|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
سعود سالم
2023 / 9 / 2
الإنقلاب الأخير في السودان
العسكر طاعون الشعوب - الحلقة الخامسة
١٤ - أعلن رئيس المجلس السيادي في السودان، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، عن تعليق العمل بمواد من الوثيقة الدستورية، ضمن حزمة قرارات أعلنها الاثنين 25 أكتوبر٢٠٢٣، شملت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء. يدير مجلس السيادة الحكم في السودان منذ إنقلاب ٢٠١٩، وهناك قائدان عسكريان يتنافسان على السلطة والقيادة العليا: قائد القوات المسلحة والرئيس الفعلي للبلاد عبد الفتاح البرهان، من جهة، ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، من جهة أخرى. واختلف العسكريان على الاتجاه الذي تسير فيه البلاد وعلى مقترح الانتقال إلى حكم مدني.
تولي عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس العسكري الانتقالي خلفا لوزير الدفاع الفريق عوض بن عوف، الذي استقال من منصبه بعد يوم واحد فقط من توليه رئاسة المجلس وعزله للرئيس السابق عمر البشير. وعين المجلس السيادي في العشرين من أغسطس 2019 عبد الفتاح البرهان، ليمثل رأس الدولة ورمز سيادتها ووحدتها، بحسب الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير الذي يمثل أحزاب المعارضة السودانية. نصت الوثيقة الدستورية الأصلية على أن يتولى المجلس قيادة البلاد خلال المرحلة الانتقالية التي ستمتد لمدة 39 شهرا من تاريخ التوقيع عليها، ليعقبها إجراء انتخابات عامة. وكان المجلس، الذي يضم في عضويته عددا من القادة العسكريين، يعد القائد الأعلى للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخرى في السودان. وتألف المجلس في البداية من 11 عضوا هم خمسة عسكريين رشحهم المجلس العسكري الانتقالي، وستة مدنيين رشحهم تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، وبينهم امرأتان واحدة منهما مسيحية قبطية. ولكن هذا الوضع لم يدم طويلا، وقبل إنهاء المدة المتفق عليها وهي - ثلاث سنوات - قام البرهان بإنقلاب آخر في أواخر أكتوبر 2021. حيث أعلن حالة الطوارئ، وحلّ مجلس السيادة، الذي كان يشرف على الانتقال إلى حكم مدني، ومجلس الوزراء. وقُبض فجر الاثنين 25 أكتوبر على أعضاء في الحكومة الانتقالية وقادة مدنيين آخرين وكان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من بين من وضعوا قيد الإقامة الجبرية.. وجاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء أن حمدوك وزوجته "اختطفا فجر الاثنين 25 أكتوبر 2021 من مقر إقامتهما بالخرطوم، واقتيدا إلى جهة غير معلومة من قبل قوة عسكرية". وبشر البرهان بسودان "جديد" يتمتع "بالحرية والعدالة".
١٥ - وكانت الوثيقة الدستورية قد دشنت دخول السودان إلى حقبة جديدة كان من المفترض بها أن تحقق عملية الانتقال إلى الحكم المدني وانقضاء حقبة الرئيس السابق عمر البشير، الذي أحكم قبضته على البلاد طوال أكثر من ثلاثة عقود.
ووقع على وثائق المرحلة الانتقالية الفريق أول محمد حمدان دقلو، نائب رئيس المجلس العسكري، وأحمد الربيع ممثل ائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير المعارض، بحضور رؤساء ووزراء عدة دول، من بينهم رئيس وزراء اثيوبيا أبي أحمد ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي. وجاء الاتفاق على الوثيقة الدستورية للمرحلة الديمقراطية بعد مفاوضات مضنية بين ممثلي المعارضة الذين كالعادة قد ركبوا موجة الثورة الشعبية بدون تصريح شعبي وعينوا أنفسهم قادة الإحتجاجات الواسعة ضد نظام البشير، وبين والمجلس العسكري الذي أطاح به في شهر إبريل.
وكان التوقيع بالأحرف الأولى على الإعلان الدستوري في الرابع من شهر أغسطس 2019 ممهدا للتوقيع على الوثيقة الدستورية التي تشمل الأسس التي ستسير عليها المرحلة الانتقالية بناء على الاتفاق التاريخي لتقاسم السلطة الذي توصل إليه الطرفان في شهر يوليو من العام نفسه.
ومن أبرز ما تضمنته الوثيقة:
تلغي الوثيقة الدستورية العمل بدستور السودان الانتقالي لعام 2005 ودساتير الولايات، لكنها تستثني القوانين الصادرة بموجبها التي ستظل سارية المفعول ما لم تلغ أو تعدل.
وتصف الوثيقة جمهورية السودان بأنها "دولة مستقلة ذات سيادة، ديمقراطية، برلمانية، تعددية، لا مركزية تقوم فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الثقافة أو الجنس أو اللون أو النوع أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي أو الرأي السياسي أو الإعاقة أو الانتماء الجهوي أو غيرها من الأسباب".
كما تؤكد الوثيقة على أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم القتل خارج نطاق القضاء وانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وجرائم الفساد المالي وجميع الجرائم التي تنطوي على إساءة لاستخدام السلطة التي ارتكبت منذ الثلاثين من يونيو 1989 لا تسقط بالتقادم.
١٦ - قوات الدعم السريع تشكلت عام 2013 وتعود أصولها إلى ميليشيا الجنجاويد التي قاتلت بضراوة المتمردين في دارفور. ومنذ ذلك الحين، سعى الجنرال دقلو إلى تأسيس قوات قوية تدخلت في صراعات في اليمن وليبيا بجانب العقيد حفتر، وهي تسيطر على بعض مناجم الذهب في السودان. واتهمت بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان، بما في ذلك مجزرة قتل فيها أكثر من 120 متظاهرا في يونيو 2019. ونظرا إلى تنامي هذه القوة خارج إطار الجيش أصبحت مصدرا لعدم الاستقرار في البلاد وتهديدا مباشرا للجيش النظامي. و من أهم النقاط الأساسية العالقة بين حميدتي والبرهان، هي الخلاف حول خطة ضمّ قوات الدعم السريع التي يبلغ عددها 100 ألف عسكري، إلى الجيش وحول من سيقود القوة الجديدة بعد ذلك. وتأتي أعمال العنف التي قادت إلى الحرب الحالية في السودان بعد أيام من التوتر مع إعادة نشر قوات الدعم السريع لعناصرها حول العاصمة، في خطوة رأى فيها الجيش تهديداً لسلطته على كامل البلاد.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |