هل نحطم المفاهيم الأدبية وأسس الصنعة الكتابية إذا ما أدعينا الحداثة؟!!

اسحق قومي
2024 / 2 / 15

لكي تهدي حبيبتك طاقة من الأزهار لاتقفز من على أسوار بابل وتسرق لها من حدائقه المعلقة وتدعي بأنك عاشق مخلص بل أنت مجرد لص محترف!!
إنّ تجاوز الموروث الإبداعي لايكون بنسفه بل علينا أن نحافظ على تقنياته وآلياته .
أتمنى أن أقدّم ما يفيد غيري فبرنامجي اليومي يقوم على قراءة ما يتجاوز نصف ساعة .أقرأ ما جاء في صفحتنا اليومية . وأقصد الصفحة الرئيسية )في الفيس بوك الذي أصبح صحيفة إلكترونية تأتينا بالأخبار ما لم تُ زود(.
وأرى ما أرى من نصوص بعضها أتجاوزه لمجرد العنوان وبعضه أقف عليه والآخر لا يهمني أصلاً.
ولهذا أتيتُ إلى أخواتي وإخوتي بهذا النص الذي لهم ما يريدون أن يفعلوا بعد قراءة مضمونه.
فلمن يكتب ما يُسميه بأدب ٍّ .
ياسيدي ليس سهلا أن نحطم المفاهيم الأدبية والضوابط الإنشائية أو آليات الصنعة لكلّ نوع ٍ أدبي. لأنّ لكلّ مهنة مجموعة ضوابط وآليات وتقنيات ميكانيكية وسبرانتيكية وستاتيكية تجعلنا نميز بين الأجناس الأدبية. لابل لمن يدعي علمه بها وكتابته لها عليه أن يعرف لمجرد قراءة النص لأيّ نوع ٍ أدبي ينتمي ذاك النص وهل أجاد صاحبه أم هو مجرد عابث على أبواب قصور الأدب؟!!
ولكلّ جنس أدبي عالمه ورافعة تقديمه للمتلقي.
فالقصة والاقصوصة والطقطوقة والرواية لها بناؤها الهرمي سواء في محموله الزماني أو المكاني أو في تطور الشخصية المح ورية والإضافية وفي محمولاتها التنموية وهناك العقدة والنهاية.
وقد تُكتب بأساليب مختلفة عن طريق لغة المتكلم أو الغائب أو تُكتب من محطة تبدأ وتكبر وتصل إلى غايتها، أو بأسلوب الخطف خلفاً . وكما ترون أنا أكتب في مساحات وفضاءات الحداثة لكن لا أتخلى عن عناصر المداميك المعروفة في هذا الجنس الإبداعي .
لهذا أرى وأزعم بأننا إذا اتبعنا وتبنينا الحداثة فيما نعمله وندعيه من إبداع . علينا مايلي:
1= أن نكون قد تعلمنا فن صناعة الكتابة .
2= وقرأنا تجارب مختلفة الزمان والمكان للشخصيات ما لايمكن عده .
3= أن نكون قد مررنا بمرحلة لنحقق فيها شخصيتنا وتجاوزنا مرحلة التقليد والتمثل الانفعال والنسخ والمسخ) كما يقوم بعض الموهوبين الجدد( وغايتهم الوحيدة الظهور ) فليس كل من صف الصواني أصبح حلواني.(
4= عدم الاستعجال بالشهرة بل العمل الدؤوب وبصمت .
فإذا أردت أن تكتب بحداثة في هذا النوع أو ذاك. فلا يعني أن تنسف المفاهيم والأسس والمقومات وتقنية الصنعة الأدبية .فهذا يندرج تحت عنوان ) الهذيان غير المجدي.(
الأعمال العظيمة لا يمكن أن تكون بجرة قلم . فالإلياذة والأوديسة ليست أول أشعار هوميروس .
والأعمال العظيمة لاتأتي من خلال هذيان وادعاءات بل بجهود تراكمية وعزيمة وإصرار ومتابعة جادة وعلى أن نؤمن بأن المولود لايلد بكبسة زر .
بل هناك فترة أطلقت عليها من قبل ب الحَبلْ الإبداعي وتراكمات الخبرات الضرورية لأيّ عملّ أدبي أو فني أو سينمائي .
ياسيدي هناك من سيقول ألم تسمع بخلط الأجناس للأعمال الإبداعية من شعر وقصة ورواية وتمثيلة في نص تتكامل أبعاده .)بانورامي( .؟!! أجل يا أخي سمعتُ ذلك وأنتَ كُنتَ لاتزال مقمطاً في دركوشتك )سريرك(. لكن هذا لايعني أن أقرأ نصاً ولا أفهم منه شيئاً وإلى أين يريد كاتبه أن يأخذنا من هنا يتوجب علينا الحفاظ على وحدة النص وشفافيته وهدفيته . وإلا أصبح مجرد هذيان يتطلب علماء وخبراء في علم النفس حتى يفكوا عقدته وشيفرته.
ولكي لا أُطيل نص رسالتي. للعمل الإبداعي على تنوعه واختلاف تسمياته وحالاته له رسالة.
وكل الأعمال في الحياة لها رسالة وبدون هذه الرسالة وشفافيتها وإتقان صنعتها تُصبح عبارة عن عبثية وهذيان وجنون من أجل إثبات الذات .
والمبدع من أضاف إلى سلم الإبداع وليس ذاك النجار الذي أتقن صنعته وحرفته فأجاد فيها على أن يكون قد تجاوز مرحلة التقليد ويُتقن آليات عمله الإبداعي بمهارة وحرفية عالية .
ومما أتذكره في مايخص فكرتنا التي سبقت للتو ففي منتصف الثمانينات من القرن العشرين الماض ي كتبتُ على بحر لم أجد مايشبهه من خلال البحور المعروفة عند الخليل والأخفش وحتى بعد أن تجاوزتُ معرفة البحور المهملة :
1= بحر المتئد.2= بحر المتوافر.3= بحر المطرد .4= بحر المستطيل. 5= بحر المنسرد .6= بحر مهمل .7= بحر الممتد .وهذه البحور لها تفعيلاتها ولكن الشعراء لم يستخدموها إلا نادراً
وكنتُ أعلمُ أنني أكتب ما تستسيغه الأذن ولكنني كنتُ أتخوف من أن أصطدم بأهل العروض وأعني أولئك الذين يقفون عن الوتد والسكون ولكن تجرأتُ فأرسلت ذات يوم إلى موقع أسواق المربد ل لأخ طارق شفيق حقي بقصيدة تحمل عنوان : رسالة إلى الحلاج لمْ تُقرأْ بعدْ.
فنهالت عليها التعليقات ولم أزل يومها حدثاً في عالم النيت وأقولها صراحة كنتُ أكتب القصيدة ضمن بوابة الموقع لم أكن قد تعلمتُ كيف أكتبها في ملف واحفظها حتى أنشرها في موقع آخر . أعني لم أكن أستطيع أن أدخل وأجيب وبعد أن تمكنت بعد أسبوع حتى أخطأتُ فيما كنت أريد قوله فبقي الكلام ولم أعد أستطيع تصويبه لأن الردود جاءت وانتهى الأمر . إلا أن الأستاذ الشاعر والأديب العراقي محسن كريم جزاه الله خيرًا أنصفني عندما قرأ القصيدة عروضيا وخرج بنتيجة أن صاحبها قد غامر أو خاض كما قال هو في استحداث بحر جديدة وأشار يومها إلى الهنات التي وقعت بها في موضوع التفعيلة .أشكر له وللأستاذ طارق شفيق حقي والأخ الصقر المربدي لما قدموه لي من عون في المتابعة . كل هذا جئتُ عليه حتى أقول رغم أنني أوجدتُ بحراً جديدا وحدّثتُ في بحرين وجوزت فيهم ما يجوز إلا أنني لم أتجاوز
التقنية وأسس القصيدة العامودية فيما ذهبت إليه . لقد حافظتُ على الشكل للقصيدة أعني أنّ للبيت صدر وعجز وقافية وروي ولها بداية ونهاية وهدف. وإنما الذي جوزته هو أنني فجرتُ في المكوّنات الوزنية فقد تجاوزتُ الخليل والأخفش ولكن لم أنسف حرمة الصنعة بل أضفتُ إليها ما أسماه الشاعر الدكتور أحمد فوزي ببحر المنبسط والذي أصر ّ على أنني أسميه الوافي القومي وليس المنبسط كما أنني لم أخلط لا الهزج ولا الرجز كما قالوا.بينما الأستاذ الشاعر والناقد العروض ي الرقمي المعاصر خشان محمد خشان وهو من الأردن الشقيق كان قد تناول قصيدتي التي تحمل عنوان ) رسالة إلى الحلاج لم تُقرأ بعد( والتي أحدثت ما أحدثته في موقع أسواق المربد من ضجة ولكنه يضعها هو الآخر في ميزان العروض رقمياً وينتهي إلى أنها لا تبتعد عن بحر الوافر إلا بأمور بسيطة جزاه الله خيرًا وكلله بالصحة والعافية.
. ما أريد أن أقوله هنا:
إذا أردتَ أن تهدي حبيبتك أو عروسك طاقة أزهار فلا تقفز على أسوار بابل وتسرق لها من هناك فأنت لست بعاشق بل أنت مجرد لص ليس إلا.
وما قبل الأخير :
كونوا أنتم ، ابتعدوا عن التسرع في اللقب والشهرة . ابتعدوا عن التقليد الأعمى، اقرأوا الموروث وتعلموا أبجديات تقنياته. وإذا ما أردتم التمرد عليه يوما ما فلا تتمردوا على تخومه وقوانينه لأنّ ه حتى الذرة لا تخرج عن مداراتها في مفهوم العلوم التجريبية ولا البزترون أو )البزترونيوم ( يُصبح فوتون والفوتون لا يمكن أن يتحول إلى بزترون . إياكم ثم إياكم إن فكرتم في عبث قدسية العمل الإبداعي فالأعمال الإبداعية الخالدة لا تقوم على الفوضى الخلاقة، والعبث غير النهائي .
تذكروا أهمية وحدة النص فهي ضرورة حتمية في تصنيفه ووضعه في ميزان النقد الجاد . وحدة النص وهدفه . لأن الكتابة رسالة واللوحة والمقطوعة الموسيقية والأغنية رسالة . ولكي تؤدي غرضها يجب أن يكون من شارك في إبداعها ليس مريضاً في رغباته وأهوائه .
الرمزية المفرطة تؤدي إلى الضياع كما الضياع في سوهو عند الفيلسوف والكاتب البريطاني.
كولن ولسن. . النصوص بوضوحها لكن الاحتفاظ بسر وسحر جماليتها يعتمد على الذوق الشخص ي.
وأخيراً أتذكر يوما أعلن فيه المركز الثقافي بالحسكة على مسابقة للقصة القصيرة .كان ذلك على عهد مديره الأستاذ الروائي ورائد للقصة في سورية وهيب سراي الدين الذي جاء الحسكة من محافظة
السويداء . فتقدمت كما تقدم من تقدم بقصتي )) حسّان والبرتقالة((. والتي فازت بالجائزة الثانية على مستوى المحافظة .
سقى الله تلك العهود على الرغم من شطحاتها وكميات الغيرة والحسد فيها فليس هناك فردوساً مفقودا .
إنما ما أريد قوله كنا نخجل من أن نطرح أنفسنا ككتاب أو شعراء إلا بعد أن تمر سنوات على تجاربنا ونعود لمن هم أكبر منا سناً وخبرة ً سنتظل في ظلالهم يُرشدوننا ويصوبون لنا أخطائنا وفي هذا السياق أشكر كل من شجعني وقدّم لي خبراته وتجاربه وأخذ بيدي إلى حيث تمكنتُ من الوقوف وأعتقد لازلتُ تلميذاً في مدرسة الحياة.
# اسحق قومي. ألمانيا في 29/10/2022م
ملاحظة: بالطبع لم أورد عن المقالة النثرية ولا أنواعها كما لم أكتب عن البحث بأنواعه فهذا موضوع يطول وعلمني الفيس بوك بأن الناس لا تقرأ المقال الطويل .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي