|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
آدم الحسن
2023 / 6 / 18
منذ فترة و توقعات الكثير من المحللين السياسيين المستندين على جملة من التقارير الصادرة من مراكز بحوث مهتمة بالشأن الصيني تتحدث عن نوايا الصين باجتياح جزيرة تايوان بعملية عسكرية واسعة النطاق , هذه التوقعات اخذت تزداد بشكل متسارع مع ايقاع الأحداث الجارية في الجزء الشرقي من العالم .
مناورات صينية حول تايوان , مناورات تايوانية مضادة , تهديدات أمريكية للصين , رد صيني حاد على التهديدات الأمريكية . حشود للأساطيل البحرية الأمريكية في منطقتي المحيط الهادي و الهندي , دخول روسيا على خط التصعيد بأجراء مناورات بحرية مشتركة مع الصين في بحر اليابان و بحر الصين الجنوبي , زيارة لمسؤولين أمريكان كبار لجزيرة تايوان وفق مراسيم بروتوكولية تبدو و كأن تايوان دولة مستقلة ذات سيادة و ذلك لاستفزاز القيادة الصينية .
لا شك أن وراء ما يحدث في تايوان و حولها اهداف لدوائر سياسة أمريكية لأضعاف مبدأ " الصين الواحدة " المتفق عليه بين الصين و الولايات المتحدة الأمريكية منذ سبعينيات القرن الماضي .
الوضع في مضيق تايوان يبدو و كأنه على وشك الانفجار بحصول مواجهة عسكرية في هذه المنطقة الحساسة من العالم ليس بين الصين و تايوان فقط بل قد تشترك امريكا بشكل مباشر في هذه المواجهة , كل هذا يطرح سؤال مهم :
هل هنالك احتمال بقيام الصين باجتياح تايوان عسكريا أو القيام بعمل عسكري محدود ضدها ...؟
الجواب : من يعرف كيف تفكر القيادة الصينية و كيف تخطط لمستقبل الصين بعد مسيرة الإصلاحات التي انطلقت بعد وفاة الزعيم الصيني ماو تسي تونغ و تولي الإصلاحيون الصينيون قيادة الحزب الشيوعي الصيني و الدولة الصينية يدرك جيدا أن قيام الصين بعمل عسكري ضد تايوان هو امر مستبعد تماما , لا في هذه المرحلة و لا في المستقبل لكونه يتعارض مع نهج القيادة الصينية .
هذا الجواب يطرح سؤال اكثر اهمية :
هل يمكن أن تتخلى الصين عن ضم تايوان لسيادتها ...؟
الجواب : الصين لن تتخلى عن ضم تايوان , لكن متى و كيف سيكون الضم هو السؤال الأهم , هنالك شقين لهذا السؤال متى , و كيف .
الشق الأولى من السؤال : متى تتمكن الصين من ضم تايوان لسيادتها وفق مبدأ " نظامان في دولة واحدة " ...؟
الجواب : حين لا يكون لهذا الضم أي أثر سلبي استراتيجي كبير على الغرب عموما و على أمريكا خصوصا , و هذا سيتحقق حين تتوفر الإمكانية الذاتية للدول الغربية في تطوير تكنولوجيا أشباه الموصلات و تصنيع الرقائق الإلكترونية بكميات كافية لتكون بديلا عن استيراد هذه الرقائق من تايوان ...!
في الفترة الأخيرة اعتمدت أمريكا و معظم الدول الغربية خطة لتنمية صناعة تكنولوجيا أشباه الموصلات لديها حيث رصدت لهذه الخطة مئات مليارات الدولارات كاستثمارات و كدعم لهذه الصناعة الاستراتيجية الهامة , كذلك بدأت الصين أيضا في تنفيذ خطة كبيرة لتطوير و توسيع صناعة الرقائق الإلكترونية لديها , و هذ سيؤدي خلال السنين القليلة القادمة الى انهيار كبير في أسعار الرقائق الإلكترونية في السوق العالمية بسبب توفرها في الأسواق بكميات أكبر بكثير من الطلب عليها خصوصا و إن تكنولوجيا أشباه الموصلات التي تعتمد على عنصر السيلكون قد اقتربت من حلقتها الأخيرة في سلسلة التطور العلمي و التكنولوجي لهذا القطاع وظهور تكنولوجيا حديثة لأشباه الموصلات تعتمد على عنصر الكاربون حيث تقوم الصين و امريكا و دول اخرى متقدمة بتطويرها مما سيفقد تايوان اهم مصدر لناتجها المحلي و سيؤدي أيضا الى ظهور عجز كبير في ميزانها التجاري مع الدول الأخرى , عندها سيكون من مصلحة تايوان دمج اقتصادها بالاقتصاد الصيني , و هذا الاندماج سيسهل عودة تايوان الطوعية و السلمية الى السيادة الصينية .
الشق الثاني من السؤال : كيف ستضم الصين تايوان ...؟
الجواب : رغم كل الخلافات الحالية الظاهرية بين الصين و تايوان نجد أن الصين اصبحت الشريك التجاري الأول لتايوان , حيث تم التوقيع سنة 2010 على اتفاقية " اطار التعاون " بين البر الصيني و جزيرة تايوان الهدف منها تحقيق " سلام و رخاء " لهما .
لقد اخذت العلاقات التجارية بينهما تتطور بسرعة و خاصة بعد تولي الرئيس الصيني الحالي تشي الرئاسة قبل اكثر من 10 سنوات .
و بموجب اتفاقية " اطار التعاون " تم تخفيض الرسوم الجمركية على حوالي 540 سلعة تايوانية تصدر الى الصين و 270 سلعة صينية تصدر الى تايوان مما ساهم في ارتفاع حجم التبادل التجاري بينهما حتى بعد صعود الحزب الديمقراطي التقدمي للحكم سنة 2016 , هذا الحزب الذي يصنف على انه اقوى الأحزاب الانفصالية التايوانية و هو مدعوم بقوة من قبل امريكا , حيث وصل حجم التبادل التجاري حسب ارقام وزارة الاقتصاد التايوانية بين الصين و تايوان الى مستويات قياسية , ففي سنة 2022 كان حجم التبادل التجاري بين تايوان و البر الصيني حوالي 208 مليار دولار و بين تايوان و هونكونك حوالي 65 مليار دولار ليكون مجموع التبادل التجاري بين تايوان و الصين حوالي 273 مليار دولار و هذا يعادل حوالي 55% من اجمالي التجارة الخارجية لتايوان , أي انها اكثر من حجم التبادل التجاري لتايوان مع باقي دول العالم مجتمعين و بذلك اصبحت الصين الشريك التجاري الأول لتايوان دون منافس .
هنالك أدلة عديدة أخرى تؤكد أن اسلوب الصين لضم تايوان لسيادتها سيكون سلمي و طوعي و هو بالنسبة للقيادة الصينية أمر مُلزمْ و ضروي و حتمي .
(( يتبع ))
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |