![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
أحمد رباص
2023 / 9 / 13
أثارني، كغيري من المبحرين في عالم الإنترنت، موضوع ليلى عبد اللطيف، العرافة اللبنانية الشهيرة، خصوصا بعد ما جاء وقوع الزلزال في بلادنا مطابقا لنبوءة كانت قد صدرت على لسان هذه المراة قبل بضعة أشهر.
في خضم توالي الأخبار عن الزلزال الذي ضرب منطقة شاسعة من بلادنا، قمت ببحث سريع في موضوع الكاهنة اللبنانية، فقادني البحث إلى عدة نتائج اخترت منها أحدثها وآخرها وقد تمثل في مقال صغير منشور منذ ثلاثة ايام على صفحات موقع "actu-maroc" الإخباري.
في الفقرة الاولى من هذا المقال، يخبرنا كاتبه بأن الحديث مرة أخرى عن كرامات ليلى عبد اللطيف أصبح حاليا جاريا على الألسنة، انطلاقا من مقطع فيديو أذيع منذ أشهر تظهر فيه ليلى وهي تتنبأ بدقة مذهلة بالزلزال المدمر الذي هز المغرب مؤخرا.
وبينما الأمة حزينة على مئات القتلى وما يعادلهم من الجرحى، تذكر دقة هذا التنبؤ الكثيرين بقدرة ليلى الخارقة، يضيف الموقع.
في الفقرة الثالثة، تم التأكيد على كون تنبؤات العرافة، المشهورة بدقتها، تجد لها بانتظام صدى بين أتباعها. على مر السنين، أصبحت ليلى عبد اللطيف شخصية رئيسية في مجال الاستبصار في الشرق الأوسط. إن توقعها بشأن المأساة المغربية يذكرنا بخطورة الأحداث التي يمكنها توقعها، تتابع الجريدة الفرنكوفونية.
وفي الفقرة الثالثة والأخيرة من نفس المقال، نقرأ ان مقطع الفيديو إياه انتشر بشكل كبير، ما جعل الكثيرين يلجأون إلى بطلته لفهم الأحداث المستقبلية المحتملة أو توقعها. في عالم لا يمكن التنبؤ بأحداثه، تضيء استبصارات ليلى عبد اللطيف بتوهج غامض أولئك الذين يبحثون عن إجابات، تختم الجريدة الإلكترونية.
تقول ليلى عبد اللطيف: سيتعرض المغرب لهزة ارضية، وسوف يشعر بها معظم سكان المغرب، وسوف تتسبب في حالة من الهلع والخوف وبعض الأضرار .
انتشر قول ليلى عبد اللطيف المنجمة اللبناتية انتشار النار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الزلزال الذي هز المغرب انطلاقا من بؤرته التي تفجرت في إقليم الحوز المغربي.
هذا أمر مثير حقا للاستغراب والتعجب. انقسم المتابعون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى قسمين. قسم يقول إن ذلك ضرب من الصدفة ليس إلا، وقسم آخر قال إن الأمر مرتبط ببصيرة عميقة لهذه السيدة، وجزء آخر من هذا القسم ذهب إلى أن الأمر مرتبط بمخططات تحاول القوى الغربية التي تسيطر على العالم أن تمررها عبر ما يسمى بالمنجمين أو في بعض الأحيان عبر السلسلة الكارتونية لعائلة سيمسون التي تستحق لوحدها وقفة مطولة وخاصة.
تنبؤ هذه المرأة بزلزال المغرب وتحقق نبوءتها، هل هما ضرب من الصدفة او تنجيم او مخطط أم شيء آخر؟
اعتمادا على مقاربة دينية مسيحية او إسلامية، هناك عالم لاهوت مسيحي كبير هو القديس اوغسطين يقول إن المنجمين يلقون الكلام على عواهنه، وإن تطابق كلامهم مع الواقع فذلك من قبيل الصدفة فقط.
بالعودة إلى الإسلام، ندرك ان الغيب لا يعلمه إلا الله.
قبل ظهور الإسلام، كان المنجمون يستعينون بشياطين تقوم بالتجسس والتصنت على ما يروج في السماء العليا من أخبار،وتقدمها لهم على طبق من ذهب. بعد انتشار رسالة محمد (ص) انقطع هذا العمل لأن تلك الشياطين أصبحت هدفا للشهب التي قضت عليها نهائيا عقابا لها على استرقاق السمع على الملكوت او الملإ الأعلى.
الدليل على ذلك هذه الآية القرآنية التي مؤداها: "إنا زينا السماء بزينة الكواكب، وحفظا من كل شيطان مارد، لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب، دحورا ولهم عذاب واصب، إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب" (سورة الصافات).
هناك العديد من الآيات تأمر بالإعراض عن السحرة والمنجمين والكهنة وغيرهم. إذا عدنا إلى العلامة ابن خلدون في كتابه "المقدمة" لنستطلع رأيه في الكهانة نجده يقول إن الإنسان له استعداد لتقبل كلام الكهنة لأنه كائن ناقص في بحث دائم عن افق آخر، ويكون بالتالي على استعداد لتقبل أقوال الكهنة مع أنها ليست سوى تخمينات.
يقول ابن خلدون عن كلام هؤلاء: "ولا يكون موثوقا به وربما يفزع إلى الظنون والتخمين حرصا على الظفر بالإدراك بزعم وتمويها للسائلين عن أصحاب هذا السجع وهم المخصصون باسم الكهان"، ويقصد هنا سجع الكهان كما ورد في القرآن الكريم.
واضح أن الدين الإسلامي حاول الحسم في مسألة التنجيم التي بدات مع الإغريق. علم التنجيم هو تخاطر مع النجوم عساها تخبرنا بمجموعة من الأشياء مثل ما نقرأه في الجرائد عن الأبراج: برج العقرب، برج العذراء، إلخ..
كيف فهم اليونان هذا العلم؟ شاهدوا تأثير القمر على الأرض وكيف يتحكم في حركة الماء. حركة المد والجزر في البحر وأحيانا في الأنهار مرتبطة بتأثير القمر. وهكذا تؤثر السماء في المياه وبما أن جزء كبيرا من الإنسان مكون من الماء (الدم)، وبما أن المادة التي يفكر بها الإنسان (الدماغ) تشكل نسبة الماء فيها 80 %، يمكن للقمر ان يتحكم في تفكير الإنسان، ويمكن بالتالي للكواكب أن تؤثر على عقله وفي مزاجه، ويمكن ان تخبره باشياء سوف تقع في المستقبل.
بالموازاة مع ذلك، عند فراعنة مصر، كانت هناك مجموعة من العلوم السرية التي ظهرت في ذلك المكان والزمان وما زالت حتى الآن مستمرة مثل ما يعرف بالدمياطي نسبة إلى عالم من دمياط بمصر كان يلعب بالأرقام والأعداد ذوات الأسرار؛ مثلما هو الحال عند فيتاغورس الذي اعتبر أنها كذلك، وأن المبدأ الاول في الكون هو العد.، وحاول تطبيق ذلك على الموسيقى وعلى العديد من الأشياء.
وبما أن الحضارة اليونانية تأثرت بالحضارة المصرية فقد استفادت منها بعدة أمور منها هذه العلوم السرية كعلم الدمياطي الذي يلعب بالأرقام والحروف.
والمحير أنه إذا تناولنا الرأي الأخر الذي ذهب إلى ان تنبؤات ليلى عبد اللطيف تدخل في إطار مخطط، فهل يمكن التخطيط للزلازل؟ هذا أمر مستبعد..
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |