تكايا الدراويش في التصنيفات الدولية للجامعات

عماد عبد اللطيف سالم
2023 / 7 / 11

كتبَ لي الزميل في دراسة الدكتوراه، الصديق الدكتور فاخر حيدر(المقيم في النرويج حاليّاً) تعليقاً حول موضوع منشوري ليوم أمس 10-7-2023، عن التصنيف الدولي للجامعات، وعدم وجود أي جامعة عراقية فيه (ضمن أفضل 500 جامعة في العالم لعام 2023) .. وخلاصة ما جاء في تعليقهِ، هي ما يأتي:
لا تشغلوا أنفسكم في إيجاد حل لمشكلة تصنيف "جامعاتنا" ضمن أفضل 500 جامعة في العالم.
نحن غير قادرين، ومن سنوات طويلة على حل مشكلة درجة حرارة الـ 50 مئوي، التي "تشوينا" جميعاً في كُلّ صيف، مثل السمك "المسكَوف".
لا نحن هنا في العراق، ولا حتّى في دول الخليج الغنية، لدينا القدرة على التأسيس العلمي – الحديث والمعاصر- لجامعات مرموقة ومتقدمة في مناهجها، وأساليب العمل والتدريس فيها، ولديها قدرة على "التأثير" في مجالات الحياة والعمل المختلفة.. لأنّ الجامعة ليست "بناء تحتي" فقط يتمُّ شراؤهُ بالمال، مثل برج خليفة أو مطارُ حمد.. ولا هو نادٍ لكرة القدم يقوم بشراء "رونالدو" أو غيره ، بمئات الملايين من الدولارات.
الجامعة "بناء فوقي" لا يُشترى بالمال، لأنّهُ يرتبط ارتباطاً وثيقاً( وعضويّاً) بثقافة المجتمع، وبالتطور التاريخي لجميع تفاصيل العيش، ومنظومات القيم والسلوك، وأساليب الحياة المختلفة، في البلدان المختلفة.
انظروا الى جارتنا (المسلمة) تركيا (وهي لم تصبح بلداً أوربيّاً بعد( بالمعايير الأوروبيّة لهذا الانتماء)، وما تزالُ "شرقيّةً" مثلنا في الكثير من التفاصيل).. ستجدون أنّ هناك تطوراً في مجالات كثيرة من الحياة، ومنها الجامعات، لماذا؟
عندما جاء أتاتورك الى الحكم على أنقاض الدولة العثمانية، وجد أنّ هناك عدداً كبير من "تكايا الدراويش" في تركيا، وهذه "التكايا" تشغل مبانٍ عديدة، فقرّر أن يحوِّل هذه "التكايا" غير المُنتِجة، إلى معاهد فنية بمختلف الاختصاصات، واستقدم لها مهندسين ألمان لتدريس و تدريب وتأهيل الكوادر التي شكّلت فيما بعد أساس تطور تركيا الحديثة.
إنّ أغلب جامعاتنا الحكومية والأهلية الآن هي أشبه بـ "تكايا الدراويش" التركيّةِ تلك (مع احترامي الشديد للصوفية وكتابات ابن الرومي وشمس الدين التبريزي، التي ما تزال تحظى باحترام وقدسية الأتراك، وغير الأتراك، إلى هذه اللحظة).
قوموا بتحسين نوعيّة تربية وتعليم أجيالكم، وبناء تنميتكم على وفق "مواصفات" مواردكم البشرية وقدراتكم الماديّة(والماليّة).. وحوِّلوا "تكايا الدراويش" التي تتكاثرُ كـ "الفِطرِ" في بلدانكم إلى معاهد فنيّة تستجيب لاحتياجات سوق العمل لديكم.. ثُمّ أذهبوا بعده ذلك للبحث عن نشر "بحوثكم" في "سكوباس"، وغيرها من المستوعبات، لكي يكون لكم مكان في تصنيفات العالم المتقدِّم لجامعاته (وليس لـ "جامعاتكم").. وأنتظروا حصاد النتائج "الحقيقية" على أرض الواقع في بلدانكم، في نهاية هذا المطاف الصعب والطويل، وبعد أستكمال شروطهِ ومتطلّباتهِ كافّة، وليس في بداياته الفاشلةِ المُتعثِّرة.. وليس الآن، وفي هذا التوقيت، وفي هذه اللحظة.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي