رياء واشنطن وأتباعها في زعم حماية الحقوق والحريات

عبدالله عطية شناوة
2023 / 5 / 22

على مدى عقود، رسم الغرب لنفسه صورة المدافع العتيد عن الحقوق والحريات، وخاصة حرية الأفراد في الوصول الى العلومات، وإزالة الموانع امام نقلها وتداولها، ولم يكن ذلك بهدف حماية حق الأفراد في شتى أنحاء العالم، في معرفة كل ما يمس حياتهم وتطورهم ومستقبلهم، أنما تسهيلا لعمليه تدعيم قاعدة بلدان الغرب ((المعلوماتية)) التجسسية. وجرى على مدى عقود التشنيع بأنظمة تفرض مستويات متباينة من الرقابة على المعلومات، بعضها يخنق هذه المعلومات بالكامل، والبعض الآخر يكتفي يتقييد محدود على ما يتعلق منها بالأمن القومي للبلد المعني.

ونصبت الخارجية الأمريكية من نفسها قاضيا دوليا لمحاسبة تلك البلدان، وتشويه صورتها في أذهان الرأي العام العالمي، بواسطة تقارير سنوية تدبجها الوزارة، عن أوضاع الحريات في العالم، تتكفل وسائل الأعلام الأمريكية المتغولة، بنشرها في كل بقاع العالم.

في ذات الوقت تمارس بلدان الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، ومثلها أسرائيل، تمارس رقابة مشددة ليس فقط على المعلومات المتعلقة ببلدانها وأمنها القومي، بل على المعلومات التي تتعلق بأحدات وجرائم ترتكب في بقاع أخرى من العالم، تحين تكون الجهات المتوورطة فيها على تحالف مع واشنطن والغرب.

في تسعينات القرن الماضي أرتكبت إسرائيل مجزرتين بشريتين في قرية قانا في الجنوب اللبناني، حصدت فيهما أرواح عشرات من المدنيين الأبرياء أغلبهم من النساء والأطفال، كانوا يحتمون بوحدة من قوات السلام التابعة للأمم المتحدة. وبعد أن فشل الغرب في منع إجراء تحقيق في الجريمتين، عمل على الحليولة دون نشر التقرير الأممي الذي يلخص نتائج التحقيق، وعندما أصر أمين عام الأمم المتحدة حينها، الدبلوماسي المصري بطرس غالي، على نشره، عاقبت واشنطن غالي بأن حالت دون ترشيحه لولاية ثانية للأمانة العامة للمنطمة الدولية، كما أنها، وعبر ((حق )) الفيتو، منعت مجلس الأمن من إدانة إسرائيل.

وحين أمتلك الصحفي الأسترالي جوليان آسانج ما يكفي من الشجاعة لنشر ما توفر لديه من وثائق أمريكية، تكشف عن جرائم الأدارات الأمريكية ومؤامراتها في كل أنحاء العالم، بما فيها جرائم قواتها في العراق، على موقع ويكيليكس، لم تكتف الولايات المتحدة بتلفيق المؤامرات لتلطيخ صورته، بل لاحقته بأوامر الأعتقال، وأضطرته لطلب الحماية في سفارة أحدى دول أمريكا اللاتينية في لندن، وبأمر من اشنطن فرضت السلطات البريطانية رقابة مشددة على مبنى السفارة ومحيطها، لمنع آسانح من الأفلات من الأعتقال، وبعد سنوات عديدة من الأرتهان في السفارة قامت الشرطة البريطانية بأعتقاله، وتتواصل بين لندن وواشنطن ((الأجراءات القانونية)) المتعلقة بتسليمه الى واشنطن، حيث تنتطره أتهامات تترتب عليها احكام بالسجن لمئات السنين.

وقبل أسانج كان التقني الأسرائيلي مردخاي فانونو مثلا آخر على ((صدق)) تعامل الغرب مع حرية تداول المعلومات، حيث تعاونت اجهزة الأمن البريطانية مع الموساد الأسرائيلي في أختطافه من بريطانيا وشحنه في صندوق مغلق الى أسرائيل، حيث حوكم وصدر ضده حكم بالسجن مدى الحياة، لنشره في صحيفة صنداي تايمز البريطانية معلومات مدعمة بالوثائق عن أمتلاك أسرائيل أسلحة ومنشآت نووية تهدد الحياة في إسرائيل وبلدان الشرق الأوسط المحيطة بها.

المثال الأخير وليس الآخر، هو روبرت كندي جونيور، المرشح الحالي الذي ينافس الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، على تمثيل الحزب الديمقراطي في الأنتخابات الرئاسية المنتظرة أواخر العام المقبل، الذي أغلق حسابه على موقع التواصل الأجتماعي تويتر، لنشره معلومات وصفت بالمضللة.

وروبرت كندي جونيور هو أبن شقيق الرئيس الأسبق جون كندي الذي أغتيل عام 1963، وهو معارض للدور الأمريكي في حرب أوكرانيا، والمعلومات التي أعتبرها تويتر مضلله تتعلق بتحميله إدارة بايدن مسؤولية أستمرار الحرب، وأعلانه أن نتيجة ذلك كانت مقتل 300 الف عسكري أوكراني، و40 ألف مدني. حيث يتعامل الغرب مع خسائر أوكرانيا في الحرب المدعومة من الناتو، كأسرار أمن قومي، حتى أن رئيسة المفوضية الأوربية أورسولا فون ديرلاند، أضطرت في وقت سابق إلى حذف معلومة وردت في أحد تصريحاتها وذكرت فيها ان الخسائر الأوكرانية بلغت 100 الف قتيل.

يذكر أن والد روبرت جونيور، السيناتور روبرت كندي، أغتيل هو الآخر عام 1968، وأدين في جريمة اغتياله مواطن أمريكي من أصل عربي يدعى بشارة سرحان. ولم يحل حتى الأن لغز اغتيال الشقيقين كيندي. والجهات التي وقفت خلف الجريمتين. لكن روبرت كندي جونيور يتهم المخابرات الأمريكية بالتورط في اغتيال عمه.

هذه مجرد أمثلة على مدى الرياء الأمريكي ـ الغربي في مجال الحقوق والحريات، وأمثالها عصية على الأحصاء.

حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت