![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
إلياس شتواني
2023 / 5 / 4
شهد عام 1912 نهاية استقلال المغرب، وعلى الرغم من أن الأمر الطبيعي هو الشعور بالندم والأسى، إلا أن نهاية استقلاله بشكل عام كانت مسألة تهنئة للسلطان المغربي.
كتاب المغرب الذي كان من تأليف الصحفي الإنجليزي والتر هارس يحكي باستفاضة الظروف التي عايشها المغرب قبل فترة الإستعمار و ما واكب ذلك من تطورات، حسب تجارب الكاتب الشخصية في البلاط الملكي.
لقد أهدر مولاي عبد العزيز، السلطان الشاب والمُسرف، عائدات البلاد وأفرغ سنداتها بمشتريات عديمة الجدوى. كان عهده حقبة بذخ حقيقي، حيث التقى الرحالة في فاس من جميع الموانئ البحرية، حاملين أقفاصًا من الحيوانات البرية، والتشكيلة الأكثر روعة من كل التحف و كل ما يمكن تخيله من الفخامة والذوق الرفيع. هذا الإنفاق، والتقليد الأعمى لنمط العيش الأوروبي، والضعف الذي أدار به حكومته، أدى إلى اضطرابات داخلية و في الأخير الى حدوث تمرد. نصب أخوه غير الشقيق، مولاي عبد الحفيظ، نفسه سلطاناً في العاصمة الجنوبية مراكش.
كانت الحرب بين السلطانين مملة ورتيبة. بدا أن الهدف الرئيسي لكليهما هو كيفية تجنب المواجهة، وقد اكتفا بإصدار مراسيم حرمان متبادل، و ركزوا بشكل أساسي على الحصول على الدعم المالي و ذلك عن طريق نهب القبائل، بغض النظر عن ولاء هذه الأخيرة و حيادها السياسي. في الأثناء، تضاءلت الموارد، و تضاءلت الجيوش بشكل متبادل إلى درجة الاختفاء تقريبًا. في الواقع، كلا الطرفين كانا يعتمدان على الفارين من قوات بعضهما البعض.
في عام 1908 غادر مولاي عبد العزيز فاس جنوبا إلى مسرح التمرد، وسار ببطء في مسار حذر للغاية، لتجنب أي مواجهة محتملة مع العدو. في الأثناء، كان مولاي عبد الحفيظ قد قهر الشمال أيضًا، وخرج في طلب فاس. في الأخير، كان كل واحد منهم قد وصل بنجاح إلى عاصمة الآخر دون وجود أي عوائق. بعد بضعة أشهر استسلم السلطان عبد العزيز لصالح مولاي عبد الحفيظ، الذي، مع قلة من الأتباع، تمكن من قلب السلطة لصالحه.
لم يكن مولاي عبد الحفيظ هو الرجل الذي يعيد المغرب المحتضر إلى عافيته. لقد تبنى الأساليب الصارمة نفسها ضد المغاربة، وصارت حالة المغرب أسوأ من ذي قبل. في الأشهر الأولى من عام 1912، حاصرت قبائل فاس السلطان. ناشد مولاي حفيظ الفرنسيين، المثبتين بالفعل في الدار البيضاء على ساحل المحيط الأطلسي. تم إرسال بعثة استكشافية على عجل إلى فاس، وبعد أسابيع قليلة تم التوقيع على معاهدة الحماية الفرنسية، على أن يتبعها على الفور قرار التنازل عن العرش. انتقلت السلطة السياسية إلى الرباط، على الساحل، وهناك حدثت المشاهد الأخيرة لاستقلال المغرب، في أكثر صور الجشع و المساومة من جانب السلطان، و ذلك من أجل الحصول على أفضل الشروط الممكنة لنفسه.
هذه الشروط قد كلفت 40000 فرنك، و التي أعطيت له كشيك. غادر عبد الحفيظ بعدها رصيف الميناء في الرباط متوجهاً إلى السفينة الفرنسية التي كان من المقرر أن تأخذه في زيارة إلى فرنسا. في الأثناء، سلم إلى المقيم الفرنسي العام الوثيقة النهائية لتنازله عن العرش.
المصدر
كتاب المغرب الذي كان من تأليف الصحفي الإنجليزي والتر هارس.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |