ٍسوف َيفنى /// والحقائقْ ظلُّ سرٍّ لن ْ يُجاب
ذلكَ الناقوسُ قد دقَّ ليبقى /// هو دربٌ هو عشقٌ وعبابْ
وإلهاً لا تراهُ ماذا يعني ؟ /// إنْ هو قصةْ ْ لجدٍّ في ارتعابْ
إلى أخر القصيدة.اسحق قومي ألمانيا في 4/1/1996
وجاء في نهايتها هذه الأسطر :
وبعد هذه القصيدة التي مثلت رؤيتي ورأيي في الوجود والعالم وحتى في شخص السيد يسوع المسيح ورسالته التي تفوق أية رسالة أخرى .وهنا أيضا ما يهمني منها هو جانبها الإنساني الذي لو اتبعناها لعم الخير والسلام العالم. لن أدافع عن آراء قلتها سابقا ً واتناقض معها اليوم إنما أريد أن أوضح رأيي فأقول:
1= الخوف السديمي من المجهول يجعل البشرية تُفتش عن سند حتى تُعيد توازنها . فبدون هذا المتكأ والسند الروحي أو الديني والقدرة الخارقة لمساعدتنا ما كان لنا أن نصمد أمام الخوف السديمي لهذا فالتدين حاجة وضرورة وهنا نحن لا نُناقش مدى جدارته وصحته وحقيقته وجوهره والأكثر صدقا ً والأقرب من غيره للحقيقة. إنما نقول بأن التدّين ضرورة نفسية ووجودية للإنسان الضعيف القوي .
2= هل الاكتشاف الأخير يُظهر حقيقة ضحالة التفكير البشري ذاك الذي يخص ما حددته الكتب السماوية بشأن عمر الأرض والكون والإنسان .أم أنّ هناك مخرجاً جاء من خلال الكتب السماوية التي تقول بأن يوم الله يختلف عن أيامنا نحن البشر .ففي هذه الحالة يبقى الأمر مشّرعاً للاجتهادات بحسب الأزمنة والعلوم والعقول.
3= هل وجود مثل هذه العوالم سيزعزع إيماننا الذي تربينا عليه وبرمجنا عقولنا ضمن بوتقته .أم أنّ على البشرية أن تُعيد تأهيل معتقداتها على ضوء التطورات الاستكشافية الجديدة .؟!!
والسؤال كيف وهل سيصمد العقل البشري أمام المتناقضات الحادة التي سيفكر بها وإلى أين يمكن أن توصله؟!!
4= الثورة الفكرية القادمة . ما هي طبيعتها؟ وما هي أدواتها ؟ وماذا ستفعل في كل التراث البشري الخاص بالجوانب الدينية والمعتقدات الماورائية؟!!
5= حتمية التطور الثقافي والعلمي والتقني والبنية البيولوجية لتكوين الأسرة العصرية سيحتم وجود نمط فكري لن نتمكن من توصيفه ولكننا بحاجة لتقريب الصورة فنقول هو منطقة وسطية يقع ما بين ما نسميه( بالإلحاد) ومابين (العبثية) التي تصل بالإنسان لحد الغثيان كما لدى كولن ولسن وربما أدخلتنا الجدلية الفكرية هنا إلى حدائق الوجودية السارترية أو حتى أجبرتنا لضرورة قراءة الديالكتيك عند هيجل .المهم ستكون مرحلة جديدة لها صفات وخاصية التغرب الوجودي وسنرى ظهور جيل يهزأ بكل الفكر الديني القديم سوى أنه سيتمسك بالرسائل الدينية التي تحض على المحبة والأخوة البشرية لكونها تمثل فعلا تياراً فكريا ً تتطلبه ضرورة المرحلة القادمة.
6= أسئلة صاروخية وعابرة للعقول القارية والمتحجرة .
كيف علينا أن نستعد لمواجهة المد السونامي والرياح الخماسية والعاصفية للثورة التلسكوبية الجيمس وبية؟!!
هل المناهج الدينية بحاجة إلى تطوير أم سيتم تغطية كل هذه المكتشفات بادعاءات أن فلاناً كان قد أخبر بها وأن فلاناً كان قد ذكرها ويتم تحويل الحقيقة إلى مجموعة سلوكيات غوغائية وذلك خوفاً على انهيارات ثلجية محتمة الحدوث والسقوط في القريب العاجل لأنّ العقل الإنساني السليم سيكون في مرحلة اختبار حقيقية لسلامته .وسيعيش التناقضات الحقيقية إذا كان حراً حقيقة وليس مكبلا بالخوف الديني النمطي .
7= هل سنجد ولادات لفلسفات وجودية تتناسب مع جوهر وعمق المكتشفات الأخيرة لأننا أمام 13 مليار سنة ضوئية .؟!! ما هي أبجديات تلك الفلسفات ؟! هل ستعتمد على المنطلقات الفلسفية الأولى أم سيكون لها منهجية وأسلوب خاصة بها تفرضه اللحظة الحالية والمستقبلية؟
وهل سيبقى الإنسان عبداً للفكر الغيبي أم سيتحرر من ذلك الخوف السديمي؟!!
كيف سيواجه أصحاب الجنة والنار السونامية الفلكية التي بدأت تضرب الفكر البشري برمته وتضعه أمام مسؤولياته الواقعية والوجودية.
وللحديث صلة مع أفكار تقع في القطب الشمالي وتلك تقع ما بعد مكتشفات تكلسكوب جيمس ويب.
# اسحق قومي.
ألمانيا في 15/7/2022م
وأما لو انتقلتُ إلى نظرية الانفجار الكوني ونظرية النشوء والاتقاء . فإننا أمام مجموعة من التحولات المعرفية الفلسفية في البعد الوجودي للعالم والكون الذي نعيش عليه وفيه وتلك النظريات ليس من السهولة بمكان أن نفندها لأنها ليت أقولاً لفلاسفة بل هي نتاجات دراسات واختبارات علمية لكنها في حدود المشتبه به لأنّ ما أمامنا من دراسات ومعارف لا توهلنا للموافقة عليها لو نحن اعتمدنا مبدأ العلمية المنتجة في حدود المنطق الأرسطوطالي ومن السهل الحديث عنها بأسلوب أدبي ولكننا نهدف إلى ما يُشرعه الفكر الفلسفي هذا بالنسبة لنظرية الانفجار الكوني .
وأما بالنسبة إلى موضوع النشوء والاتقاء والدراسات التي قدمها داروين فإننا أمام منظومة محكمة من النتائج بعد تحقيق كل شروط التجربة عليها فهي برأيي غير قابلة للطعن إلا لمن في عقله خلل لأنني ممن يتمسك بناتجات العقل وأنّ العقل هو إمام ولكن لا شيء ثابت أمام التقدم السونامي للعلوم كافة .
ولنا أن نبقى في حالة تأهب قصوى لكل طارئ في هذا الجانب لكن الأمر يتعلق بنتيجة منطقية تقول ما غاية وجودنا ؟ هل الغاية كما تراها الوجودية السارترية ؟ أم تلك الفلسفات غير الرصينة باعتقادي والتي أصبحت تتماشى مع العبثية بشكل واضح وهل التفسير الديني على علاته يبقى المنقذ للكثيرين من براثن التمرد على الموروث الديني المقدس ذاته ؟
هل نحن المقدسون أم الأفكار التي تبنيناها منذ آلاف السنين ولماذا لا نضعها في سياقات حركة التطور للفكر البشري ونتخلى عن وضعها موضع المقدس بقدر ما رأى فيها الإنسان قديماً هكذا
ولنا أن نستمر في التأكيد على أهمية التغيير والتطور والنمو في جميع المناحي وحتى الوعي الإنساني نفسه ليس الوعي الذي كان يملكه إنسان القرون الوسطى.
من السهولة أن نُفسر الظواهر الطبيعية أو الاجتماعية ونضع مجموعة مقترحات لمعالجتها وفهمها ولكن من الصعوبة بمكان أن نفسر شخصيتنا إلا من خلال دراسات لعلم النفس حتى نصل إلى حقيقة ما نحن عليه ولنا أن نردد مع سقراط اعرف نفسك تلك العبارة المكتوبة على معبد أبولو في دلفي باليونان, وأخر المداخلة هذه لا أقول قولاً لديكارت ( أنا أفكر إذا أنا موجود) بل أنهي هذه الجزئية بقول لماركس ( القانون الذي لا يتغير هو قانون المتغيرات) . وإذا كان الفلاسفة والحكماء والمفكرين والعلماء قد طرحوا عدة نظريات لدراسة الوجود والعالم فإن قانون المتغيرات ينتظر كيفية تغيير العالم أعني هنا العالم الاجتماعي والفكري وليس الكون والوجود بحسب رأي لينين.
# يتبع. اسحق قومي. 6/3/2024م