قراءة في ومضة سيدي البعيد

سرحان الركابي
2023 / 6 / 12

قراءة في ومضة سيدي البعيد جدا . للشاعرة المصرية نجلاء علي فتحي
.
.

. النص
. سيدي البعيد جداً من موقعي
القريب جدا من أعماقي
لا أعلم ..
هل تضخم بي الحزن ؟
فأصبحت أكبر من الوجود
أم ضاق بي الوجود
فأصبح أصغر من حزني؟
.
.
. من الواضح ان الاستهلال بعبارة حيادية مثل كلمة ( سيدي ) المتضمنة قدرا كبيرا من الاحترام والتبجيل يدل دلالة واضحة على ان المخاطب بهذه العبارة هو شخص مجهول بالنسبة لنا ( بالنسبة للمتكلم ) ولا نعرف عنه , سوى انه بعيد عنا , وحينما نود ان نخاطبه فلابد وان نختار عبارة محببة الى نفسه كي نبني جسرا للتواصل معه , ونثير انتباهه لينتبه لنا , ويستمع لما نود ان نقوله له . ولهذا جاء اختيار كلمة سيدي ليبني جسرا للتواصل ويوفر تلك الظروف الملائمة للبدء بمخاطبته ومناجاته ( سيدي البعيد جدا من موقعي
. وما يؤكد ان الشخص المخطاب ( المتخيل ) مجهولا فعلا هو كونه بعيد جدا , وليس قريبا من موقع المتكلم , اذ ان عبارة ( البعيد جدا ) اللاحقة لكلمة ( سيدي ) تعاضد العبارة الاولى وتتضايف معها لبناء صورة متخيلة عن ذلك الشخص الذي تخاطبه الشاعرة , انه شخص غير معروف لكن صورته مرسومة في الخيال , وما دام وجوده يقتصر على تلك الصورة الذهنية فهو لا يقع ضمن المساحة المرأية التي يمكن رصدها وتعيين ملامحها , بشكل حسي ملموس , لكن وجوده على تلك الصورة الذهنية المتخيلة له ما يبرره او بالاحرى ان سبب انبثاق تلك الصورة لذلك الشخص هو قربه من الاعماق , ( القريب جدا من اعماقي ) ملامسته للمشاعر والاحاسيس التي ترنو اليه وتتوق الى رؤياه , رغم انه بعيد من موقع الذات المبدعة ( الشاعرة ) والا فما الداعي الى رسم صورة ذهنية لشخص بعيدا جدا من موقع المتخيل ان لم يكن له وجود حدسي , وثمة مشاعر واحاسيس تفتقر الى وجوده ولذلك اضطرت المخيلة تحت ضغط تلك المشاعر والاحاسيس ان ترسم له صورة ذهنية , ثم جاءت العبارات اللاحقة ليكتمل المشهد وهي عبارة عن سؤالين يعاكس كل منهما الاخر ( لا اعلم هل تضخم بي الحزن ؟ ) ( فاصبحت اكبر من الوجود ) هل تورم الحزن واتساعه في داخل الروح يسيح بها خارج امتدادها , حتى يصبح الوجود بها ضيقا ومحدودا ؟ ام ( ضاق بي الوجود ) ( فاصبح اصغر من حزني ؟ ) هل ان الوجود اصبح ضيقا ومحدودا بحيث انه لم يعد يتسع لاحزاننا ؟
. في الحقيقة ان السؤالين يحملان مضمونا واحدا رغم انهما يتعاكسان ظاهريا في النتيجة , ففي كلا الحالتين النتيجة واحدة , لان الذي يتضخم او يضيق هو الحزن ذاته , اما الوجود فهو باق لا يتغير .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي