![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
محسين الوميكي
2023 / 8 / 3
مَدِينَتِي يَا مَكْنَاسَ
يَا مَرْبِطَ فَرَسِي
وَرَاحَتِي
يَا مَوْطِئَ قَدَمِي
وَنُمُوِّي
مَا بِي أَرَاكِ تَمَشينَ وَاهِنَةً مُنْحَنِيَةً
تَجُرّينَ خُطُوَاتَكِ بِثِقْلٍ
خُطْوَةٍ خُطْوَةٍ
إِلَى الْوَرَاءِ
أَيْنَ تَرَكْتِ صَهْرِيجَ السَّوَانِي
وَسِجْنَ الْقَارِئِ
أَيْنَ وَضَعْتِ أَسْوَارَكِ
وَأَبْوَابَكِ الْعَالِيَةِ
أَيْنَ خَبَّأْتِ سَاحَةَ الْهَدِيمِ
وَبَابَ مَنْصُور الْعَلْجِ
كُلُّ شَيْءٍ فِيكِ يَحْتَاجُ
إِلَى تَرْمِيمٍ
كُلُّ نَوَافِذِكِ تَكَسَّرَ زُجَاجُهَا
كُلُّ مَلَابِسِكِ أَضْحَتْ أَوْسَاخًا قَاتِمَةً
وَأَمَانِيَ صَدِئَة
آهٍ مَدِينَتِي
يَا مَكنَّاسَةَ الزَّيْتُونِ
كُلُّ شَيْءٍ كَانَ فِيكَ جَمِيلاً
اُسْتُبْدِلَ بِأَحْلَامِ مُهْتَرِئَةٍ
فِي عُمْرِي لَمْ تَكُونِي يَوْمًا وَسِيمَةً
أَهْلُكِ يَمْشُونَ فِي الشَّوَارِعِ
كَالْأَشْبَاحِ
يَكْتُبُونَ آلَامَهُمْ عَلَى الْحِيطَانِ
وَعَلَى أَبْوَابِ الْأَسْوَاقِ
وعَلَى عَرَبَاتٍ تَجُرُّهَا أَجْسَامٌ مَنْهُوكَةٌ
وَعَلَى جَبِينِ الطَّحِينِ
أَهْلُكِ يَمْشُونَ فِي الشَّوَارِعِ
كَالْأَشْبَاحِ
هَائِمِينَ
ظُلْمَةٌ تَحْجُبُ عَنْهُمْ نُورَ الْفَرَحِ
مُنْكَبِّينَ عَلَى وُجُوهِهِمْ
يَمْشُونَ
مَدِينَتِي يَا مَكْنَاس
صَلَوَاتُكِ رِيحٌ تَهُبُّ فِي صَحْرَاءٍ قَاحِلَةٍ
دَعَوَاتُكِ صَوْتٌ مُمَزَّقٌ
كَعَوِيلِ الصَّمْتِ مُبَعْثَرٌ
اِنْتِظَارَاتُكِ نَارٌ تَأْتِي عَلَى الْأَخْضَرِ وَالْيَابِسِ
وَأَهْلُكَ يَمْشُونَ فِي الشَّوَارِعِ
كَالْأَشْبَاحِ
نَائِمِينَ عَلَى جَنْبِ الْعَذَابِ
أَلَا تَدْرِينَ يَا مَدِينَتِي
أَطْفَالُكِ يَتَسَكَّعُونَ لَيْلاً
فِي الشَّوَارِعِ
وَقَبْلَ الْفَجْرِ
يَتَكَدَّسُونَ أَكْوَامًا، أَكْوَامًا
تَحْتَ جُنْحِ الظَّلَامِ
يَتَرَاقَصُونَ كَالْفَرَاشَاتِ
دَمْعَتُكِ يَا مَدِينَتِي لَا تَغْسِلُ أَحْزَانِي
مَا دَامَ أَهْلُكَ يَمْشُونَ فِي الشَّوَارِعِ
كَالْأَشْبَاحِ
صَبَاحُكِ لَيْلٌ
وَلَيْلُكِ ظَلَامٌ
طُرُقَاتُكِ حُفَرٌ
وَالْعَمَلُ فِيكِ مَفْقُودٌ
مَكنَاسَة الزَّيْتُونِ
هَلْ أَنْتِ مَدِينَةٌ حَقِيقِيَّةٌ
أَشُكُّ فِي ذَلِكَ
لَا أَعْتَقِدُ
قَدْ تَكُونِي زَهْرَةً بِلَا رَائِحَةٍ
جَوْهَرَةً مَنْسِيَّةً
أَوْ مَنْزِلاً مَهْجُورًا
غَرِيبَةٌ أَنْتِ يَا مَدِينَتِي
تَأْتِينَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالْمَقْبَرَةِ الْمُقْفِرَةِ
سِرُّكِ الْمَفْضُوحُ
مَصْلُوبٌ عَلَى جَبْهَتِكِ
يَقْطُرُ دَمًا
كُلَّمَا اِنْتَحَرَ حَرْفٌ
أَوْ وُأِدَتْ قَصِيدَةٌ
سَتَبِيعِينَ عَصَافِيرَك
سَتُطَأْطِئِينَ الرَّأْس
تُطْبِقِينَ الْجَفْنَ
وَتَنْحَنِينَ لِلُصُوصِ الْأَحْلَامِ
سَتَتَسَوَّلِينَ مِنَ الصَّبِيَّاتِ
زَغْرُودَةً
وَلَنْ تَجْدِي سِوَى عَدُوّ يُقَهْقِهُ
بِوَقَاحَةٍ فِي وَجْهِك
تَأْكُلُنِي الْغَيْرَةُ
تَنْهَشُنِي الْحَيْرَة
وَأَهْلُك يَا مَدِينَتِي
يَمْشُونَ فِي الشَّوَارِعِ كَالْأَمْوَاتِ
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |