|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
ماجد مطرود
2024 / 2 / 24
الموسيقيون
يريدون اسقاطَ النجوم
يعزفون في الشّوارع، في السّاحات وفوق البنايات
يرتدون ملابسَ رثّةٍ ويغنون، يغنون كثيرا
عن ضحكةِ الشرقيّ الحزين, عن سمرتهِ، وأسنانهِ البيضاء
الموسيقيون،
يريدون إسقاطَ النجومِ بآلاتِهم الفخارية
وباوتارٍ مملحةٍ بالشمسِ والماءِ يتساءلون عن المصير,
ليس عن مصير يوسف شاهين, في فلمهِ المكتنز الارداف
بل يتساءلون عن ذلك المصيرِ المليء بالحليبِ والأثداء
مصيرِ الفقراءِ, المصفقين دائما, والخالدين في مكبّات القُمامة
يتساءلون عن مصير المغيّبين في الدهاليز
والمسجونين في الظلمات
عن مصيرِ ذلك الوطنِ المسروق,
وشِعاراتهِ الحجرية التي رجمت السموات
يتساءلون حتى عن مصيرِ العاهراتِ
واولادِ الحرام المختبئين في الحيامن السرّية
يتساءلون عن كلّ شيءٍ، عن الشريعةِ وانيابِها الطويلة,
عن الحديثِ الملفوف بعمامة سوداءَ من لِحاءِ الشّجر
عن طُرقِ الغاباتِ والطرائد..
عن البرابرةِ المغرمين بالإنتظار
يتساءلون بشغفٍ عن واجباتِ الربِّ وقوانينهِ,
تلك التي قطّعت الرؤوس
يتساءلون عن الحروبِ التي فرّختْ معاركَ طاحنةً وشظايا
فرّخت ندوباً سوداءَ تدّعي الخلود وتأبى التلاشي
الموسيقيون,
يغنّوون نشيجَ العبرات, في الشوارع والساحات
وعلى منتصفِ الجسرِ الرابطِ بين منصّتين يصرخون
لماذا تقفُ منتصبا أيّها التمثال؟ أيّ إصرارٍ لديك؟
الموسيقيون يتظاهرون
فوق البنايات وتحت البنايات
يطالبون ريحَكَ الصفراءَ أن تُحقّقَ ختانها
وأن تجعلَ مفتاحَها معلقا على صدرِ عَذقةٍ فارعة
الموسيقيون غاضبون
يصرخون بصوتٍ واحد اِمسكوا تلك القنبلةَ الثّاقبة,
تلك الدخانيةَ الهاربة
امسكوها ودسّوها في دثارٍ ثقيل
حاصروها .. لا تسمحوا لها بالشهيق
امسكوا بها جيدا
لا تجعلوها تختفي بأوراقٍ مزوّرةٍ
كلاجئةٍ عراقيةٍ فقدتْ اولادَها العشرين
القرنُ كان ثقيلا على الاكتاف
لكنّ ساحةَ التحريرِ خفيفةٌ ورشيقة
تدور على رؤوسِ اصابِعها, تعزفُ سيمفونيةَ الانفاسِ
وترقصُ متبخترةً بطولِها الفارع واكتافِها النحيلة
الموسيقيون يمسكون آلاتَهم الموسيقيةَ
وينتشرون في الحدائقِ كطاوويس
خلفهم تسيرُ الكواكبُ والفناراتُ
وعيونُ النساءِ الجميلات
لا يتراجعون،
لا يفكرون بضربةِ شمسٍ تضربُهُم,
ولا بضربةِ سلطانٍ تسلطنُهُم
لا يفكرون بسرعةِ الرميّ
ولا بأهدافِ شظايا تمزقُ اجسادَهم
لا في نزيفٍ يفكرون ولا في دَمٍ,
إنّهم يثورون,
يثورون فقط
——
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |