|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
محمد رضا عباس
2023 / 6 / 27
هبط سعر الليرة التركية مقابل الدولار يوم الجمعة , 13 من هذا الشهر, الى قاع تاريخي جديد ليتجاوز 25 ليرة للدولار الواحد . وقرر البنك المركزي التركي يوم الخميس رفع سعر الفائدة الرئيسي من 8.5% الى 15% , وذلك لأول مرة منذ عامين .
ما علاقة سعر الفائدة على القروض مع قيمة العملة المحلية , وهنا الليرة التركية؟
حسب النظرية الاقتصادية التي تدرس في اغلب جامعات العالم وتعمل بها جميع البنوك المركزية هو ان رفع سعر الفائدة , بجانب أمور أخرى, يؤدي الى ارتفاع قيمة العملة المحلية , والعكس هو الصحيح . أي ان انخفاض سعر الفائدة يؤدي الى تراجع في قيمة العملة المحلية .
لماذا؟
ارتفاع سعر الفائدة في بلد مستقر مثل تركيا , يؤدي الى تحفيز المستثمر الأجنبي باختيار تركيا كموقع لاستثماراته , لكونه سوف يجني ربح اكبر بكثير من استثمار ثروته في بلد سعر الفائدة فيه قليل . مليون دولار و بسعر فائدة قدرها 20% تعطي ربحا قدره 200 الف دولار في السنة , فيما ان سعر فائدة قدره 5% يعطي 50 الف دولار سنويا . الفرق كبير , 150 الف دولار , وهو مبلغ يضمن للمستثمر دخل سنوي يمكنه ان يعيش برفاه ورغد دون متاعب وسهر ليل.
نظرية رجب طيب اردوغان , رئيس جمهورية تركيا , الاقتصادية خالفت المعقول والمعمول به , انه يعتقد ان تخفيض سعر الفائدة يؤدي الى نمو اقتصادي ومن خلالها يقضي على بقية المشاكل الاقتصادية . انه كان الخاطئين . سياسته قبل الانتخابات الأخيرة جلبت عليه وعلى اقتصاده مشكلتين , ارتفاع التضخم المالي حتى وصل 85% وانخفاض مستمر في قيمة الليرة , حتى وصلت الى الحد الذي ذكرناه أعلاه.
ما علاقة انخفاض أسعار الفائدة بالتضخم المالي ؟
انخفاض سعر الفائدة يؤدي بالمستهلكين وأصحاب الاعمال بالاقتراض الكبير من البنوك التجارية , مما يؤدي الى زيادة هائلة على السلع والخدمات , وكما هو معروف عندما يزداد الطلب على سلعة معينة , فان سعرها سوف يزداد في السوق , وهكذا أيضا زيادة الطلب على السلع والخدمات في البلاد يؤدي الى زيادة معدل أسعارها , والذي يسمى التضخم المالي .
ما تأثيره على جيب المواطن التركي ؟
مرتين . ارتفاع نسبة التضخم في البلاد يؤثر سلبا على كل عامل وموظف ( أصحاب الدخول الثابتة) , لأنه يقضم من قوتهم الشرائية . انا متأكد , ان أبناء الوطن العربي يشعرون بحرارة الأسعار في الأسواق عام بعد عام . التأثير الثاني هو ان انخفاض الفائدة يؤدي الى تراجع في قيمة العملة المحلية , وبذلك فان انخفاض قيمة الليرة التركية يعني ان التاجر التركي الذي يتعامل بالدولار من اجل تغطية كلفة تجارته سوف يضطر بشراء الدولار بكلفة إضافية والذي بدوره سوف يحملها على مستهلك بضاعته . الدولار الأمريكي كان يساوي 17 ليرة تركية , هذا الأسبوع سوف يضطر التاجر التركي بدفع 25 ليرة من اجل الحصول على ذلك الدولار . اذن التضخم سوف يتزايد ومعاناة المواطن التركي سوف تزداد أيضا .
ولكن لماذا هذا التراجع الكبير بقيمة الليرة التركية بعد عودة الرئيس اردوغان الى كرسي الرئاسة ؟
الامر كان سياسي وليس اقتصادي بامتياز . يعرف الرئيس التركي اردوغان ان تراجع قيمة الليرة سوف تؤدي الى تضخم مالي إضافي في البلد والذي سيزيد من معاناة الشعب التركي ولاسيما أصحاب الدخول الثابتة والتي تمثل الشريحة التي من العادة لا تنقطع من المشاركة في الانتخابات , مما سيزعج الناخبين وقد يتحولوا الى منافسه . ومن اجل الحفاظ على قيمة الليرة من التراجع والتضخم من الانفجار, امر الرئيس اردوغان البنك المركزي التركي , محافظ البنك المركزي كان من المطيعين جدا للرئيس ولكن بالأخير خسر وظيفته, بطرح ما يقارب 170 مليار دولار امريكي قبل الانتخابات , وبذلك ضمن عدم تراجع الليرة على الأقل في الأيام قبل يوم الانتخابات.
فاز الرئيس في الانتخابات , وجاء وزير مالية جديد من المدرسة التقليدية التي تؤمن بان رفع الفائدة سوف يؤدي وظيفتين إطفاء حريق التضخم المالي و رفع قيمة العملة التركية . وجاء محافظ جديد للبنك المركزي وجد الاحتياطي من العملات قد تبخر بعد ان كنسها الخليفة اردوغان . ولكن هذه المرة , عرف اردوغان انه تدخل في موضوع ليس من اختصاصه , الاقتصاد .
الفريق الاقتصادي الجديد رفع سعر الفائدة من 8.5% الى 15% , ولكن تراجع قيمة الليرة استمر ليصل ما يقارب 25 ليرة للدولار الواحد . اغلب الاقتصاديون يعتقدون ان 25 ليرة للدولار الواحد هي القيمة الحقيقة لليرة , حيث ان السوق سيستقر على هذا المقدار على الأقل في الزمن المنظور. رفع الفائدة بهذا القدر ,15%, سوف يؤدي الى انهيار بعض البنوك التجارية , ولكن من المؤمل ان تتراجع الأسعار , ويستطيع عامل الشاورما , من دفع ايجار شقته , وكذلك شراء بطاقة سينما .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |