|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
سعود سالم
2023 / 8 / 24
منذ مئات السنين، بل منذ آلاف السنين مات الملايين من البشر، ماتوا واندثروا لأسباب عديدة لا يمكن تعدادها أو حصرها في قوائم. ماتوا بسبب الحروب الغبية، بالسكاكين بالسيوف بالحراب بالرصاص أو بالغازات السامة أو بالقنبلة النووية. وماتوا أيضا من الجوع والبرد، أو من أمراض التخمة والملل، وآخرون ماتوا بالصدفة ومن أجل لاشيء. في نهاية الأمر الكل يموت. غير أنه هناك من يموتون من أجلهم ومن أجل قضاياهم الشخصية أو العامة، القصة طويلة، والمنطق غائب، واللحظة الحاضرة مجرد سؤال .. فهل نستطيع أن نموت من أجل الآخرين ؟ لا أحد يعرف الجواب ولا أحد يريد أن يعرفه. فالعقل حجاب، كما ان الصحو حجاب.
العقل مسافة وهمية، مساحة وهمية تفصله عن الناس والأشياء.
يدخل زقاقا طويلا معتما، مضاء بمصباح يرسل ضوءا باهتا على أرضية الشارع الترابية السوداء، ويتراءى له سكين صدئ مغروز في قلب الفراغ. مجرد رؤيا.
تصفر ريح صحراوية مسافرة عبر الأزمان، ودقات قلب ينبض، وصوته وهو يصرخ: أنا سكين صدئ مغروز في هذا القلب، أنا حلم مستحيل التحقق، أنا داء يسري في الكون، أنا صدأ.. أنا صدى .. أنا عدم. نحرت نفسي بسكين صدئ أمام المرآة، وضعت رأسي تقطر دما على قطعة قماش صفراء وسط السوق .. فمن يشتري ؟ من يشتري هذه الرأس التي تنبعث منها رائحة الهزيمة ؟ هذه الراس المحشوة ببقايا الكلمات المكسرة الحواف، والمختلطة بغبار عشرات السنين ؟ من يشتري رأسا ملت الوجود، وفقدت الاتصال بباقي الجسد ؟ من يشتري رأسا للشواء ؟ لا أحد .. لا أحد في هذا العالم الملعون. علقت رأسي على بوابات العالم القديمة التي تفوح برائحة الثوم، وبوابات المدن الحديثة التي تنبعث منها رائحة البترول المحترق، على بوابات المدن المتعفنة التي فقدت أبوابها بفعل الريح وشياطين التجارة والليل والتاريخ. ثبتته بمسمار صدئ على اللوح الخارت .. وكتبت باصبعي الملطخ بالدم: هذه رأسي تنظر إليكم .. لمزيد من المعلومات ، أنا موجود في البار المقابل!
وطال الإنتظار
انقطع الإتصال
وتبخرت إمكانية الحوار
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |