الأساليب المتاحة امام امريكا لوقف تطور الصين ( 2 )

آدم الحسن
2023 / 7 / 7

أن اهم سبب وراء ما حصل و يحصل في الصين من تطور هائل و سريع في التنمية الاقتصادية و البشرية هو المشاركة الواسعة المتاحة للشعب الصيني في صنع و بلورة سياسات الدولة في كافة المجالات حيث نجحت الصين في قطع شوط مهم على الطريق نحو تحقيق الديمقراطية الشعبية " حكم الشعب الصيني لنفسه بنفسه " .
الديمقراطية الشعبية نظام ديمقراطي متطور لكنه نظام معقد في بعض مفاصله , إذ إن تنفيذه يتطلب وضع برنامج عمل لجميع افراد الشعب الراغبين في المشاركة , من موقعهم و حسب امكانياتهم , في التخطيط و ادارة سياسة الدولة في المجالات الاقتصادية و المجتمعية , الأمر ليس بالسهل اطلاقا و يحتاج الى جهد كبير و عقود من الزمن لاستكمال المتطلبات الضرورية لمشاركة اكثر من مليار صيني في عمل اللجانْ الشعبية المحلية الأولية و صعود مقترحات هذه اللجآنْ الى مجلس الشعب الصيني و الى مجلس الدولة الصينية لتكون اساس لخطط الدولة الصينية في كافة المجالات .
حاليا يوجد تسعة أحزاب سياسية تعمل بنشاط في الصين إلا أن الحزب الشيوعي الصيني هو الأكثر شعبية و عدد اعضائه اكثر من 90 مليون عضو و قد اثبت نجاحه و صار صاحب افضل خبرة في تحقيق التطور و النمو و التقدم في كافة المجالات العلمية و التكنولوجية و الثقافية في الصين , أن الحزب الشيوعي الصيني لم يعد ذلك الحزب الذي يقوده العمال و الفلاحون بل صار للتكنوقراط المتقدم دور اساسي في قيادته و تحديد كافة مسارات نشاطه , حتى أن بعض المتابعين للشأن الصيني أخذ يصفه بحزب التكنوقراط .
لقد أوجد صعود العملاق الاقتصادي الصيني معادلات سياسية جديدة على الساحة الدولية حيث أنشأت الصين بالتنسيق مع عدد من الدول منها روسيا و الهند الأسس و البنية التحتية لعالم جديد ، عالم متعدد الأقطاب , من هذه الأسس منظمة شنغهاي للتعاون , بنك التنمية الجديد , مجموعة بريكس , و غيرها من الكيانات ذات العلاقة بالتعاون و التنسيق في الأمور الاقتصادية و السياسية و ألأمنية وفق مبدأ العدالة و المصالح المشتركة للدول الأعضاء , و كنتيجة لهذه المتغيرات على الساحة الدولية و خصوصا تنامي دور الصين الاقتصادي في العالم التي اصبحت الشريك التجاري الأول للعديد من الدول تَشَكلَ نموذجان للعلاقات بين الدول :
** النموذج الأول الذي يعتمد على التعاون الاقتصادي و الشراكة الشاملة بين الدول و بناء أسس نظام نقدي عالمي جديد يكون عادلا و منصفا لجميع الدول , اخذت الصين مكانا كبيرا و مميزا في هذا النموذج لدرجة يمكن وصفها بأنها هي الدولة القائدة و الراعية لتطور هذا النموذج .
** النموذج الثاني الذي تقوده أمريكا و يعتمد على الصراع و فرض نظام اقتصادي و نقدي عالمي غير عادل كونه يخدم دول الغرب على حساب مصالح باقي الدول و خصوصا على حساب الدول الفقيرة .
إن السبب الأساسي في وجود نموذجين هو الاختلاف في تكوين الدولة الأمريكية و الدولة الصينية , فالشركات في أمريكا هي التي كونت دولة الولايات المتحدة الأمريكية وفق قوانين و ضوابط و متطلبات الشركات , أما دولة الصين فهي التي كونت الشركات وفق مقاييس و ضوابط حددتها الدولة لها , لذا صارت أمريكا دولة شركات و الصين دولة مؤسسات .
حين تكون الدولة هي من تخطط و يكون نظامها نظاما شعبيا ديمقراطيا يكون تخطيطها وفق متطلبات شعبية اجتماعية , أما الشركات فخياراتها تجري وراء الربح مهما كان شكل التنافس حتى لو ادى ذلك الى الصراع و الحروب .
إن تطور و نجاح النموذج الذي تقوده الصين يسير أسرع بكثير من توقعات واضعي استراتيجيات الهيمنة الأمريكية .
لازال صانعي القرار السياسي الأمريكي يفكرون بعقلية الحرب الباردة إذ يمكن للمتتبع للنشاط الأمريكي المعادي للصين خلال العقود الماضية يجد أن في هذه النشاطات ملفات عديدة .
بالمقابل , تستطيع الصين ممارسة نفس اسلوب امريكا و تفتح ملفات عديدة لمحاربة امريكا , و الملفات التي يمكن فتحها ضد امريكا كثيرة إلا أن سياسة الصين تختلف جوهريا عن سياسة امريكا , فالصين تنصح و تدعو الدول الأخرى و منها امريكا للابتعاد عن اساليب الحرب الباردة , لذا ليس من المعقول قيام الصين بعمل هي تنصح بالابتعاد عنه .

(( يتبع ))

حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت