|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
آدم الحسن
2023 / 8 / 6
قبل تناول موضوع الإبادة الوحشية التي تعرض لها الجيش العراقي بواسطة قصفه من قبل أمريكا و الدول المتحالفة معها اثناء انسحابه من الكويت باتجاه مدينة البصرة العراقية لابد من تناول الظرف الداخلي للعراق و الظرف الإقليمي المحيط به و اهم من كل ذلك الظرف الدولي الذي كان سائدا في الفترة الني احتل فيها العراق الكويت .
في الفترة التي رافقت احتلال العراق للكويت كان الاتحاد السوفيتي السابق في طريقه نحو التفكك , و حلف وارشو العسكري الذي كان يضم الاتحاد السوفيتي و مجموعة الدول الاشتراكية في شرق اوربا قد بدأ مراحله الأولى نحو الانهيار التام , جدار برلين كان قد سقط و توحدت المانيا الشرقية مع المانيا الغربية و دخولها الى حلف الناتو العسكري , و الحرب الباردة الأولى بدأت تتلاشى تدريجيا , و بدل أن تفكك امريكا حلف الناتو العسكري لانتفاء الغرض المعلن من إنشائه و هو الدفاع عن الدول الغربية من الخطر الشيوعي القادم من المعسكر الشرقي بدأت تخطط لتوسيعه ليمتد شرقا باتجاه روسيا و بذلك كانت أمريكا هي القطب الصاعد ليكون القطب الأوحد الذي يحكم العالم .
في ذلك الظرف الدولي الذي اتخذت فيه امريكا اولى الخطوات لتكون شرطي العالم قرر صدام حسين احتلال الكويت .
كان المحيط الإقليمي عاملا مساعدا مهما لتشكيل تحالف عسكري واسع بقيادة امريكا لإجبار العراق على الانسحاب من الكويت .
لقد اختار صدام حسين الزمن الخطأ لتنفيذ خطته في استعادة الكويت و ضمها الى كيان الدولة العراقية .
إن الدخول في مواجهة عسكرية نتائجها معروفة لصالح امريكا او لصالح الطرف المتحالف معها هو ليس بالأمر الخطأ الذي لا يمكن اصلاح نتائجه فحسب بل هو ايضا عمل اهوج غير مدروس و نتائجه كارثية على البلد الذي يدخل في مثل هذه المواجهة الغير متكافئة .
الغرور الذي اصاب الرئيس العراقي صدام حسين كان قد وصل لأقصى درجاته فجعله دكتاتورا يحكم العراق بشكل مطلق لا يجرأ احد من قيادات الدولة العراقية أو من قيادات الجيش العراقي على قول ما لا يتفق و قراراته و رغباته .
لم يكترث صدام حسين لما ممكن أن يحصل للعراق و لشعبه و لجيشه جراء الدخول في مواجهة عسكرية ضد قوة عظمى متحالفة مع اكثر من ثلاثين دولة من ضمنها العديد من الدول العربية .
مرض الشعور بالعظمة جعل صدام حسين لا يرى الواقع كما هو بل كما يعجبه و يتخيله , فدفع بالجيش العراقي للقيام بعملية سريعة و خاطفة تمكن من خلالها احتلال الكويت في بضعة ساعات .
قد لا يكون صدام حسين مدرك لمدى التدمير الذي ستتعرض له معظم وحدات الجيش العراقي من قبل الماكنة العسكرية الهائلة لأمريكا و حلفائها التي كانت تتفوق على قدرات الجيش العراقي بعشرات المرات لكنه رفض ايضا الاستماع لنصائح الكثير من قادة دول العالم و منهم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك و كذلك من الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد .
لمدة حوالي ستة اسابيع , استمر قصف أمريكا و حلفائها للقطعات العسكرية العراقية و على البنية التحتية للعراق فقد تم تدمير اركان مهمة من هذه البنية التحتية التي لا علاقة لها بالجهد العسكري العراقي , شمل هذا التدمير جسور في العاصمة العراقية بغداد و مدن عراقية اخرى بعيدة عن خط المواجهة , محطات توليد للطاقة الكهربائية , مراكز للاتصالات المدنية .
لم يكن الغرض من الغارات الأمريكية على البنية التحتية العراقية هو إخراج القوات العراقية من الكويت بل لإعادة العراق عقود للوراء كما عبر عن هذا الحقد وزير خارجية امريكا بقوله لوزير خارجية العراق طرق عزيز بقوله " سنعيد العراق للعصر الحجري " .
ليس لدى القوات العراقية اي وسيلة لصد غارات امريكا فقد كانت ضربات عنيفة و دقيقة من طرف واحد , القوات الأمريكية تضرب بقسوة و القوات العراقية بكل صنوفها تتلقى تلك الضربات و هي مشلولة و غير قادرة على الرد , لم يكن أي خيار امامها سوى انتظار قرار من صدام حسين بالانسحاب من الكويت .
لقد زادت القوات الأمريكية من ضرباتها لقطعات الجيش العراقي بشكل كبير في الأسبوع الأخير من تلك الحرب , ليس هنالك تفسير لهذه الزيادة في الضربات الأمريكية في الأيام الأخير من تلك الحرب سوى أن امريكا قد علمت بنية صدام حسين اصدار قراره بالانسحاب من الكويت فسارعت في زيادة عدد ضرباتها لإلحاق هزيمة كبرى بالجيش العراقي و تكبيد قطعاته اكبر خسارة ممكنة في الأفراد و المعدات قبل وقف لإطلاق النار .
اثناء انسحاب الجيش العراقي من الكويت , ارتكبت القوات الأمريكية جريمة حرب , هي من جرائم الحرب الكبرى التي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية , حين استهدفت قوتها العسكرية الهائلة قطعات الجيش العراقي و هي في حالة انسحاب من الكويت حيث ابادت الطائرات الأمريكية آلاف الجنود العراقيين المنسحبين و هم ليسوا في وضع قتالي و لا يحملون حتى السلاح الخفيف حيث أمتلئ طريق الانسحاب من الكويت الى مدينة البصرة العراقية بألاف الجثث للجنود العراقيين و غالبيتهم كانوا عزل من السلاح , لقد تم التعتيم على تلك الجريمة البشعة من قبل كل الأطراف , فأمريكا و دول الخليج العربية و نظام صدام حسين و الدول الغربية وجدوا أن في الكشف عن تلك الجريمة ضررا على سمعتهم , لذلك سكت الجميع و دفنت جثث الجنود العراقيين ضحايا تلك المجزرة في مقابر جماعية في الكويت , الغريب أن الأعلام العراقي لم يتطرق لتلك المجزرة لحد يومنا هذا.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |