في ذكرى العاشر من محرم

عباس علي العلي
2023 / 7 / 29

بسم الله الرحمن الرحيم....
في هذا اليوم الذي أحيا فيه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه... دين محمد شهداء سعداء عند الله أحياء غير أموات.. أهنئ رسول الله محمد ص وأل بيته الأطياب وكل من تمسك بحبل الله من السابقين والحاضرين عباد الله المخلصين، بهذه الكوكبة العظيمة ممن نذر روحه وبذل نفسه في سبيل إصلاح الأمة لا ينتظروا من أحد جزاء ولا شكورا... إنما أمرهم ومصيرهم وتجارتهم مع الله سيد الحاكمين وأحكم العادلين... فإنا لا نقول فيهم إلا ما يرضي الرب الرحيم ويدخل السعادة في قلوب الشهداء السادة "فلمثل هذا فليعمل العاملون... أنتم السابقون ونحن على العهد لاحقون ثابتون"....

السؤال هنا لمن لا يعرف مضمون الآية من الذين يأخذونها مأخذ الإجمال وخاصة في معنى "فمنهم من قصى نحبه ومنهم من ينتظر" النحب في اللغة يا سادتي هو العهد والنذر والقرار... وليس هو البكاء أو النحيب الذي يقول به غالب المفسرون... فقد ورد في اللغة والقواميس أن كلمة "نحب" تعني...
نحَبَ: (فعل)
نَحَبَ يَنحَب ، نَحْبًا ونحِيبًا ، فهو ناحِب ، وهي ناحِبَة
نَحَبَ الرَّجُلُ : نَذَرَ، أَيْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئاً
نحَبَ في العمل ونحوه: جدّ
و نحَبَ عليه: أَكبّ
نحَبَ بكذا: راهَنَ
نحَب الشّخصُ :بكى ورفع صوتَه
نحَبَ الإنسانُ : أخذَه السُّعال
تناحَبَ القومُ: تواعدوا إلى وقت ما على أمره
ـ نَحْبُ: الهِمَّةُ، والبُرْهانُ، والحاجَةُ، والسُّعالُ، وفِعْلُهُ: نَحَبَ، والمَوْتُ، والأَجَلُ، والنَّفْسُ، والنَّذْرُ، وفِعْلُهُ: نَحَبَ، والسَّيْرُ السَّريعُ أو الخَفيفُ، والطُّولُ، والمُدَّةُ، والوَقْتُ، واليَوْمُ، والسِّمَنُ، والشِّدَّةُ، والقِمارُ، والعظيمُ من الإِبِلِ.

ومن مجمل الغالب من المعنى أن الله تعالى يترحم ويبشر الصادقين لصدقهم وبرهم ونذرهم وعهدهم ورهانهم مع الله على الثبات على الحق، هذه الآية الشريفة تنطبق تماما مع فعل الحسين وموقفه وعهده ورهانه مع الله على الحق والثبات على الموقف، مهما بلغت التضحية وغلا الثمن، فهو أولا من خيار المؤمنين ومن الطبقة العليا من المتقين ومن المبشرين بجنان الرحمن قام أو قعد عن الثورة أو الدعوة للحق، ومع ذلك لم يتكئ على وعد الله له وإحسانه عليه، ولا على صلة القربى والدم والنسب مع رسول الله فنزل مؤمنا ويكفيه فخرا أن يكون للمؤمنين إماما وللثوار قائدا ومنهجا ونبراسا، لا يرجو من أحد جزاء ولا شكورا ولا يأمل في مكافأة دنيوية ولا منزلة ولا كرسي سلطة لأنه صدق مع الله وقد أوفى بنذره كما أوفى أسلافه إيراهيم وإسماعيل، وكما أوفى جديه غبد المطلب وعبد الله... إنهم سلالة من الأوفياء الصادقين مع الله سرا وعلانية...
لا أبكي الحسين ليس ترفعا أو عدم إبالية في عظيم المصاب وجلالته في قلوب البشر، بل الأوجب أن أبكي أولئك الذين لم ولن ولا يعرفوا معنى الوفاء والصدق مع أنفسهم ومع الله ومع الأخرين، يجب أن نبكي حالنا نحن الذين فرطنا بحسين ودرب الحسين وهدف الحسين حينما ولينا شرار القوم ومنافقي الدين علينا لأنهم قالوا تعالوا نبكي الحسين لأنه مظلوم، علينا أن نبكي على أنفسنا لأننا ظالمين ومظلومين ولم ينفع حبنا للحسين من رفع الظلم أو محاربة الظالمين، وما زلنا على درب الفشل سائرون، نبكي على الذين ذهبوا بلا ثمن ولا نتيجة لأنهم صدقوا أن الحسين بحاجة مستمرة للدماء حتى يبقى، والحسين باقيا بعهد الله ووعده، لا يحتاج لدم أحد ولا مال أحد ولا نصرة أحد... الحسين باق بإرادة الله وصدقه وعدله وثبات أمره...
اليوم بعد أن علم كل إناس مشربهم علينا أن نختار الحسين ونذهب إلى الوفاء بالنحب.. أو البقاء مع الدجالين وتجار قضية الحسين لننتحب ونبكي ونجلد الذات كأننا مصابين برهاب الندم والشعور بالذنب، وتنتهي أيام عاشوراء لنعود للذي كان، وكأن الحسين موسم زسوق وعيد أدمنا حضوره لتفريغ شحنات من مشاعر مكتومة في دواخلنا ... وكان الله يحب المحسنين...
لا اناقش مع الناس عقائدهم التي ورثوها وأستورثوها من أسلافهم وأباءهم وهم على ما سار عليه السائرون من قبل، ولكن من حبنا للحسين أن نقول لأحبابه الصادقين المخلصين المتعاطفين حد الذوبان، أن الحسين لا يرضى لكم المهانة، وهو الذي خرج بدمه وعياله وعظيم منزلته كي لا يهان مسلم ولا يذل مؤمن وأن يرفع راية عدل في سمائكم، فمن يريد الحسين عليه أن يعيش بكبرياء الأحرار وشمم الأبرار، مصلحا مع المصلحين مترفعا عن كل ما يدنس كرامة المؤمن ويشين به سلوكا أو قولا أو نسبا..
أصدقوا إذا مع الله ومع الحسين وأفوا بعهد الله حتى يوفي بعهده لكم وينصركم ويرفعكم ويجعلكم خير أمة أخرجت للناس " تأمورون بالمعروف وتنهون عن المنكر" ... لا يريد لكم الله الذلة والمسكنة فقد كتبها الله على قوم جبارين فكسرهم وأذلهم وجعلهم في تيه دائم وضياع كامل، كلما ذكر الشر والنفاق والتحريف وعصيان الله وقتل أنبياءه ذكروا، كونوا مع الله عباد الله ولا تنسوا أن دعوة الحق كانت قولوا لا إله إلا الله تفلحوا.. فأفلحوا كما فلح الحسن وفاز وأنتصر.... والسلام على من أتبع رضوان الله وقال حسنا.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي