رأي شخصي في ممارسة الأول من آيار

صوت الانتفاضة
2023 / 5 / 4

1- كدنا نقول كلمة "كالعادة"، الا ان ممارسة الأول من آيار هذه المرة اختلفت كثيرا، فلم تقتصر مسيرة العمال وقواهم السياسية والنقابية على التجمع في ساحة كهرمانة ومنها الانطلاق الى ساحة الفردوس، ثم التفرق والنهاية، في تقليد دأبت عليه بعض القوى اليسارية، الا ان نجاح اتفاق بعض هذه القوى وبعض النقابات والاتحادات العمالية كان قد غير من ذلك التقليد، فكان التجمع في ساحة الفردوس وبعدها الانطلاق الى ساحة التحرير، وهذه خطوة تحسب لهذه القوى والنقابات.

2- تجزئة الحركة الاحتجاجية، خصوصا ما يتعلق منها بالطبقة العاملة، وفي يومها العالمي، ممارسة غير مدروسة تماما، فقد احتفلت بعض القوى اليسارية والنقابات في أماكن أخرى في بغداد، وكان يجب ان تبدي هذه القوى بعض المرونة "الشخصية-السياسية" في احياء الأول من آيار، فالوجود المكثف غير المشتت والمبعثر يوصل رسالة واضحة لسلطة رأس المال بأن الطبقة العاملة قوة فعلية فاعلة في المجتمع وإنها موحدة، وأيضا يٌخرس بعض الأصوات "الليبرالية" التي تردد "أنتم العمال قواكم السياسية مختلفة".

3- الوجود المكثف لعمال تعديل "سلم الرواتب" كان شيئا إيجابيا، فقد اضفى تواجدهم على ممارسة الأول من آيار مسحة عمالية صافية، الا ان الشيء السلبي انها كانت بدون قيادة عمالية واعية، يلاحظ ذلك من حامل "السبيكر" الذي لم يكن الشخص المناسب في ترديد الشعارات والهتافات وقيادة الاحتجاج واعطاءها زخما معنويا، كان ساخرا أكثر منه جادا، وأيضا غاب عنها حمل اللافتات التي تحمل مطالبهم بشكل واضح.

4- الكثير من القوى "غير العمالية" حضرت هذه الممارسة، ووزعت منشوراتها، وهي ممارسة طبيعية في العمل السياسي، فليس من حق أحد احتكار هذه الممارسة او تلك؛ ومن هذه القوى كان القوميين، بعض الشباب وزع منشورا يحوي على خطاب قومي شوفيني مقيت جدا، بدأ هذا المنشور بنقطة "يجب طرد العمالة الأجنبية وحصر العمل لشباب امتنا".

5- كالعادة، وهنا يحق لنا قولها، فقد غابت المرأة العاملة عن هذه الممارسة، كان تواجدها ضئيل جدا، يكاد لا يشعر به أحد، الا من بعض النساء من القوى اليسارية وبعض منظمات المجتمع المدني، وهذا الغياب-إذا استمر- يشكل نقطة سلبية جدا ويفرض تراجعا على الطبقة العاملة ككل، ورغم ان الجميع يدرك الأسباب خلف هذا الغياب، لكن يجب تدارك هذا الوضع من القوى اليسارية والنقابات والاتحادات العمالية.

6- تداول الكثير عبارة "الناس تحتفل والعمال يشتغلون"، وهذه العبارة صحيحة إذا ما عرفنا ان عمال القطاع الخاص والأجور اليومية لم يستطيعوا التعطيل في الأول من آيار، بسبب ضعف الضغط من قبل السلطة على شركات ومؤسسات القطاع الخاص، لكنها سلطة رأس المال، بالتالي فأن هذا التبرير يسقط تلقائيا؛ المهمة تلقى على عاتق النقابات العمالية، التي يجب ان تشكل ضغطا ملموسا على هذا القطاع، بتعطيل العمل في هذا اليوم، مع دفع الأجور كاملة.

أخيرا، فأن ممارسة الأول من آيار هذا العام قد ارجعت-الى هذا الحد او ذاك- الحديث عن الصراع الطبقي، وارجعت مفردات "عمال، بورجوازية، بنك دولي، رأس مال.. الخ" والتي كانت قد خجلت منها بعض القوى اليسارية-بتأثير الفايروس الليبرالي- والتي محتها بشكل تام من ادبياتها، وانجرت خلف ثنائيات سخيفة "ليبرالية او دينية او قومية او طائفية او عشائرية"، والتي كلها تصب في مصلحة القوى المسيطرة.
#طارق_فتحي

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي