![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
أحمد رباص
2023 / 9 / 28
ما أن بدأت تنغل في دماغي فكرة الكتابة عن موضوع العلاقات الرضائية، حتى اهتديت إلى إنجاز تدوينة ذات صلة ونشرها كومضة إليكم شعاعها: ا"يبدو معنى عبارة علاقات رضائية منخورا بدودة الذكورية؛ إذ ترسخ في أذهاننا أن الجنس اللطيف إذا رضي فعلى الجنس الخشن الهجوم فورا.."
وبما أن نشر الكلام على الفيسبوك يعني تقبل الحوار بصدر رحب:، علق احد الأصدقاء قائلا: "مادا ترسخ في أذهاننا؟ خشونة اللطيف و لطافة الخشن؟ وماذا تقول النسوية في هذا الرأي الذكوري؟ بنوع من الشعور بالاستفزاز، رددت على محدثي: "hé !! هذا الرأي المعبر عنه في التدوينة ليس ذكوريا بالمرة وإنما هو مناهض للذكورية.."
تدخل للمرة الثانية ليقول لي: "نعم. ربما علينا ان نفرق بين اللطيف و الضعيف كما بين الخشن والقوي..! هل "علاقة رضائية"، او بالتراضي، تعني بموافقة كلا الطرفين، اللطيف والخشن؟ وان كانت الأشياء هكذا فلماذا "الهجوم"…!؟"
من قوله الأخير، أدركت أنه فهم شيئا آخر غير الذي أعنيه، فأوضحت له أن "الهجوم استجابة ذكورية ليست من بنات افكاري، بل هي مستوحاة من العقلية العربية.. أو ليس الدخول على العروس هجوما؟ وإذا استحييت او استهجنت كلمة "هجوم" فهل موقفك هذا كاف لتخليص نسائنا وبناتنا من التحرشات والمضايقات التي يتعرضن إليها في الشارع وأماكن العمل؟ أما صفتا "خشن" و"لطيف" فهما تعنيان خاصيتين طبيعيتين تميزان الذكر عن الأنثى والأنثى عن الذكر، وينتج عنهما التكامل أثناء العملية الجنسية..."
وفي تعليقه الثالث، قال محاوري: "هناك طبيعة، هناك تقاليد، ولكن هناك ثقافة فقط يمكنها أن ترفع الإنسان فوق حالته الحيوانية.. الإنسان المتحضر أكثر تقدماً في حل هذه المشكلة". عندها، خامرني شعور أقرب إلى الارتياح منه إلى الانتصار، فقلت: "هنا طاح الريال، هنا نشطحو عليه، هنا وجب علي الاعتراف بأنك وضعت قدميك على الطريق الصحيح.."
رغبة مني في رفع مستوى النقاش، ولجت إلى الشبكة العنكبوتية عساني أصادف عملا جاهزا عن الموضوع. فعلا، لم يخب رجائي، حيث وقع نظري على مقال مكتوب بالفرنسية بقلم الأستاذ زيد طيب ومنشور في موقع "OujdaCity" يوم 21 غشت الأخير.
يقول الأستاذ زيد طيي: "نتحدث على مستوى عالٍ في مجال اتخاذ القرار عن "العلاقات الرضائية"، بكل بساطة، انطلاقا من حامل (العلاقات) ومحمول (الرضائية). في الحقيقة، هذه البنية النحوية التي صيغت بمسند إليه ومسند واحد مضللة لأنها تخفي عن عمد وسبق الإصرار واقعا أعمق بكثير وأكثر غموضا مما يبدو للوهلة الأولى".
ثم يضيف: "قد ينساءل إنسان ذو عقل عن نوع العلاقة التي نتحدث عنها. وعلى أي وجه من التراضي قامت هذه العلاقة؟
علاقات تجارية رضائية؟
علاقات اقتصادية رضلئية؟ علاقات مصرفية ترضائية؟ علاقات مالية رضائية؟
علاقات أسرية رضائية؟
أسئلة أخرى ضرورية لتوضيح عبارة مثل عبلرة "العلاقات الرضائية" المبنية على موصوف وواصف من الدرجة الثانية (رضائية) كما صاغها المسؤولون عندنا وهم يتكهنون بالجانب الأسلوبي الذي يقدم لهم منعطفات اللغة. والآن يحيلنا إضمار الواصف من الدرجة الأولى (جنسية) غير المصوغ بكلمات اللغة إلى شكل آخر من البحث غير أسلوبي: وهو البحث التداولي الذي يقتضي القول بلا قول".
وكأنه يؤيد ما جاء في تدوينتي، قال الأستاذ زيد: "العلاقات الرضائية هي علاقات من رجل إلى امرأة،، من ذكر إلى أنثى، من الجنس المذكر إلى الجنس المؤنث. هناك إذن كلمات كثيرة لقول الأشياء بالكلمات المناسبة لمثل هذه الحالة. بدلاً من إضمار الواصف من الدرجة الأولى، وعوض تهميش القول والمفترض (علاقات جنسية رضائية) في "المقول" (المفروض، المقول)، يتلاعب بنا المسؤولين عندنا لأن العلاقة الرضائية هي علاقة جنسية، أي علاقة دعارة. فبدلاً من قول الأشياء بالكلمات الأكثر شيوعا التي تقدمها اللغة، فإنهم يطرحون من العبارة المعنية عنصرها الأساسي "الجنسي" ليجعلونا نفكر في علاقة إنسانية بين كائنين من جنسين مختلفين. لكن هذه العلاقة، بدلاً من أن تكون محرمة ومحظورة وممنوعة، يسعون جاهدين إلى جعلها مقبولة من خلال الاعتراف بها وممارستها بنص قانوني".
"عندما تفكر في الأمر، يتابع الكاتب، نرى المسؤولين المعنيين يميلون إلى إصدار قانون يعترف بالعلاقات الجنسية الرضائية، أي الدعارة. من هذه العلاقة، سيولد الأطفال بالتأكيد خارج روابط الزواج التقليدي. وبما أن هذا النوع من العلاقة لا يلزم لا هذا الطرف ولا ذاك بالوفاء، فكل شريك منهما في يوم، في ليلة، في ميثاق، حر في شخصه وفي جسده. إنه التراضي! والرجل والفتاة، اللذان لا يربطهما أي شيء، يغيران الشريكين حسب الرغبة من أجل الملذات الجسدية المحتملة. ومع ذلك، من هذا الاتحاد سيولد الأطفال بدون أب شرعي. ومن هنا تأتي فكرة الأب الاختياري. إذا لم يوافق أي من الرجال الذين يُغترض فيهم أنهم أقاموا علاقات جنسية رضائية مع الفتاة التي أصبحت أماً على الاعتراف بأبوته، فلن يكون للمولود أب. وعلى العكس من ذلك، إذا اقترح أحدهم أن يأخذ المولود ابنا أو ابنة، فإنه يسمى أبا اختياريا، لأننا لا نعرف ما إذا كان هو والده البيولوجي أم لا. فها نحن هنا، مع الاعتراف بما يسمى بالعلاقات الرضائية دون التعبير عن طبيعة أو نوع العلاقة المذكورة التي هي بالضرورة جنسية، أمام نوع جديد مما يسمى الأب الاختياري دون أن يكون أبا للعائلة. بل إن الأب هو أب بيولوجي بالمني، والأب الاختياري هو أب بالتراضي. ومن ثم يمكننا أن نستنتج مما قلته أن المسؤولين في بلدي الذين يريدون إصدار قانون يعترف بالعلاقات الجنسية الرضائية أنهم على نفس الموجة مثل المسؤولين في الدول الغربية. وبالفعل فإن هذا النوع من العلاقات يعطي للمرأة الحق في اختيار أب اختياري لطفلها المولود من علاقة جنسية رضائية، أي أنها تستطيع أن تمنحه لقباً غير لقبه وتختار له عشوائياً لقباً اختيارياً افتراضياً، ووالدا وهميا. ولذلك، فإن الطفل المولود من علاقة الدعارة هذه المتخفية في صورة علاقة رضائية لن يعتبر بعد الآن طفلاً غير شرعي. إذا سارت الأمور على هذا النحو، فلن يكون هناك أب في الأسرة، وبالتالي لن يكون هناك عائلة. وحدة الأسرة عادة ما تبنى على وجود الأب".
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |