أَنَا أُحَبِّذُ أَنْ أَبْقَى خَارِجَ أَيِّ إخْتِيَارٍ

اتريس سعيد
2024 / 2 / 12

1 _ مَا يُؤْلِمُنِي حَقًّا أَنَّنِي لَمْ أَعِشْ، وَمَعَ ذَلِكَ سَأَمُوتُ
2 _ أَخْلَاقُ اَلْإِنْسَانِ تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ اَلظُّرُوفِ اَلْمَادِّيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ وَ الْبِيئِيَّةِ، لَا يُوجَدُ إِنْسَانٌ ثَابِتٌ اَلْأَخْلَاقِ فِي جَوٍّ مُتَغَيِّرٍ
3 _ اَلْمَنْطِق هُوَ سِجْنٌ فِكْرِيٌّ، صَنَعْنَاهُ لِنَسْجُنَ فِيهِ أَنْفُسُنَا بَعِيدًا عَنْ اَلْحَقِيقَةِ
4 _ اَلْحَيَاة فَرَضَتْ عَنَّا أَكْثَرُ مِمَّا أَعْطَتْنَا
5 _ أَنَا لَمْ أَعُدْ أُطَارِدُ أَيُّ شَيْءِ أَوْ أَيِّ شَخْصٍ، أَنَا أَعْمَلُ مِنْ أَجْلِ مَا أُرِيدُ، مَا يُسَمَّى اَلْأَصْدِقَاءُ مَنْ يَسْتَطِيعُ مِنْكُمْ اَلذَّهَابُ فَلْيَذْهَبْ وَمِنْ يُرِيدُ اَلْبَقَاءُ فَلْيَمْكُث، لَمْ يَعُدْ لَدَيَّ اَلطَّاقَةُ اَلْكَافِيَةُ لِلْجِدَالِ أَوْ اَلتَّمَسُّكِ بِأَيِّ شَخْصٍ يَنْوِي اَلرَّحِيلُ، بِإخْتِصَارِ أَنَا لَمْ أَعُدْ قَادِرًا عَلَى اَلرَّكْضِ خَلْفَ اَلسَّرَابِ
6 _ ثَمَّةَ مَا يَدَعُوا إِلَى اَلنِّقْمَةِ وَالِإسْتِهْتَارِ وَسَطَ كُلِّ هَذَا اَلْعَبَثِ اَلْمُحِيطِ بِهَذَا اَلْعَالَمِ اَلْمُوحِشِ وَالرَّهِيبِ
7 _ اَلْمَسْأَلَة لَيْسَتْ أَنْ اِخْتَارَ أَنْ أَكُونَ إِنْسَان أَوْ شَيْءٍ آخَرَ، أَنَا أُحَبِّذُ أَنَّ لَا أَخْتَارُ أَيُّ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ اِخْتِيَارُ صَّائِبِ فَهُوَ أَنَّ لَا أَكُونُ، أَنَا أُحَبِّذُ أَنْ أَبْقَى خَارِجَ أَيِّ إخْتِيَارٍ
8 _ إِنَّ هَذِهِ اَلْأَيَّامِ تَتَطَلَّبُ اَلْكَثِيرَ مِنْ اَلصَّبْرِ وَالصَّمْتِ
9 _ أَدْرَكَتْ أَنَّهُ كَيْ تَصْنَعَ عَبْدًا قَانِعًا فَمِنْ اَلضَّرُورِيِّ أَنْ تَصْنَعَ عَبْدًا لَا يُفَكِّرُ، مِنْ اَلضَّرُورِيِّ أَنْ تَغْرَقَ رُؤْيَتَهُ اَلْعَقْلِيَّةَ وَالْأَخْلَاقِيَّةَ فِي اَلظَّلَامِ، وَبِقَدْرَ إِعْدَامِ قُوَّةِ اَلْعَقْلِ لَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى اِكْتِشَافِ أَيِّ عُيُوبٍ فِي نِظَامِ اَلْعُبُودِيَّةِ بَلْ سَيَشْعُرُ بِالْعُبُودِيَّةِ وَضْعًا صَحِيحًا وَسَيَتَوَقَّفُ عَنْ أَنْ يَكُونَ إِنْسَانٌ
10 _ هَذَا اَلْعَالَمِ اَلتَّافِهِ لَيْسَ غَبِيًّا كَمَا يَعْتَقِدُ بَعْضُ اَلْمُغَفَّلِينَ
11 _ لِأَنَّ اَلنَّمْلَ يَعْمَلُ بِتَفَانِي وإجْتَهَاذْ، شَاءَتْ اَلْأَقْدَارُ أَنَّ يَحْيَى تَحْتَ أَقْدَامِ اَلْبَشَرِ، أَمَّا اَلْقَمْلُ اَلَّذِي يَمْتَصُّ دِمَائِهِمْ فَكَانَ لَابُد أَنَّ يَحْيَى فَوْقَ رَأْسِهِمْ
12 _ إِنَّ تَصَوُّرَ اَلْمَرْءِ دَائِمًا بِأَنَّ اَلْآخَرَ سَيُفَكِّرُ مَثَلُهُ بِالضَّرُورَةِ، هِيَ مُجَرَّدُ سَذَاجَةٍ ذِهْنِيَّةٍ شَائِعَةٍ بَيْنَ اَلنَّاسِ، أَمَّا أَنْ يُؤْمِنَ اَلْمَرْءُ يَقِينًا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى ذَاكَ اَلْآخَرَ أَنْ يُفَكِّرَ مَثَلُهُ، فَهَذَا بِالضَّبْطِ أَسَاسُ اَلْخَطَرِ اَلدَّاهِمِ، اَلَّذِي يَنْبُعُ مِنْهُ اَلْإِرْهَابُ بِشَتَّى صُنُوفِهِ وْصُوَرِهِ
13 _ أنْ يَكُونَ اَلْمَوْتُ هُوَ نِهَايَةُ اَلْوُجُودِ اَلْبَشَرِيِّ وَأَنْ يَرْقُدَ اَلظَّالِمُ وَ الْمَظْلُومُ فِي قَبْرَيْهِمَا بِسَلَامِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي اَلْمَصِيرِ دُونَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ حَيَاةٌ أُخْرَى خَالِدَةٌ يُعَاقِبُ فِيهَا اَلظَّالِمُ بِالْجَحِيمِ وَ يُنْصَفُ فِيهَا اَلْمَظْلُومُ بِالْخُلُودِ فِي اَلنَّعِيمِ هُوَ مُنْتَهَى اَلْقَسْوَةِ وَ الظُّلْمِ وَسَخَافَةِ اَلتَّصَوُّرِ
14 _ إِذَا تُعَكِّرَ اَلْمَاءَ فَآحْتَضَنَ دَلْوُكَ أَوْ اِكْسِرْهُ، فَالْمَوْتَ ظَمَأٌ أَكْثَرَ نُبْلاً مِنْ اَلْمَوْتِ وَفِي جَوْفِكَ شَيْءَ مِنْ اَلطِّينِ
15 _ بِدُونِ اَلْعَاطِفَةِ وَالْخَيَالِ يُصْبِحُ اَلْإِنْسَانُ مُجَرَّدُ رُوبُورْتْ
16 _ لَا تُصِرُّ عَلَى اِمْتِلَاكِ اَلْحَقِيقَةِ فَلِلْحَقِيقَةِ وُجُوه أُخْرَى
17 _ نَعَمْ اَلْأَوْقَاتُ تَتَغَيَّرُ، فَلَا تَثِقُ بِمَنْصِبِكَ وَلَا بِمَالِكَ وَلَا بِقُوَّتِكَ وَلَا بِذَكَائِكَ، فَكُلُّ ذَلِكَ لَنْ يَدُومَ، وَلَنْ يَتَبَقَّى مِنْك سِوَى ذِكْرَى تَتَلَاشَى مَعَ اَلْوَقْتِ
18 _ عِنْدَمَا تَمُوتُ أَحْلَامَكَ، فَآعْلَمْ أَنَّكَ لَمْ تَعُدْ تَقِفُ فِي رَدْهَةِ اَلْحَاضِرِ قَطْعًا، بَلْ أَنْتَ كَائِنٌ يَقْبَعُ فِي قَعْرِ وَحْشَةِ اَلْمَاضِي اَلسَّحِيقِ، اَلَّذِي مَا إنْفَكَّ يُشَوِّهُ مَلَامِحَ وُجُودِكَ اَلْوَاعِي، دُونُ أَيَّةِ رَحْمَةٍ أَوْ شَفَقَةٍ، هَكَذَا سَتَبْقَى، إِلَى أَنْ تَبْدَأَ بِخَلْقِ أَحْلَامٍ جَدِيدَةٍ كُلِّيًّا، تُعِيدَ بَعْثَكَ مِنْ جَدِيدٍ، أَنَّهُ حَالٌ أَشْبَهَ بِحَالِ إنْتِقَامِ اَلتَّارِيخِ مِنَّا، بِالسِّلَاحِ اَلْأَمْضَى لَدَيْهِ أَلَّا وَهُوَ اَلذَّاكِرَةُ
19 _ اَلْجَمِيلَ فِي عَصْرِنَا هَذَا إِنَّهُ لَنْ يَسْتَطِيعَ اَلْجُهَلَاءُ إِنْكَارَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي اَلْمُسْتَقْبَلِ، لِأَنَّ كُلَّ اَلْأَدِلَّةِ مَوْجُودَةً
20 _ عِنْدَمَا لَا تَكُونُ لِلْحَيَاةِ قِيمَةً، تَعُودَ لِلْمَوْتِ قِيمَتَهُ. وَبِذَلِكَ يُظْهِرُ اَلْقَتَلَةُ اَلْمَأْجُورُونَ.
21 _ لَا تَدَخُّلَ حَيَاةٍ مِنْ لَا يَحْتَاجُكَ، وَلَا تَفْرِضُ نَفْسَكَ عَلَى مَنْ يَرْفُضُكَ، أَنْ تَرْحَلَ مُتَأَلِّمًا شَامِخًا خَيْرًا مِنْ أَنْ تَبْقَى مُسْتَمْتِعًا ذَلِيلاً.
22 _ قِلَّة قَلِيلَةٍ مِنَّا عَلَى وَعْيٍ تَامٍّ أَنَّهُمْ يَعِيشُونَ فِي سِجْنِ اِسْمِهِ " اَلْحَيَاةَ " وَتِلْكَ اَلْقِلَّةُ مِنْ اَلنَّاسِ هِيَ مِنْ تُعَانِي لِأَنَّهَا غَيْرُ رَاضِيَةٍ عَلَى اَلْوَضْعِ كَمَا هُوَ وَهِيَ اَلَّتِي تُدْرِكُ أَنَّ اَلْحَيَاةَ تَأْخُذُ أَكْثَرَ مِمَّا تَمْنَحُ، تَنْتَزِعَ وَلَا تُعْطِي، تِلْكَ اَلْفِئَةَ اَلنَّاذِرَة مِنْ اَلنَّاسِ حَاوَلَتْ فِعْلَ كُلِّ شَيْءٍ : اِبْتَسَمَتْ، رَقَصَتْ، تَأَقْلَمَتْ، أَحَبَّتْ، لَكِنْ بِدُونِ جَدْوَى، كُلِّ هَذَا اِنْتَهَى بِالْأَلَمِ فِي اَلْأَخِيرِ، اَلْأَلَمُ اَلنَّاتِجُ عَنْ سُؤَالٍ لِمَاذَا ؟! وَمَا اَلْغَايَةُ ؟!
23 _ اَلْإِيمَان أَنْ تَغْضَبَ عِنْدَمَا تَرَى أُنَاس يَرْقُصُونَ وَتَضْحَكُ عِنْدَمَا تَرَى أُنَاس يَحْتَرِقُونَ.
24 _ اَلشَّيْطَان وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ كَائِنَاتٍ وَهْمِيَّةً تَسْكُنُ فِي عَقْلِ اَلْإِنْسَانِ اَلْمُجْبَرِ عَلَى اَلتَّصْدِيقِ أَوْ اَلَّذِي يُصَدِّقُ أَيَّ شَيْءٍ بِلَا دَلِيل لِيَعِيشَ فِي عَالَمٍ مُوَازِي. هَذِهِ اَلْكَائِنَاتِ اَلزَّائِفَةِ لَا وُجُودَ لَهَا فِي عَالَمِنَا اَلْحَقِيقِيِّ وَلَنْ نَجِدَهَا بِإِدْرَاكِنَا، وَهِيَ أَدَوَاتٌ اِسْتَعْمَلَهَا اَلدَّجَّالُونَ اَلَّذِينَ اِدَّعَوْا اَلنُّبُوَّةُ فِي اَلْمَاضِي بِلَا دَلِيلٍ لِإِرْهَابِ اَلنَّاسِ وَتَقْوِيضِ عُقُولِهِمْ لِلتَّحَكُّمِ فِي مَصَائرِهِمْ وَ هِيَ أَسَاسِيَّاتٌ فِي عَالَمِ اَلْمُسْلِمِ خَاصَّةً لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا أَبَدًا رَغْمَ أَنَّهَا تُدَمِّرُ عَقْلَهُ بِالْوَسْوَاسِ اَلْقَهْرِيِّ
25 _ عِنْدَمَا تُصْبِحُ اَلْأَقْنِعَةُ كَثِيرَةً، وَالْوُجُوهُ نَادرَةٍ، عِنْدَمَا يَصِيرُ جُلُّ اَلنَّاسِ مُمَثِّلِينَ بَارِعِينَ فِي أَدَاءِ اَلْأَدْوَارِ اَلَّتِي تَفْرِضُهَا عَلَيْهِمْ تِلْكَ اَلْأَقْنِعَةِ، عِنْدَمَا يَتَحَوَّلُ اَلْوَاقِعُ إِلَى حَفْلَةٍ تَنَكُّرِيَّةٍ، فَإِنَّ اَلتَّمْثِيلَ فِي اَلْمَسْرَحِ حِينِهَا سَيُصْبِحُ أَمْرًا فَائِضًا عَنْ اَللُّزُومِ

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي