|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
نهاد ابو غوش
2023 / 9 / 22
نهاد أبو غوش
على الرغم من كل أعمال القمع الوحشي والاغتيالات والاقتحامات والحملات العهسكرية التي جردتها إسرائيل ضد المناطق الفلسطينية وبخاصة مخيم جنين وسائر مخيمات شمال الضفة، تتواصل أعمال المقاومة في الضفة المحتلة، وتبدو أنها متجهة إلى مزيد من التصعيد في ضوء عاملين رئيسيين:
- أولا أن برنامج حكومة الاحتلال ، أي برنامج حسم الصراع، وترجماته على الأرض هو برنامج تصعيدي، يستهدف الفلسطيني أينما كان ومهما كان موقفه السياسي والشخصي، فهو يستهدف الفلسطيني الفدائي المقاتل والطالب والعامل والمزارع ورعاة الأغنام في البرية، كما يستهدف الطفل والمرأة والشاب، ويهدف هذا التصعيد إلى المساس بحياة الفلسطيني ورزقه وأرضه وحريته وكرامته الشخصية ورموزه الوطنية ومقدساته الإسلامية والمسيحية. وفي الإجمال تستهدف خطة الحسم العسكري الإسرائيلية الحقوق الوطنية الفلسطينية بشكل عام بالقضاء على طموح الفلسطينيين في دولة مستقلة وتهويد القدس وشطب حق العودة وتقرير المصير وجعل الاحتلال الإسرائيلي سقفا لطموحات الفلسطينيين. الاحتلال يسعى يوميا لقضم الأرض الفلسطينية مترا مترا وشبرا شبراـ ويسعى لتكريس واقع تهويدي جديد في القدس والمسجد الأقصى، ويسعى للسيطرة التامة على كل مساحات الأرض المصنفة (ج) وعلى جزء كبير من المناطق المصنفة (ب)، وبالنتيجة يسعى لتجريد الفلسطينيين من كل مقومات الدولة المستقلة والسيادة، ثم حشر الفلسطينيين في أماكم سكناهم الحالية من دون أية حقوق سياسية أو حقوق وطنية جماعية. وضمن هذه الخطة يضغط الاحتلال على السلطة بشتى السبل لاختزال دورها إلى مجرد وكيل أمني يعفيه من عبء التعامل مع ملايين الفلسطينيين وحاجاتهم اليومية.
- العامل الثاني هو انسداد الآفاق أمام اي حل سياسي وفشل مسيرة المفاوضات الثنائية بالرعاية الأميركية والتي لم تقد إلا لتكريس الاحتلال وتوسيع الاستيطان وابتعاد الأمل الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
وسط مفاعيل هذين العاملين ينشا جيل فلسطيني جديد يرفض الإذعان والرضوخ لهذا الواقع، وهذا الجيل يشاهد يوميا صنوف القهر والاضطهاد، ويطور تجربته الخاصة في المقاومة مستندا إلى إرث طويل من المقاومة بمختلف الأشكال، واستطاع أن يبتكر وسائل وآليات بسيطة في أشكالها ومعداتها وأدواتها ولكنها بالغة التأثير على بنية الاحتلال الأمنية والعسكرية وقادرة على إفشال وإرباك كل مخططاته.
تزامن هذه المقاومة مع استمرار الانتهاكات والاغلاق الشامل في الاعياد اليهودية طبيعي جدا، لأن فترة الاعياد اليهودية يجري فيها تصاعد في الاستفزازات والانتهاكات المحمومة من قبل غلاة المتطرفين المدعومين من حكومة الاحتلال، وخلالها يفصحون عن أهدافهم العدوانية دون اي التباس وهي السيطرة التامة على كل مساحة الحرم القدسي الشريف وهدم المسجد الأقصى لإقامة الهيكل المزعوم مكانه. وما يقوم به هؤلاء من طقوس تطهرية وسجود ملحمي والتحضير لذبح القرابين والدخول بأدوات الصلاة تحت حجة "حرية العبادة للجميع" هي أعمال لا تعني سوى التصميم على هدم المسجد الأقصى، وهؤلاء كانوا في السابق مجرد حركات هامشية محودية التأثير في الخريطة السياسية الاسرائيلية ولكنهم الآن في مركز القرار ولهم وزراء ونواب في الكنيست، وهم ووزراؤهم يشرفون على ملفات حساسة جدا مثل الأمن القومي والاستيطان.
يبقى الأمر الأهم وهو مزيد من الاحتضان الوطني والشعبي لهذا النمط من النضال وتعزيز انتشاره وامتداده، وصولا إلى تبنيه من قبل أطراف الحركة الوطنية الفلسطينية باعتباره شكلا رئيسيا للنضال الوطني، تسنده أشكال النضال الأخرى الجماهيرية والسياسية ، بما يمكّن من مراكمة هذه الإنجازات والنضالات ، لا أن يكون مجرد حوادث متفرقة وهباّت موسمية .
وإلى جانب القمع الوحشي تمارس دولة الاحتلال مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، وعبر كل وسائل الابتزاز ضغوطا مستمرة على السلطة الفلسطينية لدفعها إلى الاضطلاع بمهمة قمع المقاومة والقضاء عليها، وليس ثمة نظير سياسي أو مادي للسلطة لتشجيعها على القيام بهذا الدور المرفوض وطنيا سوى التلويح بمزيد من الاجتياحات الأمر الذي سيساهم في إضعاف السلطة ويهدد بتفويضها.
-
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |