مُزْحةٌ سوداء: كُسْكُس يد الميّت..

حسن أحراث
2024 / 3 / 4

معلوم أن الكسكس وجبةٌ غذائية محبوبة بالمغرب. وجرَت عادةُ جُلّ البيوت المغربية أن تتناول الكسكس على الأقل مَرّة واحدة في الأسبوع، خاصة يوم الجمعة أو الأيام التي يجتمع إبانها جلّ أفراد الأسرة كيومي السبت والأحد. وقد لا تجد أسرةً مغربيةً مُستثناة من هذه القاعدة وحتى خارج المغرب، لدرجة أن الكسكس، وخاصة "كسكس سبْع خُضر"، بات طقساً يُحتفى به ويلتئِم حوله شملُ الأُسر. كما يُعدّ مؤشراً حاسماً على مدى "حْداڭْة" المرأة المغربية (طبعا، ليس الآن)؛ ممّا جعل بعض النساء تتباهى بكُسْكُسِها..
ولا نستغرب أن تُنسج حوله بعض الحكايات الغيبيّة والخُرافات. ومن بينها أنه في حالة استعمال يد الميت وإفرازاتها في تهييء (فَتْل أو بَرْم) الكسكس (الطْعام بالدارجة المغربية) وتقديمه للرجل/الزّوج، يصير هذا الأخير بعد تناوله مُنقاداً ومِطواعاً، أي خاتماً في أصبع المرأة/الزّوجة. وتسير هذه الخرافة تُجاه تأكيد كون المرأة المغربية مُشعوِذة و"سحّارة"، أي "نفّاتة العُقد" (ساحرة). كلّ التقدير والاحترام العظيمين للمرأة المغربية وغير المغربية، بالأمس واليوم، في شهر مارس وفي كل أيام وشهور السنة؛ وبئس المعتقدات والأفكار المسمومة التي تطعن في جدارة المرأة وفي أحقيتها في المساواة مع الرجل. علما أن المرأة والرجل معنيان معاً وعلى قدم المساوة بالحَسن وبالسيّء..
وقيّاساً على هذه الخُرافة، يكون النظام القائم بالمغرب وبدون شكّ قد جعلنا نبتلع بشراهة "كسكس يد الميت". ولسوء حظنا، ما أكثر "الموتى" خارج المقابر!! وأمام انصياعنا لِلَذّة الجزْرة وخضوعنا لشراسة العصا وتعايشنا المُذِلّ مع الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المُزرية، ونحن "مناضلون" سليلو/أبناء تجارب المقاومة المسلحة وجيش التحرير وخرّيجو مدرسة اليسار الجذري بالجامعة وخارجها وحاملو مشعل الفكر العلمي؛ أكاد "أُصدّق" هذه الخرافة السوداء..
إنها مُزحة مُرّة ومُبكيّة..

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي