|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
آدم الحسن
2023 / 7 / 8
لقد فشلَ النشاط المعادي للصين في الكثير من الملفات و لم يتبقى لدى أمريكا من النشاط المعادي للصين سوى الملفات التالية :
اولا : قضية تايوان
الزمن يسير لصالح الصين في نهجها لإعادة ضم تايوان للوطن الأم بأسلوب سلمي من خلال مبدأ نظامين في دولة واحدة و سيتحقق هذا الانضمام حين ستكون الحالة المعيشية للمواطن التايواني افضل و تايوان بنظامها الحالي ضمن الدولة الصينية من حالته المعيشية و هي منفصلة عن الصين , أن هذا الأمر يتحقق فعليا على أرض الواقع بشكل تدريجي من خلال الدمج المستمر للاقتصاد التايواني بالاقتصاد الصيني , فالصين هي الان الشريك التجاري الأول لتايوان حيث أن حجم التبادل التجاري بين تايوان و الصين اكثر من مجموع قيم التبادل التجاري لتايوان مع باقي دول العالم , بالإضافة الى أن التأييد الشعبي لحزب الكومنتانغ القومي في تايوان يزداد يوما بعد يوم , و هذا الحزب يؤمن بصين واحدة , لكن يريدها صين ليبرالية , و قد يفوز هذا الحزب في انتخابات الرئاسة في السنة القادمة 2024 و بفوزه سيتحقق تقارب كبير بين تايوان و البر الصيني و يعجل من انضمام تايوان للسيادة الصينية .
ثانيا : العقوبات الاقتصادية
تعمل الإدارة الأمريكية الحالية على تطبيق بعض العقوبات الاقتصادية كمنع أو فرض قيود على تصدير بعض وسائل التصنيع المتطورة ذات العلاقة بالذكاء الصناعي و بتكنولوجيا اشباه الموصلات لإنتاج الرقائق الإلكترونية فائقة التطور الى الصين , لقد اثبتت التجارب السابقة عندما تُفْرضْ عقوبات على الصين من قبل الدول الغربية عندها تكون الحاجة فعلا هي ام الاختراع , فكلما زادت حاجة الصين لمجال تكنولوجي معين زادت معه الجهود و القدرة على التطوير و الابتكار بسرع عالية و يتحقق القول " رب ضارة نافعة " , فأي عقوبة تفرضها امريكا و معها حلفائها على الصين تكون نتائجها عكسية و تخدم التطور العلمي و التكنولوجي في الصين إذ إن مثل هذه العقوبات تحفزها أكثر على تطوير قدراتها الذاتية .
ثالثا : أثارة موضوع حقوق الأنسان و الحريات في الصين
لا شك أن الخطط الاستراتيجية الأمريكية لتفعيل النشاطات المعادية للصين تتضمن استخدام كل الأساليب المتاحة المشروعة و الغير مشروعة وفق مبدأ " الغاية تبرر الوسيلة " .
لأمريكا خبرة عالية و متراكمة في تكييف مواضيع حقوق الأنسان و الحريات الشخصية بطريقة تخدم اهدافها و مصالحها , لكن قدرة امريكا و الغرب عموما في استخدام السلاح الإعلامي في مجال حقوق الأنسان ضد الصين اخذت تتراجع , فكلما تقدمت تجربة الديمقراطية الشعبية في الصين و حققت نجاحات على ارض الواقع لتكون الأسلوب الديمقراطي الأكثر ملائمة للحالة الصينية تتراجع امال امريكا و حلفائها بنجاح اهدافها باستخدام هذا السلاح .
لم يعد الشعب الصيني بحاجة لتقليد اي نموذج من نماذج الديمقراطية الغربية فلقد اصبح لديه ديمقراطيتة الخاصة به , ديمقراطية ذات خصائص صينية يحقق الشعب الصيني من خلالها حكم نفسه بنفسه .
رابعا : محاولات عزل الصين عن روسيا باستخدام سياسة الترغيب و الترهيب
إن اخطر ما يواجه الهيمنة الأمريكية على الدول هي الشراكة الاستراتيجية بين الصين و روسيا , فلدى روسيا الكثير مِن ما تحتاجه الصين , على سبيل المثال لا الحصر : الغاز ، النفط ، تكنولوجيا الفضاء ، التكنولوجية العسكرية في الكثير من فروعها الأساسية , التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية و العسكرية , بالمقابل لدي الصين الكثير مِنْ ما تحتاجه روسيا منها الصناعات الإلكترونية ، الاتصالات الحديثة ، الذكاء الصناعي ، القدرة المالية الهائلة في الاستثمار .
من المؤكد أن الشراكة الشاملة بين الصين و روسيا ستغير مجريات الأحداث في عموم الساحة الدولية للعقود المقبلة , و سيكون العالم بعد هذه الشراكة ليس كالعالم قبلها .
رغم أن الحد من التقارب الاستراتيجي بين روسيا و الصين هو أمر مستحيل إلا أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لا تترك أي فرصة لإبعادهما عن بعض لكن دون جدوى , فكل محاولات امريكا في عزل روسيا عن الصين تفشل لأن سياسة امريكا هي التي تدفعهما للتقارب و تجعل من مصيرهما مصيرا واحدا مشتركا .
الإدارة الأمريكية الحالية , إدارة الرئيس بايدن تسعى الى هزيمة روسيا و انهيارها لدرجة تفككها الى دويلات متناحرة , قادة الصين ليسوا بساذجين كي يسمحوا بنجاح المخطط الأمريكي في انهاك و إضعاف روسيا اقتصاديا و عسكريا لدرجة الانهيار , لأنهم يعلمون جيدا أن الصين هي العدو الثاني لأمريكا , فبعد تَمكنْ امريكا من العدو الأول ستبدأ مرحلة القضاء على العدو الثاني , لذا فالإدارة الأمريكية تحاول عبثا عزل روسيا عن الصين .
يبدو أن السبب وراء اصرار امريكا في محاولاتها لعزل روسيا عن الصين هو وجود خلل كبير في حساباتها , لكن مع مرور الزمن ستدرك الإدارة الأمريكية ان الصين لن تسمح بخروج روسيا خاسرة من مواجهتها الحالية مع الناتو في اوكرانيا , فهنالك طرق متعددة امام الصين لتقديم الدعم لروسيا , فبسبب وجود العملاق الاقتصادي الصيني انعكست نتائج الحرب الاقتصادية التي تشنها امريكا و معها حلفائها على روسيا لتصبح نتائج هذه الحرب لصالح روسيا و الصين , كان ممكن إن تنجح محاولة امريكا لهزيمة روسيا اقتصاديا لولا وجود الصين التي قلبت موازين القوى الاقتصادية و نقلت النشاط الاقتصادي الروسي من اتجاه الغرب الى الشرق , و بالأخص الى الصين و الهند , لا شك إن هذا الانتقال قد افشل كل المخططات الأميركة في حصار روسيا اقتصاديا بالإضافة الى أنه سيوفر امكانية كبيرة لنهضة اقتصادية جديدة لروسيا .
أما هزيمة روسيا عسكريا فأن سباق للتسلح بين روسيا و الناتو قد بدأ , سباق تسلح لم يحصل مثله من قبل حيث ستكون الصين بكل امكانياتها العلمية و التكنولوجية و الاقتصادية طرفا رئيسيا في هذا السباق دون أن تخل بحيادها في الحرب الروس الأوكرانية .
إن وجود الصين في خندق واحد مع روسيا في سباق التسلح سيقلب موازين القوى العسكرية في عموم الساحة الدولية في المستقبل المنظور .
في هذه المرحلة و بعد أن اصبحت فيها عوامل انهيار الهيمنة الأمريكية واضحة و تحول العالم الى عالم متعدد الأقطاب نهضت اللوبيات الداعمة لكارتيلات الصناعات العسكرية الأمريكية لتعيد عقارب التحولات التاريخية إلى الوراء من خلال تهديد الصين و اجراء مناورات عسكرية حولها , لكن محاولات إعادة عقارب التاريخ للوراء امر صار مستحيلا .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |