( عامر خان) يدين التطرف الديني وزرع الكراهية بين الأطياف الهندية المختلفة في فيلمه -لال سينغ تشادا -

علي المسعود
2023 / 4 / 25

( عامر خان) يدين التطرف الديني وزرع الكراهية بين الأطياف الهندية المختلفة في فيلمه "لال سينغ تشادا "



عامر حسين خان (مواليد 14 مارس 1965) ممثل ومخرج ومنتج أفلام هندية. عمل في عدد من الأفلام الناجحة نقديا وتجاريا وأسس نفسه كأحد الممثلين الرئيسين في السينما الهندية. وهو أيضا مؤسس ومالك شركة عامر خان للإنتاج . بدأ مسيرته الفنية كطفل في فيلم لـ عمه ناصر حسين بعنوان يادون كي بارات في عام 1973، بدأ احترافه الفني بعد ذلك بفيلم هولي عام 1984. كان نجاحه التجاري الأول مع ابن عمه منصور خان في فيلم قايمت سي قايمت تاك عام 1988، حصل عامر خان على أول جائزة ( فير) كأفضل ممثل عن أدائه في فيلم راجا الهندوستاني عام 1996 ،في عام 2001 قام لأول مرة بأنتاج الفيلم الذي رُشح لجائزة الاوسكار ( لاجان ) ، بعد اربع سنوات من التوقف عن العمل، قام خان بالعودة بفيلم مع كيتان ميهتا مانجال باندي : ذا رايزنج عام 2005، وفاز بـ جائزة النقاد كأفضل أداء عن دوره في رانج دي باسانتي في عام 200 . .في عام 2007 قام بأول إخراج له في فيلم تاري زاميين بار وحصل عنه على جائزة أفصل إخراج .أعمال الممثل والمخرج الهندي عامر خان تتميز في اختياره مواضيع حساسة وتبعث أفلامه رسائل مهمة وتعكس صورة مغايرة تماما للقكرة السائدة عن الافلام الهندية التي توصف بالمغالاة والمبالغة واحداث غير قابلة للتصديق . رصيد عامر خان الفني لا يعتمد على الكم بل على النوعية ، فهو يهدف إلى اتخاذ نهج مختلف يكاد لا ينافسه فيه أحد على الأقل في السينما الهندية ، و تظل منطقة الممثل والمخرج عامر خان متفردةً وخاصةً بالمواضيع التي يتناولها وبأداء يسعى دومًا أن يكون مثاليًا، فيتحدى حتى بنيته الجسدية ليلعب أدوار متنوعة .
في فيلمه الجديد ( لال سينغ تشادا) انتاج عام 2022 ، الذي يستند إلى رواية أتول كولكارني ومن إخراج أدفيت تشاندان ، حبكة بلدها الأصلي في الهند . هناك الكثير من الإثارة لتخبرك عن رجل ركض في جميع أنحاء الهند بحثًا عن المعنى . يروي عامر خان حكاية رجل متفائل بجدية رحلته عبر الحياة والحب والمعالم الهامة في التاريخ الهندي . حكاية الفيلم مقتبسة من فيلم فورست غامب لعام 1994 الذي قام ببطولته الممثل المعروف (توم هانكس) إخراج روبرت زيميكس . تبدأ أحداث فيلم عامر خان الجديد «لال سينغ تشادا» افي قطار يسير عبر البلاد ويروي لال سينغ حياته لزملائه الركاب في مقصورة الدرجة الثانية، نتابع لال سينغ تشادا (عامر خان) في رحلته حتى صار نجم مضمار جامعي، وبطل حرب وقطب أعمال وعداء مسافات طويلة وملهما، بينما يستشهد باستمرار بتأثير ومشورة حكيمة من والدته المحبوبة (منى سينغ) . يحمل الكثيرالمودة والتقدير لوالدته (منى سينغ) و المحبة الصادقة لرفيقة الطفولة المحبوبة روبا (كارينا كابور) وفيما بعد لرفيق السلاح الجندي (ماناف فيج) الذي أنقذه من الموت وتحول فيما بعد إلى صديق العمر ويدخل معه في نهاية المطاف في أعمال تجارية .
في الكثير من أفعال تصرفات لال سينغ وحتى بعض اللقطات تكرار وأعادة لفيلم زيميكس (فورست غامب) عام 1994 حرفيا تقريبا. عندما كان لال سينغ طفلا (جورفاتيه جريوال) يهرب بشكل كارثي من المتنمرين، ويتحرر من أقواس الساق الخشبية التي كانت مربوطة على ساقيه طوال طفولته، يصبح لاحقاً عداءاّ رياضياّ في المدرسة. لال سينغ طفل معدل ذكائه أقل من معدل ذكاء جميع الأطفال ، ويعاني مشكلة في أقدامه تحول دون المشي بشكل طبيعي في طفولته . تحاول والدته أن تعوضه من خلال منحه الثقة بنفسه وتعلمه الخير والمحبة. تعتقد منى سينغ أن ابنها (لال سينغ) ذكي جدا، يلتقي روبا دي سوزا (كارينا كابور) في المدرسة، وكانت تعاني من تصرفات والدها سكيرا، وبعد أن يرتكب جريمة قتل والدة الطفلة روبا ويحكم عليه بالسجن تتولى الام ( منى سينغ) رعايتها . منذ طفولتها تعيش روبا في فقر وتحلم بالزواج من رجل غني وتخطط لتحقيق هذا الحلم ، وتبدأ الخطوة ألاولى من عروض الأزياء ، وتطمح في أن تكون نجمة سينمائية، لكنها تنحرف وتدخل في دوامة عالم المافيا وقذارته. يحارب لال سينغ تشادا من أجل انتشالها وإنقاذها من هذا الوحل لكنها لا تبالي لتحذيراته، هدفها الوحيد في الحياة هو الثراء ، لذا تشد الرحال إلى مومباي لدخول عالم السينما، لكن ينتهي بها المطاف عشيقة لمنتج له صلات بعالم العصابات والجريمة. في الوقت نفسه يلتحق لال سينغ في الجيش الهندي ويشارك في حرب كارجيل، ويحصل على ميدالية الشرف لشجاعته، هناك يلتقي بالأراجو (ناغا تشايتانيا) رفيقه في السلاح . ويطور صداقته مع بالاراجو المهتم بمشروعه التجاري الخاص بصناعة الألبسة الداخلية، وويخطط في الشروع بفكرة العمل التجاري بمجرد مغادرته الجيش ، لكنه يقتل في الحرب قبل تنفيذ فكرته أو مايطمح اليه . يترك موت صديقه جرحا عميقا في نفس لال سينغ . بعد خروجه من الجيش ينغمس في العمل وتنفيذ مشروع صديقه وتحقيق حلمه ورعاية عائلة صديقه .
فيلم «فورست غامب» يتتبع آثر رجل يعاني من إعاقة عقلية عبر عدة عقود، حيث يؤثر عن غير قصد في الأحداث الرئيسية في التاريخ الأمريكي، وإعادة التذكير بأيقونات مثل الفيس بريسلي ورؤساء الولايات المتحدة جون كينيدي وليندون جونسون وريتشارد نيكسون ومن خلال المؤثرات البصرية المبتكرة للمخرج زيميكس، بحيث كان الفيلم يعكس الفيلم العديد من اللحظات التاريخية الرئيسية بما في ذلك حرب فيتنام، ومسيرات الرفض والاستنكار لهذه الحرب وغيرها من الأحداث التاريخية الفعلية، التي ألهمت بعض مغامرات فورست.
في حين أن النسخة الهندية "لال سينغ تشادا" تعالج مواضيع عديدة، ومحورها الرئيسي الاحتراب الطائفي والاضطهاد الديني والاضطرابات التي رافقت اغتيال رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي، على يد حراسها الشخصيين من السيخ في عام 1984 والذي أدى إلى إندلاع أعمال الشغب العنيفة ضد السيخ . ويتعين على لال سينغ وهو من السيخ أن تقص أمه شعره ويختبئ لتجنب موجات الكراهية العنيفة التي تجتاح البلاد
في فيلم روبرت زيميكس «فورست غامب» تشارك الشخصية الرئيسية في الحكمة الشعبية القائلة، إن الحياة تشبه علبة من الشوكولاته ، في حين النسخة الهندية لال سينغ تشادا التي أخرجها لأدفايت شاندان، لا يحمل المسافر لال سينغ صندوقا من الشوكولاته، بل صندوقا من الغولغابا (وجبة خفيفة لذيذة شهيرة) ، ويطرح التطور في فلسفة البطل لا يتحدث عن عشوائية الوجود، بل عن شهوة الحياة التي تساعده على تحمل الخسارة الهائلة التي تكسره بل تقويه . يلعب نجم بوليوود عامر خان الذي سبق وشاهدناه في «3 أغبياء، دانغال» دور البطولة، باعتباره يتمتع بروح البراءة التي يتمتع بها سلفه الأمريكي، وهو طفل بطيء الذكاء والحركة يتعثر بالكلام لكنه متفائل إلى الأبد في الحياة ويفكر في نفسه. ليس من قبيل المصادفة أن تكون الشخصية من السيخ، لأن المخرج أراد أن يصور الصراعات الأكثر دموية والمخجلة في البلاد، مثل عملية «النجم الأزرق» عام 1984 وأعمال الشغب اللاحقة المناهضة للسيخ أو حرب كارجيل عام 1999 في كشمير. الفنان عامر خان يأخذ أمورة المهنية بشكل جدي للغاية، وهذا أمر معروف عنه في الوسط الفني في بوليوود، فهو عندما يقدم شخصية ما يحاول أن يصل إلى أهم نقاطها المخفية سواء بشكل نفسي أو جسدي ، في هذا الفيلم الممثل عامر خان حاول المخاطرة بمظهره في تجسيد شخصية لال سينغ تشادا وقد اضطر إلى الجري لمسافة 13 كيلومترًا كل يوم ولمدة 10 أيام ، وعمل على فقدان ما يصل إلى 20 كيلوجرامًا من وزنه، ليتناسب جسده مع الشخصية المحورية في بداية الفيلم لتصوير أجزاء من لال سينغ تشادا، وبما أنه تطلب حالة بدنية قوية للساق كان على الممثل أن يتناول جرعة ثابتة من مسكنات الألم .
تم تصوير الفيلم في جميع أنحاء الهند، ويعرض بفخر كل شيء عن حقول الخردل في البنجاب والمناظر الرائعة الجمال لنيودلهي (تساعد في ذلك جولات لال سينغ، والركض لمدة أربع سنوات في جميع أنحاء البلاد، ولا بد من الإشارة إلى لوحات التصوير السينمائي لساتياجيت باند . وكذالك الموسيقى التصويرية تضمنت أغاني باللغات الهندية والبنجابية والتاميلية والتيلوغو من الملحن البنغالي بريتام، بالإضافة إلى التنوع في اختيار الممثلين والطاقم، والغرض منه هو إظهار الهند أمة متنوعة. يدمج سيناريو أتول كولكارني المقتبس بين الحقائق والخيال بحيث استطاع أن يوائم مع القصة الأصلية ، السياق الاجتماعي والسياسي والثقافي للهند، دون أن يكون هناك انحياز لفئة على حساب أخرى. كما نجح الفيلم في إدانة التطرف الديني الذي يزرع الكراهية بين الأطياف المختلفة، وكشف بعض الأحداث بسبب هذا الاحتقان الديني والطائفي وأعمال الشغب الدينية. يلمح المخرج إلى ميل بطل الرواية إلى الخير والعطاء. كما يؤشر البطل لال سينغ خلال رحلته، إلى الحرب وانتشار العنف بشكل عام، ومخاوف الناس الآمنين من اتساعها، ويؤكد أهمية السلام والمحبة، تبدو تلك القيم أكثر أهمية في التأثير مما كانت عليه في النص الأصلي «فورست كامب» للروائي وينستون غروم الذي تم تكييفه من قبل إريك روث، بينما كانت حرب فيتنام تحدث على بعد آلاف الأميال من الأراضي الأمريكية، في حين ، وقع القتال والدمار في هذا الفيلم داخل البلد نفسه .

رساله الفيلم الإيجابية تدعو إلى السلام ونبذ الحرب، بالإضافة إلى قصة الحب بين لال سينغ وروبا التي يمنحها المخرج حيزاً كبيراً في الفيلم . فيلم ينطق بتأملات حول الحياة والحب والأخلاق والمصير .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي