التقييم الذاتي Self Assessment (9 - 9)

راندا شوقى الحمامصى
2023 / 5 / 21

• أساليب أربعة لاكتساب المعرفة (تطبيقها على الواقع الروحي)
"موازين الإدراك
إنّ موازين الإدراك أربعة لا غير كما هو مسلّم به. يعني أنّ إدراك حقائق الأشياء إنّما يكون بهذه الموازين الأربعة:
فالأوّل ميزان الحسّ، وكلّ ما يدرك بالعين والأذن والشّم والذّوق واللّمس يسمّى محسوساً، وإنّ فلاسفة أوروبا اليوم يعتبرون هذا أتمّ ميزان ويقولون إنّ الحسّ أعظم الموازين ويعتبرونه مقدّساً، والحال أنّ ميزان الحسّ ناقص لأنّه يخطئ، مثلاً إنّ البصر وهو أعظم قوى الحسّ قد يرى السّراب ماء، ويرى الصّور المرئيّة في المرآة حقيقة موجودة، والأجسام الكبيرة صغيرة، والنّقطة الجوّالة دائرة، ويرى الأرض ساكنة والشّمس متحركة إلى غير ذلك من الخطأ في كثير من الأمور، فلهذا لا يجوز الاعتماد عليه.
والثّاني ميزان العقل وكان ميزان الإدراك لدى الفلاسفة الأول أساطين الحكمة، فكانوا يستدلّون بالعقل ويتشبّثون بالدّلائل العقليّة، لأنّ استدلالاتهم جميعها عقليّة، ومع وجود هذا فقد اختلفوا كثيراً وكانت آراؤهم مختلفة، حتّى كانوا يغيّرون فكرهم يعني أنّهم كانوا يستدلّون على وجود مسألة ما بالدّلائل العقليّة مدّة عشرين سنة، وبعدئذ ينفونها بالدّلائل العقليّة، حتى أنّ أفلاطون أثبت في البداية بالأدلّة العقليّة سكون الأرض وحركة الشّمس، ثم أثبت بعد ذلك بالدّلائل العقليّة أنّ الشّمس مركز والأرض متحرّكة، وبعده اشتهرت نظريّة بطلميوس ونسيت نظريّة أفلاطون بالكلّيّة وقد أحيا الرّاصد الجديد أخيراً هذا الرّأي مرّة أخرى، وحيث أنّ حضرات الرّياضيّين اختلفوا حال أنّهم جميعاً كانوا يستدلّون بالدّلائل العقليّة، وحيث أنّهم كانوا يثبتون مسألة بالدّلائل العقليّة في فترة من الزّمن ثم ينفونها أيضاً بالدّلائل العقليّة، مثال ذلك أنّ فيلسوفاً كان ثابتاً على رأي مدّة ويقيم الأدلّة والبراهين عليه وبعد مضي فترة ينصرف عن ذلك الرّأي وينفيه بالدّليل العقليّ، إذاً تبيّن أنّ ميزان العقل ليس ميزاناً تامّاً، لأنّ اختلاف الفلاسفة الأول وعدم ثباتهم وتبديل أفكارهم دليل على أنّ ميزان العقل غير تامّ، إذ لو كان ميزان العقل تامّاً لوجب أن يكونوا جميعاً متّفقين في الرّأي متّحدين في الفكر.
والميزان الثّالث ميزان النّقل وهو النّصوص التي ينقلها النّاس من الكتب المقدّسة فيقولون جاء في التّوراة كذا، وقال في الإنجيل كذا، وهذا الميزان أيضاً ليس بتامّ، لأنّ المنقول يدرك بالعقل، وبما أنّ العقل نفسه قد يخطئ فكيف يصحّ أن يقال أنّ إدراكه لمعاني الأقوال المنقولة واستنباطها عين الصّواب وأنّه لا يخطئ في ذلك، إذ من الممكن حصول الخطأ ولذلك لا يكون هناك يقين، وهذا هو ميزان رؤساء الأديان، فما يعرفونه من نصوص الكتاب هو إدراكاتهم العقليّة التي عرفوها من تلك النّصوص لا حقيقة الواقع، لأنّ العقل كالميزان والمعاني المدركة من النّصوص كالشّيء الموزون، فإذا اختلّ الميزان فكيف يعلم قدر الموزون." (عبد البهاء، من مفاوضات عبد البهاء، رقم: 81)
الأسلوب الوحيد المتبقي هو الروح القدس التى هى مثل الطبيب و هى المظاهر الإلهية الذين يرون ما تعانى منه الإنسانية، لأن الروح القدس تأتى بتلك الكتابات التى تحمل الحقيقة، وأنها معصومة عن الخطأ. على سبيل المثال ما هو موقف الدين البهائي من مشاكل هذا اليوم؟ ما تحتاجه البشرية هو هدف يمكن تحقيقه و يمكن للجميع العمل نحو هذا الهدف. لغة عالمية مساعدة يمكن تحقيقها اليوم، حكومة عالمية يمكن تحقيقها اليوم، والتعليم الإلزامى للجميع على هذا الكوكب يمكن تحقيقه اليوم، وهلم جرا. هذه هي المنهجية الوحيدة التي يعّول عليها والتي لا تخطىء.
إذا نظرنا الى أولئك الناس في المناطق الريفية أو في البلدان النامية عموماً، و هم يقومون على تطبيق تقاليدهم (الشرائع القديمة) فإنهم في الواقع يضرون أنفسهم على الرغم من أن دينهم هو دين صحيح. لأن القسم الذى يتعلق بالتفاعل و المعاملات بين البشر ينتمي إلى عالم الجبروت أساسا و هو موجود لكنه له نهاية، وله إنقضاء، نفس الإرشادات التي أبقت البشرية بعيدا عن المشاكل، على سبيل المثال في الإسلام قبل 1500 سنة، ينقضى أجلها بظهور مظهر إلهى جديد و الذى لهذا اليوم هو حضرة بهاء الله. لذلك نحن حقا بحاجة لدفع خطوات الحضارة الإنسانية إلى الأمام باتباع الروح القدس. لماذا؟ لأن:
• الروح القدس هى فقط المصدر المعصوم
"إذاً فاعلم أنّ معتقد النّاس وما بين أيديهم يحتمل الخطأ لأنّه إذا جيء بالدّليل الحسّيّ لإثبات شيء أو نفيه فهو ميزان غير تامّ كما سبق بيانه، ولو جيء بالدّليل العقليّ فهو أيضاً غير تامّ، ولو جيء بالدّليل النّقليّ فهو أيضاً غير تامّ، فاتّضح من هذا أنّه ليس في يد الخلق ميزان يعتمد عليه، بل إنّ الميزان الصّحيح الّذي لا شكّ فيه ولا شبهة مطلقاً هو فيض روح القدس والتّأييدات الإلهيّة للإنسان بروح القدس، وفي ذلك المقام يحصل اليقين." (المصدر السابق)
الناس التي لا تقرأ و لا تمارس تطبيق المعرفة الإلهية "الروح القدس" هم عرضة للخطأ! لأنهم يعتمدون فقط على إدراكاتهم الخاصة بهم وما يبدو جيدا لهم. إننى سأتوقف هنا، وسوف تكون المحاضرة القادمة حول كيفية أن التعاليم البهائية تعلمك كيف تكون منفتحاً فكرياً. أما تلك الفكرة التى تقول بأن الطبيعة البشرية أو الشخصية بتلك الخصائص (السلبية) لا يمكن أن يتم عكسها، هى حقا فكرة خاطئة!
شكرا جزيلاً

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي