|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
عزيز باكوش
2024 / 2 / 17
من أجل التفاعل المنصت والهادئ مع سؤال الصحافة والإعلام بلادنا ،دعونا نؤمن مؤقتا بهذا التصنيف الإجرائي الافتراضي بالنسبة للصحافة المكتوبة على الأقل . في تقديرنا ، هناك تصنيف من ثلاث فئات ويبدو على درجة من الصدق والواقعية. الفئة الأولى من رجال الصحافة والإعلام يمكن تسميتها بالصحافة المهنية. يتعلق الأمر بفئة من رجال الصحافة والإعلام تلقت تكوينا علميا وأكاديميا ، وتوجت مسارها المهني بشهادات من معاهد متخصصة تؤكد الكفاءة والخبرة في الميدان. وهي اليوم تمارس مهامها الصحفية بأخلاقيات مهنية وفق ما يخوله لها القانون سواء ضمن هيئة التحرير المركزية أو داخل المكاتب الجهوية للمنابر الإعلامية التي تمثلها بكل تجنيساتها الورقية والإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي الموضوعاتية.
الفئة الثانية، نتصورها فئة تشبعت العمل الإعلامي والصحفي من خلال الممارسة السياسية داخل الأحزاب والنقابات والهياكل ذات الصلة بالنسيج المدني ، وتمرست على النقاش والتفاوض وإنجاز التقارير ضمن أنساق التكوين النضالي انطلاقا من انتمائها العضوي لأحزاب سياسية وطنية شكلت لفترة مضت مدارس للتكوين على المبادئ الحقوق والحريات والديمقراطية . نتحدث هنا عن فترات محددة من تاريخ المغرب ، بداية من مرحلة نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات حتى بداية الألفية الثانية . ونقصد هنا تحديدا إعلاميي الأحزاب السياسية كحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ولسان حاله " جريدة المحرر والاتحاد الاشتراكي فيما بعد ، أو حزب الاستقلال ولسان حاله جريدة" العلم" مع هامش لأحزاب صغيرة محسوبة على اليسار. هذه المدارس السياسية المنصهرة بالحس الوطني أنجبت أقلاما وروادا في مجال الصحافة والإعلام والأمثلة كثيرة في هذا السياق .
الفئة الثالثة هي فئة متطاولة ، بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، لقد وجدت في الفوضى التي يعيشها القطاع فرصة ملائمة للاقتحام والبحث عن موطئ قدم لاستنبات التجربة ، مثلما يفعل البائع المتجول حين يحتل زاوية ما في الشارع العام ويعرض بضاعته ،ومع الزمن أصبح معلوما لدى السلطات المحلية ، ومعترفا بوجوده بعد ما حفظ المكان باسمه ، والحقيقة أنها فئة مندفعة ، تمتلك جرأة الدفاع والصمود ضد كل الأعراف ، ولا تعترف بالقوانين إلا حين تخدمها ، فأنجزت وخططت وراكمت ورسمت لنفسها مسارا خارج السياق المهني المطلوب ، فهذا صحفي متعدد المنابر ، وذاك مدير جريدة حتى لو لم تصدر ، وذاك صحفي ورئيس تحرير ببطاقة ، وذاك إعلامي متخصص في العلاقة بين المحكمة . بعيدا عن أي تكوين أو خبرة صحفية حقيقية ، اللهم في صناعة ونشر تلك الأخبار الفجائعية التي يتم اختصارها بين حوادث السير والانتحارات أو الاعتداءات الجنسية في أحسن الأحوال.
الغريب العجيب واللافت للانتباه أن هذه الفئة الثالثة وضدا على المنطق كان لها ما أرادت فحققت أهدافها التي رسمتها لنفسها ، حيث حجزت لنفسها المقاعد الأولى في التجمعات ، والتقطت الصور الملونة ، وخلدت الأثر مع السلطات المحلية بدء من القائد والبرلماني العامل والوالي والوزير السياسي.
فيما ظلت السلطات الوصية تراقب الوضع عن كثب ، مثلما ينتظر الأسد فريسته ، في شبه المتفرج المتلذذ ، لقد وجدت نفسها عالقة بين شساعات هذه المنصات الإعلامية المتحركة ، متشبتة بتلابيبها غير قادرة على الابتعاد عنها ومجبرة على الاقتراب ، بل ساعدتها في بعض الأحيان ،وسهلت مأموريتها في الارتماء في أحضان المهنة دون ترحيب و بفضول عارم وبلا تكوين. اقتحام ثم توغل أعقبه إعجاب ثم تثبيت للمكانة في الدوائر الرسمية من جماعات وعمالة وولاية ، ثم انتماء بالعطف ، وأخيرا تكريس للوضع بالتطبيل والاسترزاق .في ظل هذا الوضع ، ثمة سؤال يفرض نفسه : كيف تتفاعل الجهوية المتقدمة كإطار قانوني لخلق التوازنات الترابية ، أو كجهاز تواصلي مع المحيط بكامل مكوناته البشرية والاجتماعية بما في ذلك المنتسبين لمهنة الإعلام بالجهة ؟ وكيف يتحقق التكامل الاقتصادي والاجتماعي المنشود في ظل هذا التعدد اللامتوازن؟ وما العمل مع الإعلام في الجهة في تباينه واختلافه وتعدد بنياته ومرجعياته؟
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |