مهنية الإعلام الغربي حين يتعلق الأمر بإسرائيل

عبدالله عطية شناوة
2023 / 10 / 30

أصول المقابلات الصحفية كما تعلمناها:
محاولة الأحاطة بالموضوع أو الحدث من أهم جوانبه بشكل حيادي، فحتى المتهم بجريمة وضبط متلبسا فيها، يتوجب أن يمنح فرصة طرح مبرراته والظروف التي إلجأته إليها، وما إذا كان ما قام به دفعا لعدوان، أو أية ظروف مخففة.
محاولة فهم خلفيات الحدث التأريخية ، ودور الأطراف المختلفة فيه، وما سبقه من أحداث أو تراكمات قادت إليه، تجنبا لتبني رؤية أحادية الجانب عنه، وإدانة طرف دون الآخر أنطلاقا من تصورات أو إنحيازات مسبقة.

كل هذه البديهيات في العمل الصحفي يتجاوزها اإلإعلام الغربي حاليا في تغطيته لتطورات الأوضاع بين إسرائيل والفلسطينيين، بعد السابع من تشرين الأول ـ أوكتوبر 2023، وصار على الفلسطيني أو العربي أو أي طرف ليس من الجانب الذي يتبنى السردية الأسرائيلية، أن يتجاوز فحص ما جرى ذلك اليوم من جوانبه المختلفة، ويعلن إدانه صريحة لا لبس فيها للفلسطينيين بأنهم إرهابيون برابرة إرتكبوا جرائم شنيعة لا يمكن تبريرها بأي سبب.

المطلوب في مقابلات الأعلام الغربي لمن لا يتبنون السردية الإسرائيلية أن أن يبدأوا باصدار حكم بالأداىه على "المجرم" الفلسطيني قبل أية مناقشة للحدث وخلفياته والأسباب التي أدت إليه.

المطلوب أن ينسى ضيف المقابلة أن الفلسطيني قسمت أرض بلاده دون موافقة منه، بقرار من جهة لا تملك حق رسم حدود البلدان وإنشاء الدول.

المطلوبب منه أن ينسى أن الفلسطيني تعرض لمجازر في كفر قاسم ودير ياسين والطنطورة، وعشرات غيرها، وأنه لوحق بالمجازر حتى وهو محتم ببلدان أخرى، كما في مجازر صبرا وشاتيلا وقانا الأولى والثانية. مجازر لا يعد ما حدث في السابع من أوكتوبر معها سوى مزحة.

مطلوب منه أن ينسى أن تلك المجازر أجبرت مئات آلاف الفلسطينيين على ترك مدنهم وقراهم ومزارعهم ومصانعم والعيش لعقود عديدة على أراضي بلدان أخرى بلا وطن وبلا جنسية وبلا حقوق تقريبا، بما فيها حق العمل، ينتظرون مساعادات منطمة دولية أسمها الأونروا أسست خصيصا فقط لأبقائهم، في تلك الظروف، على قيد حياة، ليست بحياة.

مطلوب منه ان ينسى أن الكيان، الذي أوجدته جهة لا حق لها بأنشائه، أن ذلك الكيان، لم يكتف بما رسم له من حدود، بل أحتل وطن الفلسطيني من أقصاه ألى أقصاه، بالضد من القرارات التي أصدرتها الجهة المذنبة التي أنشأته بالعودة الى حدوده المقررة، وأجبر الفلسطيني على البقاء تحت الأحتلال بلا مواطنة بلا حقوق أكثر من نصف قرن.

مطلوب ممن يقابله الأعلام الغربي أن ينسى أن الكيان المحتل صار يعتبر أي مقاوم فلسطيني لاحتلاله إرهابيا يتحتم قتله، وقتل أطفاله، وهدم الدار التي تسكنها أسرته وتشريد أفرادها. وينسى كذلك أن الأحتلال يمنح لمتطرفيه حق أنشاء مستوطنات مسلحة في الأراضي المحتله، وتجريف مزارع الفلاح الفلسطيني، وقطع المياه عنها.

مطلوب منه أن ينسى أن الأحتلال يعتقل ويعذب الفلسطيني، ويبقيه رهن الأحتجاز سنوات عديدة دون محاكمة، وأن جيش الأحتلال يعتقل ويعذب حتى الأطفال الفلسطينيين، واحيانا يقتلهم وهم في أحضان أمهاهم او آبائهم.

مطلوب منه أن لا يتطرق أبدا إلى موضوع الأحتلال، وضم الأراضي الفلسطينية الى كيان الأحتلال، بما فيها القدس عاصمة فلسطين، ضمها لدولة الأحتلال كعاصمة له، معزولة عن باقي الأرضي الفلسطينية، وزرع بقية الأراضي بمستوطنين صهاينة يسلحون للإعتداء على السكان المدنيين وأغتصاب مساكنهم، وتهديدهم لأجبارهم على مغادرة أرض اللآباء والأجداد.

مطلوب منه أن ينسى كل ذلك، ويذرف دموعا حارة على ما قام به "الأرهابي الفلسطيني" في السابع من أوكتوبر، بما يجيز معاقبته، بقطع الماء والغذاء والدواء والوقود، عن مدنه وتدميرها على رؤوس النساء والأطفال والمسنين، ومطلوب منه أن ينفي قصف كيان الأحتلال لمستشفيات الفلسطيني وكنائسه ومساجده ومدارس أطفاله.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي