إفريقيا – أَهِيَ نهاية منظومة فرانس- افريك ( Françafrique )

الطاهر المعز
2023 / 9 / 7

تُستخدم عبارة "فرانس-افريك" للتدليل استمرار الهيمنة الفرنسية على مُستعمراتها السابقة في إفريقيا، ومن ضمنها البلدان السّتّ التي حصلت بها، منذ سنة 2019، حركات جماهيرية وانقلابات عسكرية يُبْدِي مُنفّذوها نِيّة تغيير شكل وجوهر العلاقات مع القوة المُسْتَعْمِرة السابقة، وتميزت هذه العلاقات غير المتكافئة بنهب واستغلال فرنسا لثروات إفريقيا، فيما ازداد الفقر والبُؤس لدى سكان هذه البلدان، وعلى سبيل المثال، تستورد فرنسا الذهب من غينيا ومالي واليورانيوم من النيجر والنفط والخشب من الغابون والكوبالت والخشب من الكونغو والحديد (لصناعة السيارات) من موريتانيا وحبوب الكاكاو من ساحل العاج، وتنهب الشركات الفرنسية الذهب والمنغنيزيوم والمنغنيز والنفط من مُستعمراتها الإفريقية، فيما تُغلق حدودها في وجه المهاجرين الذين ساهمت فرنسا في بقائهم فُقراء ومُعطّلين عن العمل، لكنها تفتح الحدود أمام الشّبّان من ذوي الخبرات والكفاءات ومن الرياضيين التي يحصلون على الجنسية الفرنسية في زمن قياسي، وفرضت الدّولة الفرنسية على 14 من مُستعمراتها، خلال المفاوضات على الإستقلال الشّكْلي، اعتماد الفرنك الإفريقي ( Franc CFA ) المُرْتبط بالفرنك الفرنسي، ثم باليورو، كعملة رسمية يُشرف على طبعها وتوزيعها وتحديد قيمتها المصرف المركزي الفرنسي الذي يُجبر الدّول الإفريقية الأربع عشر، الناطقة بالفرنسية، لغة المُسْتعمِر، على إيداع 50% من احتياطات النقد الأجنبي لدَيْه، ضمن استمرارية النفوذ الفرنسي، بل الهيمنة العسكرية والاقتصادية والثقافية (استخدام اللغة الفرنسية كلغة رسمية)، غير إن نفوذ فرنسا بدأ بالإنحسار، خصوصًا منذ تغلغل الصين، ثم روسيا في إفريقيا، ومنذ إعلان البرنامج العسكري الأمريكي لإفريقيا (أفريكوم)، وفقدت فرنسا نفوذها بفعل الإنقلابات التي دعمها المواطنون والتي أعلن منفذوها وضع حدّ للهيمنة الفرنسية...

نَشَرَ موقع صحيفة "دي فيلت" الألمانية (04 أيلول/سبتمبر 2023)، خَبَر اعتزام الإتحاد الأوروبي نَشْرَ فِرَقٍ عسكرية جديدة في أربع دول إفريقية بإقليم خليج غينيا، في غانا وتوغو وبنين وساحل العاج، خلال الرّبع الأخير من سنة 2023، بعد موافقة وزراء خارجية دول الإتحاد خلال اجتماعهم القادم ب"لوكسمبورغ" (تشرين الأول/اكتوبر 2023) بذريعة “منع توسع أنشطة الجماعات الجهادية ومواجهة النفوذ الروسي في المنطقة”، وادّعى بيان المُفَوّضِيّة الأوروبية إن هدف العساكر وعناصر الشرطة الأوروبيين يتَمَثَّلُ في "تدريب وتقديم المشورة لقوات الأمن المحلية، والمساعدة في الإعداد لعمليات مكافحة الإرهاب، وتوفير الدعم الفني وتنفيذ التدابير لبناء الثقة في قطاع الأمن" في الدّول التي استنجدت بالإتحاد الأوروبي، وبالأخص بنين وغانا التي طلبت حكوماتها "حماية الإتحاد الأوروبي من الجماعات الجهادية التي قد تقوم بتوسيع نشاطها وخلق حالة عدم استقرار في منطقة خليج غينيا " بعد نشر حالة من الإضطرابات في مالي والنيجر وبوركينا فاسو خلال السنوات الأخيرة...

في الواقع يتمثل الهدف الرئيسي للإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في الحدّ من نُفُوذ الصّين وروسيا في منطقة وسط وغرب إفريقيا، خصوصًا بعد الإنقلابات العسكرية التي قد تُضْعِف موقع فرنسا والإتحاد الأوروبي بإفريقيا، ومنها مالي وبوركينا فاسو وغينيا والنِّيجر ثم في الغابون (يوم 30 آب/أغسطس 2023)، والتي حكمها عمر بونغو وابنه علي لفترة 56 سنة، ويُشكّل تغيير نظام الحُكْم بها (إن حَصَل ذلك بالفعل) ضربة قوية لفرنسا التي لها قاعدة عسكرية هناك وبها 350 جنديا، بحسب وزارة الحرب الفرنسية (6 حزيران/يونيو 2023) فضلا عن مُستشارين عسكريين ومُدَرِّبين فرنسيين يُقدّمون الدّعم اللوجستي لمختلف الجيوش الإقليمية، وللتّذكير فإن ناطقًا باسم جيش الغابون والحرس الجمهوري أعلن "إلغاء نتائج الإنتخابات الرئاسية التي تم تزييفها لكي يبقى علي بونغو في السلطة، وحصل الإنقلاب بعد أربعة أيام من انتخابات 26 آب/أغسطس 2023، التي راجت أخبار متواترة عن تزوير نتائجها، قبل إعلان فوز الرئيس المنتهية ولايته "علي بونغو" الذي تولى السلطة سنة 2009، خلفًا لأبيه عمر بونغو الذي حكم البلاد منذ 1967، إلى أن تُوُفِّيَ في حزيران/يونيو سنة 2009، وبقيت عائلة بونغو تُسيطر على الحزب الحاكم وتمتلك النّفوذ السياسي والإقتصادي، بدعم من أجهزة الدّولة الفرنسية، وشركاتها، وأهمها شركة المحروقات "توتال-إينرجي" التي تحتكر استغلال نفط البلاد، وتحتكر توزيع النفط المُكَرّر عبر 45 مضخّة، يُديرها 350 وكيل، معظمهم من الفرنسيين، ونظرًا لأهمية نفط الغابون في مخططات الشركة، انخفض سعر أسْهُم "توتال إينرجي" والشكات التابعة لها، غداة الإنقلاب الذي يقوده قائد الحرس الجمهوري الذي يتمتع بدعم الولايات المتحدة حيث يمتلك ثلاث مباني سكنية...

لم يتّسم انقلاب الغابون (وكذلك الإنقلابات السابقة في بلدان أخرى) بالعُنف، بل تم وضع الرئيس المخلوع في الإقامة الجبرية واعتقال أحد إخْوتِه، ونشرت وكالات الأنباء أخبارًا وصُورًا للمظاهرات المؤيدة للانقلاب، كما حصل في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث ندّد المتظاهرون بالنّهب والدّعم الفرنسي للفساد ضمن منظومة فرنس افريك ( Francafrique ) التي مَكّنت فرنسا من الحفاظ على مكانتها كواحدة من الدّول العُظْمى، والغابون من البلدان الغنية بالنفط (عضو منظمة أوبك)، حيث يُطلق عليها مواطنو إفريقيا الغربية إسم "كُويت إفريقيا"، لأن عدد سكانها قليل (2,3 مليون نسمة) مقارنة بثرواتها المعدنية وجودة أخشابها، غير أن نسبة الفقر ما فتِئَتْ ترتفع منذ حوالي خمسة عشر سنة، وارتفعت معها رُقعة العداء الشعبي لفرنسا الدّاعمة لنظام الحُكم، ولذلك تعدّدت مشاهد رفق لافتات مُنَدّدة بالسياسة الفرنسية ومشاهد حَرْق العلم الفرنسي، وطالب مُنفّذو انقلابَات مالي والنيجر وبوركينا فاسو بمغادرة القوات الفرنسية، وحتى السفير من نيامي، عاصمة النّيجر، وقد تُؤَدّي السياسة الفرنسية المتمثلة بتأييد أنظمة الحكم الدّكتاتورية وبغلق الحدود أمام اللاجئين والمهاجرين والطلبة ورجال الأعمال الإفريقيين، إلى تراجع مكانة اللغة (والثقافة) الفرنسية والمكانة الإقتصادية للشركات الفرنسية، على مدى متوسّط، واتخذت السلطات العسكرية الحاكمة في مالي قرار خَفْضِ مكانة اللغة الفرنسية من لغة رسمية إلى لغة عمل، ولم تُفوّت الولايات المتحدة الفرصة (فضلا عن الصين وروسيا ودول أخرى مثل الهند وتركيا) للفوز بحصة من "التّرِكَة" الفرنسية، وخصوصًا الصين التي عزّزت شراكتها مع الدّول الإفريقية في مجالات الإستثمار والإقراض والتجارة وتنفيذ مشاريع البُنْيَة التَّحتية...

يعتقد بعض المحللين إن تنفيذ انقلاب الغابون يُشكّل خدْعَةً لوقف الموجة المناهضة للاستعمار في أفريقيا، رغم مَظْهَرِهِ كجزء من موجة الإنقلابات المناهضة للإستعمار الفرنسي في غرب إفريقيا، في غينيا أو مالي أو بوركينا فاسو أو النيجر، ويستشهد هؤلاء المُشكّكون بالمواقف الرسمية للولايات المتحدة، المختلفة عن الموقف الرسمي الفرنسي، بشأن انقلاب النيجر وخصوصا انقلاب الغابون الذي قاده الجنرال "بريس كلوتير أوليغي نغيما" ( الحارس الشّخصي للرئيس علي بونغو) الذي أصبح رئيس المجلس العسكري، وعُرِفَ الجنرال أوليغي نغيما بارتباطه الوثيق بالولايات المتحدة، حيث يمتلك ثلاثة عقارات سكنية كما يمتلك عقارات سدد ثمنها نقدا في السنغال وفرنسا والمغرب، وشارك في دَورات تدريب عديدة بالثكنات الأمريكية، وبتبعيّته وطاعته بإخلاص لسيده علي بونغو، قبل أن ينقلب عليه. أما أسباب اهتمام القوى الإمبريالية بهذا البلد الصغير، ذي العدد القليل من السّكّان ( 2,3 مليون نسمة) فهي الثروات الطبيعية التي بدأت الصين في استغلالها (رغم الهيمنة الفرنسية على البلاد) لتصبح الصين، لمدة تسع سنوات متتالية الشريك التجاري الأول للغابون التي زار رئيسها (علي بونغو) الصين خلال شهر نيسان/ابريل 2023، للتفاوض بشأن "الانتقال من العلاقات الثنائية إلى الشراكة الاستراتيجية الشّاملة "، ما جعل بعض المهتمّين بالشؤون الإفريقية يرَون الانقلابَ العسكريَّ جُزْءًا من استراتيجية أمريكية لوضع حدّ للنُّفوذ الإقتصادي والتّجاري المُتَزايد للصّين في إفريقيا، وخصوصا في الغابون حيث أدّى استغلال الثروات الطبيعية إلى ارتفاع متوسط الدّخل الفردي ليصبح واحدًا من أعلى المعدّلات (حصّة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي)، لكن هذه الثروات غير مُوزّعة بعدالة، ولذلك انتشر الفقر المُدْقَع خلال العقد الأخير، بينما ارتفعت ثروة عائلة "بونغو" الحاكمة على مدى عقود، جراء نهب النفط واستثمرت الأسرة بعض ثروتها في شراء العديد من العقارات في فرنسا، وفي بعض الملاذات الضريبية بالمُستعمرات البريطانية، وأشرف المصرف الفرنسي ( BNP Paribas ) على عمليات غسل الأموال المنهوبة واستثمارها في الخارج، كما أَوْدَعَتْ شركة النفط الفرنسية "توتال- إينرجي" (وريثة "إلْفْ أكيتان") الرشاوى والعمولات بالعملات الأجنبية مُباشرة في الحسابات المصرفية لأُسْرة "بونغو" بالملاذات الصريبية، وفق تصريحات القاضية الفرنسية بالقُطْب القضائي لمكافحة الفساد (إيفا جولي)، التي أصبحت عضواً بالبرلمان الأوروبي، وأكّدت في تصريحات علنية، بعد وفاة عُمر بونغو سنة 2009: "لقد كان رئيساً لا يهتم بمواطنيه، بل كان يخدم مصالح فرنسا والسياسيين الفرنسيين بشكل جيد... ولم يستفد شعب الغابون من عائدجات النفط، بل استفادت منها فرنسا وشركاتها وسياسيوها النفاذون الذين بذلوا جهودًا لكي يستمر حُكم السيد بونغو طوال هذه السنوات الممتدة من 1967 إلى 2009"، وأكّد وزير الخارجية الفرنسي الأسْبَق "رولان دوما" هذه المعلومات وأضاف إليها معلومات أخرى عن تمويل رئيس الغابون للحملات الإنتخابية لعدد من السياسيين الفرنسيين من اليمين و"اليسار" (الحزب المُسمى "اشتراكي").

أظهر انقلاب النِّيجر يوم السادس والعشرين من تموز/يوليو 2023، عقب انقلاب مالي وبوركينا فاسو، إفلاس فرنسا أفريقيا وزاد من خطر نشوب صراع عسكري معمم في أفريقيا مع القوى الإمبريالية التي استخدمت المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا كوكيل لمصالحها، كما تستخدم الولايات المتحدة منظمة الدّول الأمريكية كوكيل لها في أمريكا الجنوبية، وأقدمت فرنسا على إعادة انتشار جزء كبير من قواتها التي طردت من مالي وانتقلت إلى النيجر حيث يتواجد 1500 جندي فرنسي (وفق البيانات الرسمية التي تُضيف إليها أحيانا 350 جندي آخرين)، كجزء من "الحرب المزعومة ضد الإرهاب" ولتمكين استغلال اليورانيوم من قِبَلِ شركة أورانو الفرنسية (أريفا سابقا) التي تزود محطات الطاقة النووية الفرنسية بثلث حاجتها من اليورانيوم.

اتخذت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS)، وخاصة السنغال وساحل العاج ونيجيريا، إجراءات زَجْرِيّة وعقوبات اقتصادية كان شعب النيجر أول ضحاياها، وهدد المجموعة (إيكواس) بالتدخل العسكري، فيما تؤدي العقوبات إلى زعزعة استقرار الحياة اليومية لمواطني النيجر الذين يعانون من الفقر المدقع ومن عدم المساواة، وطالب عشرات الآلاف من المتظاهرين بطرد سفيري فرنسا ونيجيريا وإغلاق القواعد العسكرية وطَرْد الجنود الفرنسيين، وشكلت هذه المظاهرات في مالي والنيجر وفي البلدان المجاورة تعبيرًا عن المشاعر المناهضة للاستعمار وللسياسة الفرنسية التي تدعم الديكتاتوريين، وتستغل ثروات دول "الساحل الإفريقي" من خلال النهب الإقتصادي والفرنك الأفريقي والقواعد العسكرية، بينما يعاني المواطنون من أزمات اقتصادية ومناخية حادّة (الجفاف بشكل خاص) واحتفظت فرنسا، على مدى ستة عُقُود بقوة عسكرية دائمة تهدف إلى دعم الديكتاتوريين والحفاظ على مصالح الشركات الفرنسية مثل توتال للمحروقات وأورانج للإتصالات وأورانو لليورانيوم وبولوريه للبنية التحتية وبويغ للإنشاء وغيرها، كما تشكل هذه القواعد العسكرية إحدى ركائز الشبكات الفرنسية الإفريقية التي تجمع بين الجنود وعملاء المخابرات والمرتزقة والمدربين العسكريين المرتبطين مباشرة بالسلطات السياسية والاقتصادية في فرنسا...
دعمت الولايات المتحدة الأنظمة الرّجعية في إفريقيا ونظام الميز العُنصري في إطار مُعاداتها لحركات التّحرر الوطني وللأنظمة التقدمية وللفكر التّحرّري وللإشتراكية، وبعد انهيار الإتحاد السوفييتي ونهاية نظام الميز العنصري بجنوب إفريقيا ومستعمرتها ناميبيا، وبزمبابوي ( "روديسيا" حسب التسمية الإستعمارية) أنشأت الولايات المتحدة قواعد عسكرية، مُرْفَقَة بمعاهدات عسكرية وأمنية مع العديد من الأنظمة بشرق إفريقيا (مثل كينيا ) وبوسط وغرب القارة (ليبيريا) وسبع دول أخرى، منها الغابون، ذلك البلد الصغير والثّري، وأصبحت الولايات المتحدة تُنافس فرنسا في مناطق ما يُعبّر عنه ب"فرانس – افريك"، أي في مُستعمراتها السابقة التي تستخدم الفرنك - CFA – والمنخرطة في المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (إيكواس)، وبعد إقرار برنامج "أفريكوم" (القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا) أصبح الجيش الأمريكي (والإستخبارات العسكرية الأمريكية ) يُشرف على تسليح وتدريب ما لا يقل عن جيوش سبع بلدان من إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء، وهي مستعمرات فرنسية سابقة، والتزمت الولايات المتحدة الحياد الظاهري حيال سلسلة الإنقلابات الحالية التي بدأت سنة 2021، لأنها زعزعت مكانة الإمبريالية الفرنسية، ولم تتضَرّر المصالح الأمريكية، وفق صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 30 آب/أغسطس 2023، غير أن الولايات المتحدة تُواجه خُصُومًا آخرين في إفريقيا، وخصوصًا الصين التي فاقت استثماراتها 155 مليار دولارا في دول إفريقيا الواقعة جنوب الصّحراء الكُبرى، وروسيا التي تبيع الحبوب والأسمدة والعلف بسعر تفضيلي للبلدان الإفريقية الفقيرة، بل أعلن الرئيس الرّوسي خلال لقائه الرؤساء الأفارقة استعداد بلاده مساعدة الدول الفقيرة بمنحها الحبوب مجاناً، وعمومًا تستثمر الصين في البنية التحتية والمناجم والإنشاء والطاقة، سواء في إطار مشروع "الحزام والطريق" أو خارجه، وكثفت روسيا التبادل التجاري مع إفريقيا، بينما لم تهتم الولايات المتحدة سوى بالجوانب العسكرية والأمنية، ولم تُنجز الولايات المتحدة وُعُود رئيسها الأسبق باراك أوباما، منذ سنة 2015، باستثمار أربعمائة مليار دولار على مدى عشر سنوات في الطاقة والبنية التحتية بإفريقيا، وبعد أكثر من ثماني سنوات لم تتجاوز الإستثمارات الأمريكية ثلاثين مليار دولارا...
لا تُشكّل الإنقلابات العسكرية ولا استبدال هيمنة بأخرى، حلاًّ لمشاكل الكادحين والشعوب، من بطالة وفقر وأُمِّيّة، ولا لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة الضرورية والمطلوبة لتحسين مستوى حياة عشرات ملايين المواطنين الذين يُعانون الفَقْر، رغم الثروات الهائلة في بلدان مثل الكونغو ونيجيريا وأنغولا وغيرها...
لن تحل الانقلابات القضايا الاقتصادية والديمقراطية والاجتماعية والبيئية، وتتعيّن العَوْدَةُ إلى مصادر مناهضة الاستعمار وإلى الأصول الثورية والديمقراطية للوحدة الأفريقية التي ناضل من أجلها رواد الإستقلال مثل يوليوس نيريري أو كوامي نكروما أو باتريس لومومبا أو من جيل توماس سانكارا، ووجب العمل على إلغاء الحدود المصطنعة الموروثة من الاستعمار، وكذلك الانقسامات العرقية والدينية لشعوب أفريقيا بهدف مَنْعِ شُعُوب إفريقيا من الكفاح لاستغلال ثروات القارة بشكل مشترك والسماح لجميع مواطني القارة بالعمل والعيش بكرامة، في أفريقيا المتحررة من وصاية القوى الإمبريالية والشبكات السياسية والمالية وجماعات الضغط والمُجَمَّعات الصناعية العسكرية.
لقد ناضل رواد الوحدة الأفريقية من أجل إنشاء اتحاد ديمقراطي يجمع الشعوب الأفريقية التي لا تعرف الحدود، والتي لديها ثقافات وأنماط حياة راسخة في التاريخ والجغرافيا مستقلة عن السياسة الناتجة عن الاستعمار، لذا، يتعين علينا أن نرفض أي تدخل عسكري في النيجر أو أي مكان آخر، وأن نطالب بإغلاق القواعد العسكرية الأجنبية، وتشكيل لجنة لفحص ديون أفريقيا البغيضة، والعمل المُشترك من أجل بناء مُستقبل مشترك يضم الجميع بدون مَيْز...

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي