الحفلة التعاونية: بين المطرقة والسندان

مظهر محمد صالح
2023 / 6 / 15

كان مؤتمراً للتعاون في العراق جرى تنظيمه في خريف العام 1976 في قاعة الخلد ببغداد، وكان المسؤول عن تنظيم الموتمر التعاوني رجل سياسي هو الدكتور عزت مصطفى ، وفي اجواء صاخبة دخل نائب الرئيس فجأة قاعة الخلد ليفتتح مؤتمرا للتعاون في العراق مرتدياً عباءة عربية وضعها فوق منقبيه لتحيط بدلته الفارهة وبيده سيجار ليبث دخوله صمتاً وسكون ، سوى وقع اقدام جمع بلباس مدني يحيط بجبروت فروعني تماما وهو كالطاوس يتمختر ليبث الرعب والخشية في عيون الحاضرين يتقدمهم واحدا حاملاً دلة من القهوة العربية ، وعلى الرغم من ذلك لم يفزعني شيء لحظتها سوى ان احد مرافقيه المدنيين الذي كان يركض امامه هو نفسه من حقق معي يوم اعتقالي في قصر النهاية في اب 1971 ، ومازاد خوفي وخشيتي لحظتها خوفا وخشية مضافة لا تصدق (وهي حالة خوف وفزع لم الحظها ثانية في تلك اللحظات الا لحظة دخولي معتقل قصر النهاية قبل خمسة اعوام من تاريخ دعوتي الى تلك الحفلة التعاونية ).
بدات الحفلة التعاونية بكلمة للدكتور عزت مصطفى عضو القيادة مسؤول القطاع التعاوني والحركة التعاونية بمضامينها ومسمياتها في العراق بعد ان حيا بخطابه نائب الرئيس واضفى عليه هالة مميزة في الفكر والعطاء …في حين ظل نائب الرئيس يستمع لكلمات عزت مصطفى بدخان اصفر وهو ينفث به من سيجارته الطويلة و يحملق بعينين محتقنتين ،ولم ينفع المديح في ذلك الخطاب بعد ان تسلم المايكرفون بنفسه وهو جالس وبدا بالانتقاص من عزت واداءه وتخلفه في مهمته في الاشراف على قطاع التعاون وكاد ان يلقي بحتفه لو كانت اللحظة تسمح بذلك …وهنا تحولت الحفلة التعاونية الى مأتم مخيف وطارت السعادة من عيون جميع المدعويين من التعاونين .
اما انا فقد دخلت من فوري في عالم انعدام الوجود او عالم الوجودية الفارغة . فبين (مطرقة) نائب الرئيس التي اخذت تضرب هيبة عزت مصطفى وزادت الحضور رعبا ًوبين (سندان ) رجل الحماية ذو الوجه الاصفر الشاحب الذي يتقلب بين الحضور . وبهذه البانوراما المفزعة تم رسم مستقبل الحركة التعاونية في بلادنا على منهج ومسار ديدنه الفناء تعاونيا .
لم يمض سوى عام واحد على حفلة التعاون تلك حتى حصلت حادثة خان النصف في العام 1977 ليمضى عزت الى طبيب منفي في قرى الشرقاط بعد ان رفض ان يقيم اي حفل تعاوني مع شباب خان النص في محاكمة حزبية تقاضي اولئك المساكين الذين اريد لهم الموت بمحكمة شكلت لتكون على غرار محاكم الكنغر Kangaroo court وهي محكم صورية يراد لها تجاهل مبادئ القانون والعدالة التي رفض عزت مصطفى حفلها تعاونياً ومات بعدها قهرا وكمدا .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي