من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية

دلير زنكنة
2023 / 6 / 25

راؤول مارتينيز
عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي لعمال اسبانيا PCTE
ترجمة دلير زنگنة

الرحلة الطويلة للأوروشيوعية

في 13 كانون الثاني (يناير) 2020 ، جاءت أول حكومة ائتلافية منذ قيام الجمهورية الثانية ، تضم وزراء من حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الأسباني PSOE وائتلاف يونيدا بوديموس Unidas Podemos (المكون من بوديموس Podemos و إزكويردا يونيدا Izquierda Unida) , والحزب الشيوعي الإسباني (PCE). منذ ذلك الحين ، يوجد عضوان من الحزب الشيوعي الإسباني PCE في مجلس الوزراء: يولاندا دياز Yolanda Díaz ، وزيرة العمل ، و البيرتو كارزون Alberto Garzón ، وزير شؤون المستهلك.

إن الرحلة الطويلة التي قامت بها قيادة PCE التحريفية ، برئاسة سانتياغو كارييو ، تأتي إلى مرحلة جديدة . تم تحقيق الهدف الذي رسمته الأوروشيوعية . هم بالفعل في الحكومة. إنها لحظة الحقيقة ، اللحظة التي تؤكد فيها الممارسة - أو لا تؤكد - الأطروحات التي أدت بالقيادة الشيوعية الإسبانية إلى التخلي عن كل استراتيجية ثورية ، وتنفيذ الأطروحات التي أصبحت مهيمنة بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي، وتعزيز خط التعاون مع البرجوازية الذي أغرق الحركة الشيوعية في أزمة استمرت حتى أيامنا هذه. 

أدلى المكتب السياسي للحزب الشيوعي لعمال اسبانيا PCTE ببيان بشأن الحكومة الائتلافية الجديدة. في بيانه الصادر في 7 يناير 2020 ، حذر PCTE من أن مثل هذه الحكومة لن تفعل شيئًا سوى إدارة الاستغلال الرأسمالي. لقد حذرنا من الأوهام الكاذبة التي تزرع في أقسام مهمة من الحركة العمالية بناءً على سلسلة من المقترحات الشكلية. لقد طالبنا بعدم الثقة في الحكومة الاشتراكية الديمقراطية الجديدة ، التي كانت في طريقها لإعاقة التعبئة الجماهيرية ضد اندلاع الأزمة الرأسمالية الجديدة التي اصبحت أكثر اشتدادًا .

باختصار ، بالضد من الإدارة الاشتراكية الديمقراطية للرأسمالية ، كرر PCTE التزامه بالحفاظ على استقلال الطبقة العاملة ، داعيًا العمال إلى اتخاذ خطوات حاسمة ، لتقوية الحزب الشيوعي وتجميع القوى حول قاعدة ثورية استراتيجية. .

تم تأطير العمل الحالي في الواقع ضمن هذا النضال. كما سنرى لاحقًا ، فإن العديد من الحجج التي يستخدمها مؤيدو استراتيجية الإدارة الرأسمالية تستند إلى السمات الوطنية المزعومة ، والتي تشترك بعضها مع دول أخرى في جنوب أوروبا وستبرر اتباع مسار خاص بها.

رصيد سنة واحدة من الإدارة الرأسمالية

تم تشكيل الحكومة الائتلافية و مارست عامها الأول في إدارة الرأسمالية في بداية أزمة جديدة من فائض الإنتاج والتراكم المفرط لرأس المال. أزمة لم يتسبب فيها جائحة كوفيد -19. في رأينا ، يتظاهر أولئك الذين يفسرون الأزمة باختزال أسبابها إلى الوباء نتيجة لرغبتهم في تبرئة الرأسمالية. إنهم يغطون بقلق على أصل الأزمة الموجودة في التناقضات التي تمر بها الرأسمالية وليس في العوامل الخارجية أو في شكل أو آخر من أشكال الإدارة. أدت القرارات المتخذة لمواجهة الوباء إلى تسريع وتيرة أزمة اقتصادية جديدة كانت تحدث منذ عام 2014 ، وهو أمر كان الشيوعيون يحذرون منه بشدة. 

وقد استجابت حكومة الائتلاف لانفجار الأزمة باستخدام شعار "لن يتخلف أحد عن الركب". إنهم يحاولون بهذه الطريقة التعامل بشكل مختلف عن الطريقة التي تمت بها إدارة الأزمة الرأسمالية في 2008-2014. المشكلة ، وفقًا لهذا التحليل ، ليست في الرأسمالية نفسها ، بل في الليبرالية الجديدة. وبالتالي ، فإن برنامج الاشتراكية الديمقراطية سيسمح للعمال بعدم دفع عواقب الأزمة.

ومما يثير قلقهم أن المرحلة الأولى من الأزمة السابقة كانت تدار من قبل حكومة اشتراكية ديمقراطية. إنهم يحاولون جعل الإدارة النيوليبرالية هي المسؤولة الوحيدة عن عواقب الأزمة وتجنب إنشاء أوجه تشابه بين الإجراءات التي اتخذتها حكومة زاباتيرو الاشتراكية الديموقراطية (PSOE) وتلك التي يتم البدء فيها حاليًا.

إن الخطاب الاشتراكي الديمقراطي مدعوم بسلسلة من الإجراءات الشكلية الموجهة لإنكار الحقايق على أن العمال سيكونون هم الذين سيدفعون نتائج الأزمة في إطار الرأسمالية. وقد كررت PCTE أن هناك اختلافات بين البيانات العامة للحكومة ، والتدابير المنشورة في الجريدة الرسمية للدولة (BOE) ، وما يحدث في أماكن العمل والأحياء الشعبية. هناك شرخ بين دعاية الاشتراكية الديمقراطية والواقع.

اندلعت الأزمة الرأسمالية السابقة في إسبانيا في عام 2008. منذ ذلك الحين وحتى الانتخابات العامة في نوفمبر 2011 ، كانت الحكومة الإسبانية في يد الحزب الاشتراكي الإسبانيPSOE. في المرحلة الأولى من الأزمة ، ردت تلك الحكومة ببرنامج ذي تدابير كينزية نموذجية: خطة التحفيز للاقتصاد والتوظيف - المعروفة باسم الخطة E - والتي تم تقديمها جنبًا إلى جنب مع سلسلة أخرى من التدابير لدعم صناعة السيارات والسياحة، وما يسمى باستراتيجية الاقتصاد المستدام ، المحددة في قانون الاقتصاد المستدام الذي سيحل محل الخطة E وتحديث النظام الإنتاجي الإسباني بشروط رأسمالية. كان هذا هو حدود السياسات الكينزية لهذه الحكومة.

منذ مايو 2010 ، صعدت نفس الاشتراكية الديمقراطية من مسار التقشف ، وفرضت إصلاحات قاسية على العمال (يونيو - سبتمبر 2010) واعتماد إصلاح المادة 135 من الدستور لتشمل ما يسمى ب "القاعدة الذهبية المالية" في أغسطس 2011 .
وهكذا ، في خضم نزاع اجتماعي كبير ، كانت الاشتراكية الديمقراطية تضع الأساس لوصول حكومة الحزب الشعبي(PP) بعد الانتخابات العامة التي أجريت في 20 نوفمبر 2011. وكان هذا لتولي التناوب في إدارة الرأسمالية الإسبانية مع ماريانو راخوي وسيواصل توجيه الضربات الشديدة ضد الطبقة العاملة والطبقات الشعبية .

الخطاب الذي تستخدمه الحكومة الحالية هو وريث مباشر للخطاب الذي استخدمه زاباتيرو PSOE حتى مايو 2011. نحن نشهد بالفعل مرة أخرى الخطط الداعمة المحددة لصناعة السيارات (ما تسمى خطة MOVES) وقطاع السياحة. مرة أخرى ، تتم مناقشة تحديث الشبكة الإنتاجية الإسبانية بمساعدة ما يسمى "بالرأسمالية الخضراء" ، هذه المرة من خلال قانون تغير المناخ وانتقال الطاقة.

تمامًا كما في الأزمة السابقة ، وضعت الحكومة الاشتراكية الديمقراطية نفسها في خدمة الشركات التي لديها حجم كبير من الموارد العامة. في هذه المناسبة ، تم من خلال منح قروض غير قابلة للاسترداد أو بفائدة منخفضة للغاية للرأسماليين ، وبشكل علني للغاية ، من خلال الإعفاءات والمكافآت على حصص أرباب العمل للضمان الاجتماعي. 

في غضون ذلك ، بدأ القانون الاستثنائي الذي تم إقراره خلال حالة الإنذار الأولى التي أُعلنت في 14 مارس 2020 بعملية "تحديث" لعلاقات العمل التي تخدم مصالح البرجوازية. لقد انتقلت القوى السياسية الحكومية من الوعد بإلغاء إصلاحات العمل التي تم تبنيها خلال الأزمة الاقتصادية السابقة (في عام 2010 من قبل حزب العمال الاشتراكي PSOE وفي عام 2012 من قبل الحزب الشعبي PP) لتطوير واستخدام الآليات التي تنفذها هذه الإصلاحات العمالية على نطاق واسع. إنهم يعدون بقانون عمالي جديد وكل شيء يشير إلى أنه سيستند إلى المفهوم الخادع لـ "الأمن المرن" - الذي تم صياغته داخل الاتحاد الأوروبي - ، وبالتالي تعميق إضفاء الطابع الفردي على علاقات العمل على حساب المفاوضة الجماعية ، عن طريق اوبرة [Uberization- من شركة اوبر لتأجير سيارات التكسي و اسلوب التوظيف لديهم حيت يعتمد على عقد عمل فردي بين كل سائق و الشركة بدون اي ضمانات او امتيازات وظيفية- المترجم] سوق العمل ، وتوسيع نطاق العمل عند الطلب. 

تسير الحكومة الحالية في الواقع على طريق تخفيف بعض تعليمات و قيود العمل على رأس المال الكبير ، وبالتالي زيادة الإفقار الجماعي للعمال. أدى انخفاض قيمة سلعة القوة العاملة ، التي يوجد سعرها للأقسام الكبيرة الآن تحت تكلفة اعادة إنتاجها ، إلى نمو سريع للعمال الذين يطلق عليهم اسم "العمال الفقراء". وقد حاولت الحكومة الاستجابة من خلال اعتماد ما يسمى بالحد الأدنى الحياتي للدخل ، و بالتالي فان الموارد العامة يمول إعادة إنتاج القوى العاملة لكي يستمر ظروف البؤس والجوع الذي يفرضه الاستغلال الرأسمالي .

قضية اليمين المتطرف

تتم عملية التحديث الرأسمالي هذه في ظل الظروف السياسية التي تميزت بصعود اليمين المتطرف. يتم استخدام النمو السريع لفوكس Vox ، الذي ولد من انشقاق عن الحزب الشعبي، من قبل حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الأسباني PSOE و يونيداس بوديموس Unidas Podemos لإيقاع الحركة العمالية في معضلة زائفة: إما أن تدعم حكومة الائتلاف أو أنك تفضل تقدم الفاشية. 

وصف الحزب الشيوعي لعمال اسبانيا PCTE في ذلك الوقت صعود فوكس Vox بأنه رد من قسم من البرجوازية على إدارة الأزمة الرأسمالية 2008-2014 في مشهد تميز بتنافس برجوازي قوي ، على الصعيدين الوطني والدولي. يخدم فوكس ويروج لمصالح جزء من البرجوازية ، لكن لا يمكن وصفها بأنها قوة فاشية لأن استراتيجيتها حتى الآن العمل في اطار شرائع الديمقراطية البرجوازية.

في الواقع ، هذا لا يعني أنه في ظل ظروف الصراع الطبقي المتزايد ، لا يمكن لهذه الإستراتيجية أن تتغير الى برنامج على النمط الفاشي. لكن حقيقة أن خطاب فوكس قائم على الدفاع عن الفرانكوية وعلى مناهضة راديكالية للشيوعية لا يعني أي اختلاف جوهري في مواقف الأحزاب السياسية اليمينية الأخرى في العقود الماضية مثل تحالف الشعب أو اتحاد الوسط الديمقراطي في الأزمنة السابقة، أو مع حزب الشعب نفسه في العقود الماضية.

الجديد في الواقع هو إجابة الاشتراكية الديموقراطية ضد اليمين المتطرف:
* إنهم يعززون الاستقطاب اللفظي بين الاشتراكية الديموقراطية واليمين المتطرف.
* إنهم يقدمون الحكومة الائتلافية الحالية كنسخة جديدة للجبهة الشعبية.
* إنهم يبررون وجود أعضاء الحزب الشيوعي الاسبانى في الحكومة بالدعوة إلى "التقليد الديمقراطي" للحزب الشيوعي الاسبانى ، أي الأوروشيوعية.
مع كل هذا ، يحاولون إبقاء الكتلة اليمينية منقسمة بحيث تسمح لعبة قانون الانتخابات لهم بالحفاظ على الأغلبية البرلمانية وحصر الطبقة العاملة في "وحدة اليسار". من أجل القيام بذلك ، فإنهم يزورون تاريخ النضال الشيوعي في إسبانيا ، يفترضونه فقط منذ اللحظة التي تخلى فيها الحزب الشيوعي الاسبانى عن المسار الثوري ليصبح اساسا قوة اشتراكية ديمقراطية.

مرة أخرى ، "البرجوازية الوطنية"

حكومة الائتلاف - ولا يمكن أن تكون اي شيء اخر- حكومة رأسمالية. لكن طالما أنها تدعو إلى تصويت شرائح الشعب وتتألف من قوى سياسية يسارية برلمانية ، فإنها تغطي طبيعتها البرجوازية باللجوء إلى اختلاف زائف داخل الطبقات الحاكمة.

من صفوف كل من حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الأسباني PSOE و يونيداس بوديموس Unidas Podemos ، كانت هناك نداءات لعقد اتفاقيات مع "رجال الأعمال الوطنيين".

و هكذا يقدم الى الحركة العمالية زعم وجود "برجوازية جيدة" و "برجوازية سيئة". برجوازية من شأنها أن تدعم اليمين واليمين المتطرف ، ضد الاتحاد الأوروبي ومتحالفة مع دونالد ترامب ، وبولسونارو ، وما إلى ذلك ، وريثة حكم فرانكو الاستبدادي ، المتخلف والرجعي ، والذي سيحب الاحتيال الضريبي والمضاربة ... و قسم ريادي آخر ، "وطني" ، من شأنه أن يدعم الحكومة ، ويكون صديقاً للاتفاقيات مع النقابات العمالية في إطار "الحوار الاجتماعي"، سيكون على استعداد لإطلاق خطط لتحديث الاقتصاد الإسباني جنبًا إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي ، وسيدعم دفع ضرائب عادلة وبعض إعادة توزيع الثروة ، و يكون عالميا و ديمقراطيًا.

لقد ناشد رئيس الوزراء بيدرو سانشيز ، و القيادي الاكبر لبوديموس - بابلو إغليسياس - ومنسق إزكويردا يونيدا - ألبرتو جارزون - هذا القسم الرائع من البرجوازية.

وصفات الأوروشيوعية القديمة في الخطاب الاشتراكي الديمقراطي الجديد

إن خطاب الاشتراكية الديموقراطية الحاكمة وأحزابها ليس جديدا على الإطلاق. في الواقع ، فإن العديد من مواقفها موروثة بشكل أساسي من الأوروشيوعية و تتبنى بنشاط المواقف السياسية التي اتبعت تحت قيادة سانتياغو كارييو في السنوات الأخيرة من الحكم الفرانكوي.

يتم التركيز حاليًا على استثنائية إسبانية معينة من شأنها أن تنبع من استمرار التخلف العلماني في تطوير القوى الإنتاجية للبلاد - نتيجة للظروف المحددة التي تم بموجبها الانتقال من الإقطاع إلى الرأسمالية في إسبانيا - و استمرار النظام الفاشي في إسبانيا بعد الانتصار المناهض للفاشية للشعوب في الحرب العالمية الثانية. 

على هذه القاعدة ، تستنتج القوى التحريفية أن الثورة البرجوازية لم تكتمل في إسبانيا. لذلك فإن تحالف الطبقة العاملة مع "البرجوازية الديمقراطية" أو "البرجوازية الوطنية" له ما يبرره لقيادة مثل هذه الثورة البرجوازية غير المكتملة إلى نهايتها و الفوز بديمقراطية برجوازية مكافئة لتلك الموجودة في البلدان من حولنا ، مبررًا بهذه الطريقة مشاركة بعض القوى التي تدعي أنها شيوعية في الحكومة البرجوازية.

تم التعبير عن هذه المواقف في السنة الأولى من الحكم عندما اعلنت الحاجة إلى مواثيق مونكلوا جديدة. سمحت تلك المواثيق ، الموقعة في عام 1977 ، للبرجوازية الإسبانية بالاعتماد على برنامج أخضع الطبقة العاملة للإجراءات المطلوبة من قبل الرأسماليين لمواجهة الأزمة - في المجال الاقتصادي - وأضعف الحزب الشيوعي الإسباني بالتأكيد في الانتقال من الدكتاتورية الفاشية الى الديمقراطية البرجوازية والتخلي التام عن الاستراتيجية الثورية في المجال السياسي. فقدت الطبقة العاملة استقلالها السياسي ، وحُشرت الحركة العمالية الثورية ، و تعرض التوجه الطبقي في الحركة النقابية لضربة قوية.

في الأزمة الاقتصادية الحالية ، التي تسارعت بفعل الوباء ، لم يتردد رئيس الوزراء في طلب مواثيق مونكلوا جديدة ، ستشارك فيها القوى السياسية في تصميم وتنفيذ سلسلة كاملة من الإجراءات التي من شأنها أن تسمح بمواجهة الأزمة من خلال تنفيذ عملية تحديث للرأسمالية الإسبانية.

وقد أسفرت هذه المبادرة عن إنشاء لجنة لإعادة البناء الاجتماعي والاقتصادي في مجلس النواب ، برئاسة النائب باتشي لوبيز (PSOE) وكان نائبه الأول يمثل المجموعة الكونفدرالية ليونيداس بوديموس ، الأمين العام للحزب الشيوعي الاسبانى PCE.

تم تنظيم لجنة إعادة الإعمار في لجان فرعية مواضيعية مختلفة ، حيث ظهر خبراء في مجالات مختلفة وممثلون عن النقابات وأرباب العمل ومنظمات أخرى بهدف الوصول إلى توافق في الآراء بشأن التدابير المطلوبة لمواجهة الأزمة الرأسمالية الجديدة. وهذا يعني أنها حاولت التوصل إلى اتفاق جديد بين الطبقات يضمن بقاء الرأسمالية الإسبانية ، في ظل دفعة تحديث جديدة ، والحفاظ على مستويات معينة من السلام الاجتماعي.

تبرر القوى المشاركة التي تدعي الشيوعية ، سواء في الحكومة أو في اللجنة المذكورة أعلاه ، بحجج رئيسية استخدمتها الأوروشيوعية في النصف الثاني من القرن الماضي. لذلك ، ضد هجمات اليمين واليمين المتطرف ، تم تاكيد خصوصية الدور الذي لعبه الشيوعيون في إسبانيا: "الدفاع عن الديمقراطية" ، وسياسة "المصالحة الوطنية" ، و "الشغف بالوحدة" ، إلخ.

في الواقع ، أبرزوا جميع السياسات الأوروشيوعية التي أدت إلى التخلي عن كل استراتيجية ثورية موجهة نحو الإطاحة ، و من اجل الانفصال عن الحركة الشيوعية العالمية ، والخيانة للدول الاشتراكية. استدعوا النضال البطولي للشيوعيين الإسبان ضد الفاشية عاطفيًا للتضحية بهذا المثال على مذبح الديمقراطية الرأسمالية. دافعوا عن تحوّل الحزب الشيوعي الاسبانى التاريخي إلى حزب اشتراكي ديمقراطي من أجل تبرير المشاركة في الحركة البرجوازية.

هل يجب أن يشارك الشيوعيون في الحكومات البرجوازية؟

يبذل الحزب الشيوعي لعمال اسبانيا PCTE جهدًا شاقًا لتحليل تاريخ الحركة الشيوعية في إسبانيا. يؤدي تحليلنا إلى استنتاج يتعارض جذريًا مع المواقف التي تبرر مشاركة القوى الشيوعية في الحكومات البرجوازية. في رأينا ، لم تكن هناك سمات وطنية طوال القرن العشرين ولا في الوقت الحاضر تبرر المشاركة الشيوعية في الحكومات الرأسمالية.

نحن نعتبر أن الأممية الشيوعية شددت أكثر من اللازم على عناصر التخلف الموجودة في القاعدة الاقتصادية لبعض البلدان مثل إسبانيا. على هذه القاعدة ، تم استخدام مخطط معين عند وصف طبيعة الثورة في كل بلد ، على الرغم من أنه ذكر أن الطبقة العاملة يجب أن تلعب دورًا رئيسيًا في الحالات التي تم فيها تصنيف الثورة على أنها ديمقراطية بورجوازية. بناءً على هذا النهج ، أدى استمرار سياسات الجبهات الشعبية في ظل الظروف التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية إلى إضعاف الاستراتيجية الثورية في عدد كبير من البلدان ، من بينها إسبانيا.

تم تعزيز خط التعاون الطبقي وهذا ، إلى جانب الاستنتاجات السلبية للمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي ، ساهم بشكل حاسم في تحول العديد من الأحزاب الشيوعية ، بما في ذلك PCE.

مع وجهة نظرنا في ان المبالغة في تقدير البقايا الإقطاعية في الثلاثينيات من القرن الماضي كانت خاطئة ، فإن القول في الوقت الحاضر أن مثل هذه البقايا موجودة في التكوين الرأسمالي الإسباني ومن ثم استنتاج ضرورة مشاركة الشيوعيين في الحكومة الرأسمالية يعني التخلي تمامًا عن الماركسية. إسبانيا بلد إمبريالي حيث الثورة الوحيدة المتبقية هي الاشتراكية الشيوعية. لا توجد ميزة تاريخية تبرر تنظير طريق خاص نحو الاشتراكية. يتم نشر هذه الحجج في الواقع لتبرير التخلي عن الاستراتيجية الثورية وتحول القوى الشيوعية إلى أحزاب ديمقراطية اجتماعية بأي ثمن.

إن إنكار انتهاء زمن الثورات البرجوازية يؤدي إلى تبييض الديكتاتورية الرأسمالية بحجة الدفاع عن الديمقراطية البرجوازية أو تعميقها. في الوقت نفسه ، فإن تبرير المشاركة في الحكومة الرأسمالية تحت تهديد تقدم اليمين المتطرف - تمامًا مثل ما يحدث في إسبانيا - يعني اختزال برنامج الطبقة العاملة للدفاع عن أحد أشكال الهيمنة البرجوازية: الديموقراطية البرجوازية ، و الخضوع لها في المجالات الإيديولوجية والسياسية والتنظيمية. هذا يلغي خطوط الاستمرارية القائمة بين الأشكال المختلفة وبالتالي الاتجاه العام للرجعية في العصر الإمبريالي.

ولا يبرر منطق أهون الشرين أيضا مشاركة القوى الشيوعية في الحكومات البرجوازية. لدى الحركة الشيوعية العالمية خبرة كبيرة فيما يتعلق بمعنى المشاركة في الحكومات الرأسمالية. لا توجد حالة واحدة أدت فيها مشاركة الشيوعيين في مثل هذه الحكومات إلى تعزيز مواقف الطبقة العاملة. على العكس من ذلك ، أدت هذه التجارب إلى إضعاف المواقف ذات التوجه الطبقي ، وبث توقعات خاطئة حول التطورات التدريجية والمسار البرلماني نحو الاشتراكية ، وتفضيل تحول القوى الشيوعية إلى قوى اشتراكية ديمقراطية.

يجب خوض صراع لا هوادة فيه ضد تلك المواقف. يجب القيام بذلك باسلوب المجادلة ، لمساعدة أقسام الطبقة العاملة الواقعة في شرك منطق أهون الشرين للتقدم نحو المواقف الثورية، و كشفْ الإجراءات التي تقول الحكومة إنها تتخذها دعماً للشرائح الشعبية، و الشرح بصبر كيف يتم تبني هذه التدابير ضمن منطق تحديث الاستغلال، و المساهمة في جعل استجابة العمال للأزمة ضخمة بقدر الإمكان، كذلك المساعدة في تقوية الطبقات الشعبية في الأحياء والحركة الطلابية بالمدارس الثانوية والجامعات. كل هذه المهام تؤدي إلى تقوية الحزب الشيوعي ، وتجميع القوى الطبقية التي بدأت في الفهم ، بناءً على خبرتها الخاصة ،بان الطريقة الوحيدة للخلاص و مهمة عصرنا الحالي هي نضال حازم من اجل الاشتراكية- الشيوعية.

تنتهي الحكومات الاشتراكية الديمقراطية ، لكن الاستغلال الرأسمالي يزداد قوة خلال فترة إدارتها. لذلك ، فإن الخيار الوحيد هو المعارضة المباشرة وكشف القناع عن السياسات الاشتراكية الديمقراطية وأنصارها الاوروشيوعيين. هذا هو الاستنتاج المستخلص من تجربة إسبانيا.

المصدر
‏International Communist Review
‏Issue 11- 2021

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي