غرب أفريقيا.. سلسلة انقلابات وتحالف معاد للاستعمار والامبريالية

رشيد غويلب
2023 / 9 / 27

شهد عدد من بلدان غرب أفريقيا سلسلة من الانقلابات العسكرية المعادية للهيمنة الغربية، أدت حتى الآن إلى حراك سياسي وجماهيري، ربما يذكرنا بجوانب من تجارب عدد من البلدان العربية في سنوات خمسينيات وستينيات القرن العشرين، فهل نحن إزاء نسخة جديدة من التجارب السابقة، وهل سيكون نصيبها في النجاح أكثر من سابقاتها؟ نحن إزاء أسئلة مفتوحة، لكنها على الأقل فرصة لألقاء الضوء على ما يدور هناك.

معروف أن شعوب هذه البلدان تعيش كارثة اجتماعية، جراء الثراء الفاحش للساسة المتنفذين، والاستغلال الشنيع لقوى الاستعمار الجديد، وتهديد الإرهاب الجهادي المستمر.

يطالبون بديمقراطية حقيقية

يصف الناشر عمر سيلا الوضع في بلده “مالي” بالشكل التالي: “ إن أبناءنا يناضلون من أجل تغيير جذري، لكن مطالبتهم بالسيادة الكاملة، واحترام الإنسان، لا تقبلها فرنسا. إن ما يطالبون به هو ديمقراطية حقيقية، ويرون في الانقلابيين لحظة انتقالية. وفي اليوم الذي يخيب فيه الجيش الآمال، فسيتم طرده، لأن المجتمع المدني عنيد”.

في 30 آب 2023. تولى الجيش السلطة في الغابون، وجاء الانقلاب بعد إعلان نتائج الانتخابات المزورة التي استمر بموجبها حكم علي بونغو، نجل عمر بونغو، الذي حكم البلاد منذ الاستقلال بدعم من القوة الاستعمارية السابقة فرنسا. وفي النيجر، اعتقل الجنرال عبد الرحمن تياني في 26 تموز الرئيس محمد بازوم، الحليف الوثيق لفرنسا والاتحاد الأوروبي.

وفي مالي، تولى العقيد عاصمي غويتا السلطة في عام 2020 بهدف إنشاء نظام انتقالي قادر على مكافحة الإرهاب الجهادي، وضمان سلامة الأراضي الوطنية وعمل أجهزة الدولة. وفي عام 2021، استولى المجلس العسكري بقيادة العقيد مامادي دومبويا على السلطة في غينيا. وفي بوركينا فاسو، تولى المقدم بول هنري سانداوغو داميبا، في بداية عام 2022، قيادة الدولة، وفي خريف العام نفسه، تم استبداله بالنقيب إبراهيم تراوري.

وعلى الرغم من الاختلافات، فإن الانقلابات تعكس مسارًا يوحد أفريقيا الناطقة بالفرنسية: انتفاضات عسكريين شباب، “تلقوا دائمًا تصفيق سكان، أصيبوا بخيبة أمل من الشخصيات السياسية المنتخبة”، غير القادرة على ضمان “التوزيع العادل للثروة”. ويتحملون المسؤولية لأنهم “دمى في أيدي القوى الأجنبية، وخاصة فرنسا”، كما يشير فرانسيس كبانتيدي في إذاعة فرنسا الثقافية.

ويتحدث الصحفي الكاميروني آلان فوكا في موقعه الرسمي على الإنترنت عن “جنود أفارقة أرادوا أخذ مصيرهم بأيديهم لأن الخيارات الأخرى فشلت”.

يستند إبراهيم تراوري، الرئيس المؤقت لبوركينا فاسو منذ انقلاب 30 ايلول 2022، البالغ من العمر 34 عامًا، وأصغر رئيس دولة في العالم، على توماس سانكارا، الذي بدأ الثورة في بوركينا فاسو، في 4 آب 1983 ومنح سانكارا لقب “تشي جيفارا أفريقيا”، واستمر في الحكم أربع سنوات حتى اغتيل على يد بعض رفاق السلاح في 15 تشرين الأول 1987، لكنه تحول إلى رمزا لشعوب أفريقيا.

يقول حمدون توري، وزير مالي سابق: “إن سلسلة الانقلابات في منطقة الساحل يمكن أن تكون بمثابة نهاية للحكم السيئ أو إطالة أمده بقوة السلاح. نحن في بداية حقبة غير مسبوقة، لا نعرف معالمها بدقة، لكننا مضطرون إلى السعي إلى البحث عن إجابات بشأنها”.

تحالف دول الساحل

في 16 أيلول 2023، اجتمع رؤساء حكومات دول غرب أفريقيا الثلاث مالي والنيجر وبوركينا فاسو في عاصمة مالي باماكو، لتأسيس تحالف دول الساحل، في سبيل “إيجاد بنية للدفاع الجماعي والتعاون المتبادل لصالح الشعوب”. ورحبت رئاسة النيجر بالتوقيع على الاتفاق لتاريخي: “ إن هذا التحالف، يعد خطوة حاسمة للدفاع عن شعوبنا وضمان أمنها”. وتضمن الاتفاق اعتبار أي عدوان على أحد الأطراف، عدوانا على الأطراف الأخرى يستلزم الدعم والمساعدة. وبموجب الاتفاق، تم التعهد بمكافحة الإرهاب الجهادي والجريمة المنظمة.

قارة غنية ومنهوبة

ووفقاً لإحدى محطات التلفزيون في النيجر: يتم سنويا استخراج 130 ألف طن من اليورانيوم في النيجر، بسعر سوق قدره 200 يورو للكيلوغرام الواحد. لكن فرنسا تدفع فقط لليورانيوم النيجري 0,8 يورو للكيلوغرام الواحد. وهذا هو الحال منذ أكثر من 50 عامًا. وخلال 50 عامًا “ سرقت فرنسا من النيجر مبلغًا مذهلاً قدره 592 تريليون ومائتين وسبعة وستين مليار فرنك أفريقي. هذه الحسابات لقطاع اليورانيوم في النيجر فقط. اما إذا جمعت الموارد الأخرى في النيجر وغينيا وبوركينا فاسو ومالي وتوغو وغيرها، فسترى حجم عمليات النهب التي راكمتها فرنسا على حساب الدول الأفريقية. لقد نهبت فرنسا ولا تزال تنهب بلدان أفريقيا. لقد جعلت فرنسا الدول الأفريقية، وخاصة الناطقة بالفرنسية، فقيرة. نحن لا نحتاج إلى أي مساعدة. نحن أغنياء. يمكننا أن نطور أنفسنا بأنفسنا. أتمنى أن تتركنا فرنسا وأوروبا وشأننا! يجب علينا منع فرنسا وأوروبا من التدخل بشؤوننا ويجب أن نرفض أي استثمارات فرنسية وأوروبية في دولنا الأفريقية لأنها فخ للاستغلال المفرط والهيمنة على البلدان الأفريقية”.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي